TOP

جريدة المدى > تقارير عالمية > لورنس العرب: ما يزال مثار البحث

لورنس العرب: ما يزال مثار البحث

نشر في: 10 سبتمبر, 2013: 10:01 م

مضت أعوام الحرب العالمية الاولى 1914-1918، والاستخبارات الاميركية في الشرق الاوسط حاضرة في شخص واحد يدعى ويليم ييل-29 سنة، يعمل في شركة نفط، وكان بيل، قدم طلباً الى الخارجية الأمريكية يعرض فيها خدماته عليها، خاصة وان موعد تجنيده العسكري كان قد حان وك

مضت أعوام الحرب العالمية الاولى 1914-1918، والاستخبارات الاميركية في الشرق الاوسط حاضرة في شخص واحد يدعى ويليم ييل-29 سنة، يعمل في شركة نفط، وكان بيل، قدم طلباً الى الخارجية الأمريكية يعرض فيها خدماته عليها، خاصة وان موعد تجنيده العسكري كان قد حان وكان قد طاف في أرجاء الامبراطورية العثمانية، ولكنه كان شبه جاهلاً تأريخياً.

وكما كتب لاحقاً، (كنت اجهل كافة المعلومات عن خلفيات مشاكل المنطقة، والتي كان عليّ تعلّمها ومنها طبيعتها، اقتصادها والنظام الاجتماعي) ولأن الخارجية الامريكية لم يكن لديها معلومات عن تجربتي، بادرت الى الموافقة على عودتي الى الشرق الاوسط، كوكيل خاص.
ويليام ييل، احدى الشخصيات التي يتناولها سكوت اندرسون في كتابه (لورنس في الجزيرة العربية) حرب خداع، حماقة امبريالية، وصناعة الشرق الاوسط الحديث). ويحاول اندرسون فيها، كشف جهل الامريكيين بتاريخ الشرق.
وبعد وصول ييل الى القاهرة، بدأ عمله الجديد وتمكن من ايجاد منفذ الى النشرة البريطانية الاسبوعية بعنوان، (النشرة العربية)، والتي كانت تلخّص كافة المعلومات التي يتم جمعها من ارجاء الشرق الاوسط، وييل الذي كان مايزال يتقاضى مرتبه السابق من شركة (ستاندر اويل) في نيويورك، دقق جيداً في اسعار النفط.
كما انه كسر وعده للبريطانيين، ونقل تلك المعلومات الى وزارة الخارجية الامريكية، وييل ليس الوحيد الذي يشمئز القارئ من افعاله، فهناك ايضاً آرون آرونسوهن، عالم نبات، جاسوس ضد العثمانيين وصهيوني متحمس. وكان عمله تنسيق ومتابعة حلقة التجسس البريطانية في فلسطين، لان بريطانية كانت تتقبل افكاره حول اقامة دولة يهودية في فلسطين، بعد الحرب، اما اهتمامه بالزراعة، فكان ايضاً مفيداً، لان بناء دولة اسرائيل سيتطلب بالتأكيد معلومات قيمة حول نوع التربة والمزروعات ايضاً، وكان بعض اليهود في اوائل القرن العشرين وجدوا في (الصهيونية)، نزعة ضد السامية، ومحاولة للقول ان اليهود في مختلف انحاء العالم لا يحسون بالولاء لأوطان التي يعيشون فيها.
وبعد ان تم اخلاء يافا من سكانها قبل هجوم الجيش العثماني، بدأت بريطانيا، وآرونسون بنشر ادعاءاتها من ان الامر موجّه ضد اليهود، وان هناك موجة عنصرية ضدهم وتريد تصفيتهم. وقد اثارت تلك المحاولات الرأي العام العالمي، واهتم ملايين من الامريكيين بضرورة الانتصار على الامبراطورية العثمانية، وذلك باثارة العرب.
ولكن اجندة اقوى قوتين أوربيتين استعماريتين كانت تعمل لصالح رجال القبائل العربية، وقبل انتهاء الحرب العالمية، كانت كل من بريطانيا وفرنسا قد قسّمت الشرق الأوسط بينهما، عبر الاتفاقية الشهيرة، (سايكس-بيكو)، وكانت بريطانيا وعدت في مراسلاتها مع الامير حسين، منح بعض الاراضي له، وكان آنذاك قائداً للقبائل العربية في الحجاز.
وكان من بين صفوة الجيش البريطاني، كولونيل شاب يدعى، (توماس إدوارد لورنس)، وكان يتميز بمظهره الشاب وطول قامته، وكان من يراه يتصوره مازال في أولى سنوات شبابه.
وبعد العمل والعيش في (قرقميش)، بدأ يتذمر من خشونة وغرور الاوربيين في الشرق الاوسط، وكان في رأيه، ان الاجانب يأتون الى هنا دائما لتعليم الناس، في حين ان من الأفضل لهم أن يتعلموا).
وما أن بدأت الحرب حتى ترك لورنس عمله المكتبي في القاهرة، ليقوم بمهمات مختلفة في الشرق الاوسط، وقد تأثر كثيراً باعداد القتلى في معركة بالعراق عام 1916، وكتب بعدها، (كلّ الفوائد التي نحصل عليها لا تعادل جندياً بريطانياً واحداً ميتاً).
اما بالنسبة للقادة العسكريين البريطانيين على اي حال، ان النصر كان يستحق تقديم اعداد كبيرة من الجنود للموت.
وفي معركة باسجينديل، مثلاً، كانت خسارة بريطانيا لـ70,000 جندي، تمثل موت جندي تعادل إنجين من الارض انتزعت من الالمان.
وقد حارب لورنس حرباً مختلفة عن تلك التي نشبت في الجبهة الغربية، اذ تولى قيادة مجموعة من رجال القبائل العربية، يتحركون عبر الصحراء للتجسس على الحصون التركية وخطوط امداداتها، الامدادات عبر الشرق الاوسط. ويقول الباحث اندرسون، ان هناك سبباً واحداً لشهرة لورنس وتحوله بسرعة الى اسطورة، كان اعطاء البريطانيين شيئاً من اللمحة الرومانسية وسط الاخبار التي لا تتحدث الا عن القتلى في الحرب وأعدادهم.
كما انه يؤكد على شجاعة لورنس في الدفاع عن سياسة قادته، وكان لورنس طريقة سهلة في رفض البرقيات التي تحمل اوامر تناقض خططه، وعندما علم ان وعود بريطانيا للامير حسين بشأن انشاء دولة عربية مستقلة، كانت مجرد أكاذيب، اتخذ خطوة ضد مصالح بلاده، بكشف كافة بنود معاهدة سايكس-بيكو للحسين وابنه فيصل.
ويمزج اندرسون في بحثه، قصص لورنس وآرونسوهن وييل، لخلق مناخ غني لسرد الالية الاوربية بالتفصيل وبأسلوب جذاب، في تلك المرحلة الزمنية الصعبة، الزاخرة بالأحداث المهمة.
إن السيرة الذاتية التي كتبها لورنس، تحمل عنوان (أعمدة الحكمة السبعة) ولكن عنوانها الثانوي كان (نصر) ومع ذلك فمن الصعب عدم الاحساس بالمأساة، عند قراءتها، فبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، كان لورنس في باريس عام 1919 لحضور مؤتمر السلام، بعد ان حصلت كل من بريطانيا وفرنسا على (الغنيمة الكبرى) إثر تقسيم الشرق الاوسط، ونسيان وعودهم السابقة للعرب.
ان كتاب اندرسون يوضح اصول بعض النزاعات التي ماتزال حاضرة في الشرق الاوسط، ويبدو أمراً مثيراً للاستغراب، ان بعض القادة العسكريين الامريكان يقدرّون وجهة نظر لورنس، وان الجنرال ديفيد بيترايوس، امر ضباطه الكبار بقراءة كتاب لورنس (27 مقالة) الذي يقدم فيه النصائح لكيفية التعامل مع البدو.
وما غاب عن بال بيترايوس بوضوح، هو ان لورنس كانت نصائحه تخص كيفية التعامل مع البدو، حيث كانت نسبتهم اعلى آنذاك، في حين ان غير البدويين في عراق اليوم بنسبة 98% من السكان، أي انهم يفضلون طريقة اخرى مختلفة في التعامل معهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

السحب المطرية تستعد لاقتحام العراق والأنواء تحذّر

استدعاء قائد حشد الأنبار للتحقيق بالتسجيلات الصوتية المسربة

تقرير فرنسي يتحدث عن مصير الحشد الشعبي و"إصرار إيراني" مقابل رسالة ترامب

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

 ترجمة / المدى في الوقت الذي ما تزال فيه أوضاع واحتياجات النازحين والمهجرين في العراق مقلقة وغير ثابتة عقب حالات العودة التي بدأت في العام 2018، فإن خطة برنامج الأغذية العالمي (FAO )...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram