اختطاف الأوطان والشعوب جرائم، باتت معروفة وسائدة في المنطقة العربية على وجه التحديد ، والشواهد كثيرة ، وابرزها تسخير الديمقراطية لصالح جهة معينة ، وخير شاهد على ذلك ، ما أفرزته الساحة السياسية العراقية، بنسختها الديمقراطية الجديدة من مظاهر، تشير بوضوح الى حالة اختطاف الوطن والشعب ، عندما ادعت كتلة نيابية معروفة بنفوذها الحكومي والنيابي، بانها صاحبة الحق في منح صكوك الغفران للدخول الى الجنة .
من يتابع تصريحات أعضاء تلك "الكتلة الناجية " يلمس وبشكل لا يقبل اللبس، أنها امتلكت تقرير مصير العراقيين ، لاعتمادها برامج تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية ، وبناء مؤسسات الدولة وتمسكها بالدستور للحفاظ على النظام السياسي ، وتوطيد الديمقراطية باحترام ما تفرزه صناديق الاقتراع و مبدأ التداول السلمي للسلطة ، لطي صفحة الانقلابات العسكرية الى الأبد ، وسرعان ما تبددت تلك التصريحات "الادعاءات" على ارض الواقع في ظل اندلاع واستمرار أزمة سياسية ، وبروز خلاف عميق بين الأطراف المشاركة في الحكومة وصل الى تخوين الشركاء ، فاضطربت الساحة السياسية وسط تراجع امني وارتفاع وتيرة أعمال العنف.
أصحاب صكوك الغفران روجوا لفكرة الدخول الى الجنَّة عبر بواباتهم ، لامتلاكهم وسائل، تسهم في إقناع الآخرين بأفكارهم وتوجهاتهم ، فعن طريق تفسير الدستور قضائياً تشكلت الكتلة الأكبر صاحبة الحق في طرح مرشحها لتشكيل الحكومة ، وإبعاد أعضاء من مجالس المحافظات ، تمهيدا لإعادة خريطة التحالفات في الحكومات المحلية للاستحواذ على المناصب ، وبذلك تكون صكوك الغفران بيد الكتلة الناجية ، وليس بين المعارضين من يرتفع صوته لفضح الأكاذيب .
صكوك الغفران لضمان دخول العراقيين الى الجنَّة ، طرحت منذ سنوات في محاولة لضمان المكوث الأبدي في السلطة ، ولإحباط مخططات أعضاء الكتلة الناجية صاحبة الصكوك بإمكان المعارضين من الكتل الأخرى والقوى السياسية صاحبة المواقف المنددة بالأداء الحكومي ، والساعية الى تحقيق "جنّة أرضية" للشعب العراقي ، شراء صكوك جهنم ، لتنقذ عباد الله من ادعاءات ومزاعم من يتولى مقاليد السلطة، وتحرير الوطن من الاختطاف.
السيدة علاهن بنت زاير خشان ، تركت حكاية مازال الأحفاد يتذكرونها بكل تفاصيلها، فعندما سرق الحرامية بقرتها في ليلة ممطرة حشدت جهود الأهل والأقارب لإعادتها ، ولم تجد استجابة منهم لمطاردة السراق ، فأخذت على عاتقها تنفيذ الصولة ، متسلحة بالفأس والمنجل ، واقتفت الأثر بمساعدة عدد قليل من النساء، لان الرجال في تلك الليلة ، تجاهلوا استغاثات علاهن ، وفضلوا النوم في الصرائف فالدفء في تلك الساعة المنبعث من بقايا موقد" المطال " لايقارن ببقرة ابنة زاير خشان، وفي الصباح وصلت علاهن الى السلف مع بقرتها، فاستقبلت بالهلاهل ورصاص بنادق الزلم الخشنة، فردت على حفاوة الاستقبال بعبارة تحمل الكثير من المعاني " غير صالحة للنشر" ، ولكنها تصلح للوقوف ضد "الكتلة النيابية الناجية " لإحباط سعيها في تنفيذ مخطط اختطاف الوطن.
اختطاف وطن
[post-views]
نشر في: 9 سبتمبر, 2013: 10:01 م