(1)ليس صحيحاً ما يتبادر الى الذهن ويستقر في الوعي العام، من ان كل ما يحيط بنا من مظاهر سلبية، تتعلق بالفساد والتفسخ الاخلاقي القيمي وانعدام الذمّة والضمير، هو وجه من وجوه المسلم والدين الاسلامي.والمؤسف ان هذا الاسقاط وتداعيات المشهد هو من بين النتا
(1)
ليس صحيحاً ما يتبادر الى الذهن ويستقر في الوعي العام، من ان كل ما يحيط بنا من مظاهر سلبية، تتعلق بالفساد والتفسخ الاخلاقي القيمي وانعدام الذمّة والضمير، هو وجه من وجوه المسلم والدين الاسلامي.
والمؤسف ان هذا الاسقاط وتداعيات المشهد هو من بين النتائج العرضية لما اقدم عليه البعض من تلفيق ما عُرف بـ " تيار الاسلام السياسي" بإدعاء إحياء الاسلام، وكأنه في حالة " نزع " أو "تحللٍ وتفكك "، يتراخى اكثـر من مليار مسلم في مختلف بقاع الارض في الدفاع عن حياضه، وبعث قيمه الانسانية. وهو ما يتحمل وزره ادعياء حمل رسالة الاسلام من كل المذاهب، ومن كل فج عميق أو ضحل.
وسواء كان الانسان قد اهتدى الى الاسلام، او ولد على دين آخر، فان معرفة سطحية بجوهر الرسالة المحمدية واصولها، والقيم الاخلاقية - الاجتماعية التي نص عليها القرآن، تكفي لمعرفة العلّة في هذا الخلط و" التشبيك" بين الاسلام كـ " دين " معرفي، وما يتعرض له من تشوهات، وتنصيصات محرفة التفسير، تبرر ارتكابات ما انزل الله بها من سلطان، في اطار " الاسلام السياسي " وقياداته ودعاته .؟
واذا ما تجاوزنا الخيار الديني الكلي، وتوقفنا عند " ظاهرة الفساد " كواحدة من المظاهر التي اصبحت جزءاً عضوياً لا يتجزأ من نسيج دولتنا وقياداتها والمتنفذين فيها. فهل لها ولأوبئتها المنتشرة، أية علاقة رحمٍ بالاسلام وجوهر الدين الاسلامي،ونصوص شريعته، ومآثر رجالاته وامثولاتهم الانسانية الفذة . ؟
هل كل هذا، ما دمنا نستظل، بعد حرمان اربعة عشر قرناً من المظلومية التاريخية، بافياء "مختار" تصدّأ سيفه من اللوعة على آل البيت، ورهطٍ من قادة وشيوخ واشباه متدينين، تلفعوا بعباءة الحسين، يتساير مع استذكار سير الائمة والاولياء وصحابة الامام علي وابي ذر وسلمان الفارسي وما اشاعوه بين الناس، وهم يقارعون الفساد الذي انتشر في صدر الاسلام من منصة خلافة معاوية ابن ابي سفيان ومن والاه وتولى وراثته ..!؟
وكيف تستوي المقارنة بين ما اثار واستفز الصحابي الجليل أبا ذر، من بذخ معاوية، وتبديده لبيت مال المسلمين ليقول له : ان كان هذا من مالك فهو تبذير، وان كان من مال المسلمين فهو حرام، وبين "ظاهرة الفساد "، التي تنتشر مثل وباء لا سابقة له، كممارسة للسرقة ونهب المال العام، وكرِشىً، ومصاهرة مع رأس المال " الوطني " والوافد والدخيل، وكتشارُكٍ في السطو على المقاولات والعقود والمناقصات، وكمعاملاتٍ من الباطن في الاستيلاء على عقارات الدولة واراضيها، وتمليكها للابناء وذوي القربى باثمانٍ بخسة، وأي ترابط لهذا بالاسلام وجوهره ونصوص شريعته..؟
ومن له ان يرفع الغُمة عن دين الاسلام، الذي تكالبت عليه القاعدة وغلاة التكفير، من جانب، وحكامنا اليوم وهم يوغلون ويتوغلون في المكاره والفساد؟
(2)
تساءلتُ مرة ، عما اذا كانت " التقيّة" تعني، جواز القَسَم الكاذب او الافتراء، والتغطية على معصيَة. وفوجئت بالجواب، وقد ازال الغشاوة عن ضميري، وكشف لي سرالطمأنينة التي تبدو على الوجوه الورعة لساسة" الاسلام السياسي" الذين لم يتعفف الا القلّة منهم، عن ارتكاب كل اشكال الموبقات. ولم يتردد عن التجاوز على المال العام، بتكييفاته التي توفرها ابواب الفساد، واقلها اضراراً ، صرف موازنة "المنافع الاجتماعية" والصلاحيات التي اصبحت الرقابة المالية اعجز عن فك رموزها، بعد ان استتبّ النظام لفريقٍ لم يعُد لماء وجوه افراده من نفعٍ او دلالةٍ، بعد تطبعٍ على السوء، وإيغالٍ في التمادي بلا حياءٍ على التماهي مع صروفه . لم يعد التلاعب والعبث المباشر بموازنات الحكومة والقوات المسلحة، سوى استنزافٍ عَرضي لتبديد يفوق التصور للثروة العامة واوجه صرفها.
علمت لاول مرة، بعد جواب الصديق العارف باصول الدين والمذهب، ربما لم اعرف ذلك من قبل، لجهلٍ بالاصول وابعاد تفرعاته، ان القسم الكاذب بـ"القرآن الكريم"، "كفّارته" إطعام عشرة يتامى ومساكين.! يا لها من "كفّارة" للقسم بالقرآن، قد تزهق روح او ارواح بشرية بمجرد المس بقدسيته.! وكم هو يسيرٌ للصوص من أصحاب الوشم الكاذب، واللُحى المُحناة، ممن تفقهوا بدرس التفسير في هذا الباب، بعدما قيل لهم بان الكفّارة ايام الرسول الكريم لم تكن سوى بضع تمراتٍ ورغيف خبز. ! ونتعجب بعد هذا من شراهة لصوصنا، وتدني نفوسهم، وجسارتهم في نهبنا، والتعدي علينا، ثم نبدي اشد الاستغراب على تهالكهم لاغتصاب ولاية ثالثة.؟
شعرت بالخديعة التي تعرضت لها في بيئة العملية السياسية وملاعبها وعوالم " المتأسلمين ". ومع ان تجربتي على هذا الصعيد تمتد الى مرحلة المعارضة التي كان كثرة من هؤلاء طرفاً فيها، الا ان ما كان يواجهنا من مهام لم تكن لتقتضي القسم بالقرآن، اذ كان بعض من يرفل اليوم بالدمقس والحرير والذهب والدولار، يعيش بالكاد على "كفّارة " العراقيين من ابناء " الخائبة " المحتمين ببركات السيدة زينب.
الخديعة التي تعرضنا لها جميعاً، وما نزال، استدرجتنا اليها، سذاجتنا، واوهامنا بصدقية من يترك المجالس والاجتماعات والمهام، ولحظات حسم القرارات المصيرية، حين ينادي المؤذن الى الصلاة.وربما ازددنا سذاجة ووهماً حين كنا نراقب بتعاطفٍ، بعض هؤلاء وهم يقذفون دمعاً ساخناً، ويشقون الصدور، على مأساة الحسين الشهيد في عاشوراء، الذي كان هو ايضاً ضحية خديعة اسلافهم . وقادتنا سذاجتنا، لقرب ولايتهم علينا كحكامٍ ، بعد ان صاروا هم يدفعون "الكفّارة" لأمثالنا، الى ان نثق بتعهداتهم واحترام عهودهم، و"مواثيق شرفهم"، وبرامجهم وشعاراتهم وادعاءاتهم.!
ليسترجع كل شريف منكم، برامج وشعارات احزاب الاسلام السياسي، ويبحث فيها عن دواعي خيبته وسذاجته.
وليستعيد كل مهموم بخديعته وعود رئيس مجلس الوزراء في مهلة " المئة يوم " ثم " الستة اشهر " ثم ماذا ..
لنتابع معاً بدعة خطاب الاربعاء، ونتعرف منها على ما تَضمره الايام القادمات من نوائب وصروف . سنكتشف يقيناً واحداً لا شريك له : احتاج الى وقت اضافي، لانني مصرٌ على خدمتكم..
(3)
قد يساور الشك من لا يُصنّفُ " مؤمناً، لأنه لا يمارس الطقوس والشعائر في مواقيتها، فيما يُعرضُ أمام عينيه، من صنوف الممارسات والمظاهر الفاسدة بكل المعايير، يقوم بها قَوّامون على الحكم من كل فصيل ملتحفٍ بأشعرة الدين، وسرائر المذهب ، هل لهذا حرمة على الدين، وهل له ان يكون ساتراً لحرماته، قيماً على مقدساته، متفضلاً على الإسلام في قيامه على استباحة كرامات الناس باسمه، وتحت مظلته .؟
وقد يقود هذا الشك الى تساؤل يظل الجواب عليه، مغيّباً بفعل فاعل، هل سلوك "الإسلام السياسي " وأفعال قادته " شرعاً " مقصد للمؤمنين وواجب الطاعة. وكيف للمؤمن المسلم ان يُفسر ان بين هؤلاء كثرة ممن لا يتورعون عن ارتكاب كل مخالفة أخلاقية وفساد وتجاوز على القيم والكرامات. فهل لهذا ما له علاقة مع " تقيّة " المسلم .؟
(4)
اذا كان الإسلام السياسي، ركناً من أركان الدفاع عن حرمة الإسلام وصفائه ، فاين موقع "المرجعية العليا " في النجف بالنسبة للمسلمين الشيعة، واين موقع " الازهر " بالنسبة للمسلمين السُنّة .؟
(5)
سؤال للمرجعية العليا في النجف :
لماذا يزداد شيعة العراق فقراً وحرماناً ، في بلد تكفي موارده وتفيض عن حاجة حتى جيرانه؟
ومن هو معاوية اليوم ، ومن هم اتباعه ، واين نبحث عن أبي ذر وسفيان الثوري، وهل للشيعي ان يرفع سيفه ، إذ غزا الفقر دياره كما قال الإمام علي .؟
وهل له ان يصرخ في وجوه من يسرقوه ويحرمون فقراءه من الستر ولقمة العيش ، كما صاح أبو ذر في وجه معاوية ..؟
أيها السيد الجليل الفقير السيستاني..هل طاعة الحاكم الجائر، والسلطان المنحرف واجبٌ على شيعة علي ؟
لم يعد صمتكم، بعد ان فاض الكيل، مفهوماً.
جميع التعليقات 5
علي عبد علي
يا لسخرية القدر!! ان ننتظر من رجال الدين و المراجع الدينية ان يحلوا معضلة الشعب العراقي. ان هذا لدليل اخر على موت الشعب العراقي و عجزه التام عن الرد على الجرائم المرتكبة بحقه عبر الزمن. الدولة الحديثة لا تبنى الا بفصل الدين عن الدولة و نحن نطالب المراجع ا
خليلو...
نعم . هل طاعة الحاكم الجائر، والسلطان المنحرف واجبة علىى شيعة على؟ وعلى غيرهم لم يعد صمتكم بعد ان فاض الكيل كل الفيض مفهوما ان الا مة -دام ظلكم عليها- لمنتظرة جوابا...(ان هذا صوت الشارع في العراق كله الا المنتفعين من الوضع القائم)
علي العراقي
الله... الله ...يابا نبيل احسنت واحسن قلمك اسأل الله ان يقرأؤ..ويتمعنوا بكل حرف من حروفك وحروق قلبك النابض بالحق وحب الوطن الغالي وهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ...ياسيدي بدأت تضرب بالعمق وهم سطحيون خائبون انتهازيون بلا فكر والسذاجة تحكمهم .....الف ت
محمد سعيد
اسئله وجيهه لابد ان تقوم المرجعيه في النجف الاشرف الاجابه عنها , حينما تسمح لها مصالحها بذلك او ستظل استخدام وسيله التقيه كالمعتاد لتبرئه ذمتها من موبقات ما تقوم به اطراف سياسيه محسوبه عليها اونلك التي حاولت وتحاول استغلال سكوتها .
عامر الدليمي
تشخيص دقيق للحاله الموجوده التي نعيشها اليوم قتل وفقر وانتهازين تسلقو على قمة هرم الفساد