TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من سيصوّت للمالكي؟

من سيصوّت للمالكي؟

نشر في: 8 سبتمبر, 2013: 10:01 م

الأسبوع الماضي صدرت معظم الصحف البريطانية تحت عنوان "البرلمان يخذل رئيس الوزراء" فيما جريدة حزب المحافظين الذي يرأسه رئيس الوزراء، كتبت على صدر صفحتها الأولى افتتاحية تحيي فيها الديمقراطية البريطانية الراسخة، وفي الأسابيع الماضية أيضا خرج البرازيليون للمطالبة بإعادة رئيسهم السابق "لولا دا سيفا" للسلطة لأنهم شعروا بأنهم مع هذا الرجل قدموا للعالم صورة مغايرة للزعامات..ففي الوقت الذي كان فيه بعض الرؤساء يلقون الخطب الرنانة لشعوبهم، عرفت البرازيل مع رئيسها السابق ازدهارا لم تعرفه من قبل.. فقد أعطى الفقراء وعدا وقطع لهم عهدا.. لم يكذب عليهم ولم يركب على أكتافهم..، وبينما يصر البعض على الاستمرار في السلطة حتى النفس الأخير، مشى "لولا " حتى اليوم الأخير من حكمه مؤمنا بالدستور رافضا أن يغيره لصالحه فيبقى رئيسا لولاية ثالثة مثلما يتمنى معظم أهالي البرازيل.
هذه هي الأخبار التي أمامكم، أما أخبارنا فحدّث ولا حرج: معارك الساسة ضد الناس، وعنف الناس في ما بينهم، وصلافة البعض ممن يعتقدون أن بناء النظام يتم بطريقة خطف الكراسي والتسلل إلى مؤسسات الدولة بشعارات كاذبة،. والآن هل كثير علينا نحن أبناء هذا الوطن المنكوب، أن يخرج علينا رئيس مجلس الوزراء ويُجيب على تساؤل مهم: لماذا يرفض الذهاب إلى البرلمان؟ وهل من حقنا أن نعرف هل قرر المالكي البقاء في السلطة وأنه يبحث الآن عن الوسائل التي تقوده إلى هدفه؟! هذا السؤال الذي يتردد اليوم بقوة خصوصاً بعد أن خرج علينا أعضاء في دولة القانون ليقولوا بوضوح،لا للاستجواب ولا لإقالة رئيس مجلس الوزراء، ولا لمحاسبة القادة الأمنيين.. وأريد من أصحاب "اللاءات " أن يخبرونا هل قرروا أن يجعلوا من البرلمان مجرد صورة لديمقراطية زائفة؟
وأتمنى ونحن نتابع معا صولات السيد المالكي ومقربيه مع البرلمان، أن نلاحظ، ما تكتبته الصحف البريطانية عن خيبة امل كاميرون وانتصار البرلمان البريطاني.. وان نتمعن جيدا في قوة المجالس النيابية في العالم التي تقف سدا منيعا في وجه القرارات الفردية للحكام.. لماذا؟ لأن هذه الشعوب، زعيمها الحقيقي ليس الرجل الجالس على الكرسي، وإنما القانون الذي يعلم الجميع ساسة ومسؤولين ومواطنين ما هي واجباتهم، وأين تنتهي حقوقهم!
بينما العنوان في صحفنا الرسمية وشبه الرسمية هو واحد لا يتغير " نجاح الخطة الأمنية " فلتحيا الحكومة إذاً.. وعلينا جميعا ان نتمنى على البرلمان كما طالبتنا صحيفة الحزب الحاكم أن يكف عن التدخل في شؤون الحكومة.
ما أسهل أن تدغدغ مشاعر البسطاء من الناس بالأحلام الخادعة، وما أسهل أن يصدقك السذج.. لكن ما أصعب أن تنجو من ثمن عدم صدقك.. يجيب الرئيس البرازيلي على سؤال لأحد الصحفيين عن الدرس الذي تعلمه خلال سني حكمه الثمانية قائلا: إن الناس اختارتني ليس حبا في تاريخي النضالي، ولا عشقا للشعارات التي رفعتها، بل من أجل أن يتحول خطاب التغيير الذي صدعت به رؤوسهم إلى واقع ملموس، وهو ما أدركته منذ اليوم الأول لدخولي قصر الرئاسة.. فأخترت أن أبدأ بتحقيق أحلام الناس بأفكار شديدة البساطة مراعيا أن أكون حذرا كي لا أدفع ثمن الفشل.
عندما تحقق له النجاح في دورته الأولى أصبح "لولا" متأكدا أن الفقراء الذين جعلهم في المرتبة الأولى من اهتماماته سيكونون نصيره الوحيد للحصول على فرصة رئاسية ثانية.
دارسو الحالة البرازيلية يعتبرون انتخاب الرئيس "لولا دا سليفا" عام 2002 شكّل انتقالة مهمة في حياة البلاد، وخاصة عندما أطلق في مطلع عام 2003 برنامجه الشهير "الجوع صفر"، أي "القضاء على الجوع" الذي ربط فيه بين تقديم مساعدات مالية للأسر الفقيرة وبين دخول أبنائها إلى المدارس، وكان هذا البرنامج قد طال حوالي أكثر من نصف سكان البرازيل منذ بداية تطبيقه.
الآن.. الناس في بريطانيا صفقت لشجاعة البرلمان..فيما نحن نعيش في ظل ساسة لا يريدون أن يتعلموا من تجارب الشعوب.. ويصرون على أن نقرأ في الصحف مانشيتاً واحداً لاغير: " صوتوا للمالكي لدورة ثالثة فهو وحده القادر على الوقوف بوجه البرلمان "!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. حداد قدوري

    اعمدتك يجب ان تنقش بالذهب يا فارس الكلمة الصادقة .. انت كاتب يحترم نفسه وقراءه .. بارك الله فيك وحماك

  2. سليم الخطيب

    اْقرا للسيد علي كتاباته وكثيرا منها عن رئيس الوزراء نوري المالكي وهو حر في ذلك واحترم ارائه كثيرا ولكن اوجه سؤالي للسيد الصحفي هل المالكي وحده سر البلاء في العراق واذا استبدل المالكي هل يعود الامن للعراق وتمحى التفجيرات من ذاكرتنا وهل سينتهي الفساد كليا

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram