لا أعرف على وجه الدقة ما هو العمر السياسي للنائب مطشر السامرائي، ربما عشق هذه المهنة منذ ريعان الشباب، أو أنه تعلق بها في السنوات الأخيرة! لكنه حتما لايزال يصر ان يخرج علينا بين الحين والآخر ليبث همومه ومصاعبه في خدمة الوطن والتي تتطلب منه جهدا يأخذ من وقته الثمين الكثير.. السيد النائب كشف لنا عن سر خطير، فقد اتضح أن مشاكل نوابنا الأفاضل يمكن أن تحل، لو أن الشعب العراقي "الدايح" تواضع قليلا، واستمع إلى نصائح البعض من نوابه الذي اكتشفنا لحسن الحظ أنهم يتعاطفون مع هذا الشعب "البائس" حسب قول نائبنا السامرائي.
حديث النائب دليل على أن في الساحة السياسية العراقية الكثير من المضحكات التي تستحق أن نذرف الدمع سخريةً وحزناً، على بعض السياسيين وتصرفاتهم، واكتئاباً من مواقفهم غير الناضجة، ورفضاً لسلوكهم الذي لا يحترم الناس، فالناس في النهاية تريد سياسيين حقيقيين يسعون لخدمة العراق وليس سياسيين يعتبرون الشعب شر لابد منه.
للأسف هناك من يعتقد أن الظهور الإعلامي،، يكفي لكي يحول أي شخص إلى سياسي، وهذا ما وقع به الكثير من النواب الذين تصوروا أن الفشل في الحياة يمكن أن يفتح لهم أبوابا في مجالات أخرى ولتكن السياسية..
هنا أنا أرصد الحالة من خلال المقابلة التي بثتها قناة الاتجاه قبل يومين، والتي تكشف أن النائب مطشر فاته أن يدرك أن السياسي هو مجموعة محصلات من الموهبة والقدرة والخبرة والتفاعل المستمر من وقت مبكر عبر آليات وكيانات، وهو كذلك تعبير عن فئة قبل أن يكون تجسيداً لطموح شخص.. فالسياسي الذي يعبّر عن رغباته فقط يبقى معلقاً في الهواء الطلق، ومن ثم حين تعصف به عبارة أو كلمة فإنه لا يتحمل نفخة، فنراه يتلعثم ويعتذر ويتراجع، مثلما سيحدث حتما للنائب السامرائي حين خرج عن طوره في قضية تقاعد النواب وصال وجال رافضا المساس بامتيازاته حتى لا يتحول إلى مواطن " دايح " مثل باقي المواطنين.. ولعل الذاكرة لاتزال تحتفظ بالعبارة الشهيرة لرئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني الذي خرج علينا ذات يوم منتقدا الدستور لأنه يضم مواد تحترم الحريات فقال بالحرف الواحد " نحن عندنا تبويب للدستور، لأن هذه الفقرات تخرب المجتمع وتؤدي إلى نشوء جيل (دايح) "على حد تعبيره.
أؤمن كما يؤمن غيري كثيرون أن أفكار وخطب العديد ممن يعملون في مهنة السياسة لو تم إلقاؤها على شعب آخر لأصيب معظمه بنوبات هسترية من الكآبة والشيزوفرينيا.. ودعوني أسال النائب المتباكي على امتيازاته، لماذا لم نسمع له صوتا يدين به عمليات السرقة والنهب للمال العام التي تمارسها جهات سياسية محسوبة على البرلمان والحكومة؟، لماذا ينعقد لسانه وهو يرى مجالس المحافظات تنهب أموال الفقراء على مشاريع وهمية؟أليس ما جرى خلال السنوات الماضية خديعة وإخلالا ببنود العقد بين الشعب ومجلس النواب؟ أليس هذا باطلا يريد البعض أن يقلبه حقاً، لأنه يخدم أحلامه ومصالحه؟!
والآن دعوني أتساءل هل يصغر العراق ويتضاءل ويتراجع لو أن النائب مطشر وأمثاله اعتزلوا السياسة وتفرغوا لمشاريعهم الخاصة؟
السؤال بصيغة أخرى: هل كان العراق صغير أو ضئيلا وهزيلا قبل أن يقرر السيد مطشر الدخول إلى العمل السياسي.. ثم تعملقت وتضخمت البلاد فجأة مع حصول مطشر وإخوة له مقاعد في البرلمان؟
بالطبع لا.. كما أنه من المؤكد أيضا أن البعض من ساستنا الأشاوس لا يدركون جيدا أهمية وثقل العراق ولا يحترمون تاريخه وعمقه الحضاري، فهم لايزالون أمام المنصب والمال مثل الصغار يتقافزون ويصرخون بإيقاعات مثيرة للضحك والرثاء معا.
أقسم بالله العظيم أن العراق وشعبه أكبر بكثير من خاطفيه الذين احتلوا حنجرته فشوّهوا صوته وصورة أبنائه.
برلمانيون في ثياب البؤس
[post-views]
نشر في: 6 سبتمبر, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
ابو هبة
الزملاء في المدى المحترمين أرسلت إضافة على ما طرحه العلامة عفوا البرلماني المحنك مطشر ولم أجده يعرض هل إضافتي خدشت مشاعر البرلماني ام ماذا السبب أريد جوابا على بريدي رجاء. مع التقدير ؟؟ ابوهبة / المهجر