عن طريق المصادفة، حصل عبيد على امتياز بان يكون مقربا جدا، من احد كبار الإقطاعيين في الجنوب، قبل تشريع قانون الاصلاح الزراعي، وفرض إجراءات الاستيلاء على أراضي الأقطاع، وتوزيعها بين الفلاحين، عبيد لازم "المحفوظ" في سنوات نفوذه، ولإجادته القراءة والكتابة وحفظ السور القصيرة من القرآن الكريم، نال ثقة سيده، وتمتع بصلاحيات واسعة في إدارة حساباته، ومتابعة الفلاحين، لتسديد ما بذمتهم من ديون لصالح المحفوظ، وفي حال امتناعهم يتعرضون للاهانات والتلويح بالتهجير القسري، وجدولة الديون بإضافة فوائد سنوية على طريقة حسابات عبيد المخالفة للمعايير صندوق النقد الدولي، والرجل بحرصه الشديد على بذل الغالي والنفيس لخدمة "المحفوظ" اثار سخط ابناء عشيرته ، فاجلوا غضبهم والاقتصاص منه الى وقت اخر ليلقنوه درسا لن ينساه جراء ممارساته التعسفية بحق المستضعفين.
عبيد قبل ان يشغل منصبه مستشارا، دخل لمضيف سيده، اثناء اداء الصلاة، وسمعه يردد "هدني على الصراط المستقيم " وما ان انتهى المحفوظ من صلاته حتى بادره عبيد بالقول "عمي الله يعلي يسعودك اهدنا الصراط المستقيم" حتى تكون صلاتك مقبولة، فتركت النصيحة اثرا طيبا وكانت فرصة مناسبة للتقارب، وفتحت افاق التعاون المشترك بين الطرفين، واثر ذلك حصل التحول، واخذ "المستشار" يحتل صدارة الديوان، في إدارة الجلسات المسائية، والتحدث بلهجة الآمر مع الحاضرين لتنفيذ وصاياه في بذل اقصى الجهود لزيادة انتاج "الطعام" يقصد الحنطة والشعير، لمضاعفة الوارد لتحقيق الفائدة المادية للجميع، ويجعل" المحفوظ" راضيا وممتنا من فلاحيه المضطرين للحضور الى المضيف لشرب فناجين القهوة، وانتظار كرم عبيد برمي كيس "التتن" الخاص به لمن يرغب في التدخين.
استراتيجية المستشار عبيد في التعامل مع الفلاحين اعتمدت الرغيب والترهيب، فهو يكون ناعما مثل حبة الدخن، حين يتسلم جزءا من الديون المتراكمة يستقطع منها حصته بوصفه يتلك صلاحية وزير مالية، واحيانا يتقمص دور سياف الخليفة، لانزال العقوبة بمن يستحقها، فهو لا يتردد إطلاقا من استخدام السلاح الأسود "العكال" في ضرب الخارجين عن القانون و"السناين" السائدة في ذلك الوقت، والمعروفة بانها وضعت لخدمة مصالح "المحفوظ" وغيره.
ما صدر في العراق بعد الرابع عشر من تموز في العام 1958 من قرارات تتعلق بالقطاع الزراعي وتوزيع الاراضي بين الفلاحين، جعل "المحفوظ" يتوارى عن الأنظار، فيما حلت اللعنة على رأس المستشار عبيد بوصفه من رموز النظام المباد، بمطاردته في حله وترحاله، ولكنه و بمساعدة الخيرين ضمن امنه الشخصي بالاعتذار عن كل ممارساته السابقة بحق أبناء عشيرته، والسير على الصراط المستقيم في العهد الجمهوري، وفي العراق الجديد توجد مئات النماذج من نسخة المستشار عبيد، تقدم المشورة لصانع القرار للثبات والسير على الصراط المستقيم.
المستشار عبيد
[post-views]
نشر في: 7 سبتمبر, 2013: 10:01 م