يقرن الكثير من الباحثين اللون بالنغمات، والأمر ليس مجرد مقارنة بحتة، بل هناك الكثير مما يجمع بين اللون والصوت، أهم شيء هو التردد، سواء كان طول موجة اللون أم تردد الصوت. إنها الفيزياء التي عاشت عصر الاكتشافات العجيبة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية ا
يقرن الكثير من الباحثين اللون بالنغمات، والأمر ليس مجرد مقارنة بحتة، بل هناك الكثير مما يجمع بين اللون والصوت، أهم شيء هو التردد، سواء كان طول موجة اللون أم تردد الصوت. إنها الفيزياء التي عاشت عصر الاكتشافات العجيبة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أيام الموسيقي الفرنسي كلود ديبوسي. فلا نعجب لو تأثرت الفنون جميعها بالتطور العلمي العاصف آنئذ.
ولد ديبوسي في 1862 ودرس الموسيقى في كونسرفاتوار باريس الشهير، حيث تصادم أحياناً مع أساتذته في نزعته الفطرية إلى التآلف الموسيقي غير المألوف، والذي نستطيع اليوم تسميته بالنزعة الانطباعية – تماماً مثل المدرسة الانطباعية في الرسم آنذاك – مثل تعليق الهارموني دون حله وعودته إلى النغمة الأساسية كتجنب استعمال النغمة المؤدية إلى الأساس (وتقع أدنى بنصف تون عنها) واستعمال التنافر الصوتي، واستعمال ما يسمى بسلم النغمات الكاملة (وهو سلم لا يستعمل سوى تون كامل) وغير ذلك من تقنيات التآلف الموسيقي الغريبة في ذلك العصر. كل هذا أثار حفيظة أساتذته لخروجه على التقاليد الموسيقية التي تراكمت على مر العصور، لكنهم مع ذلك قدروا عبقرية تلميذهم واعترفوا بأصالته. تميز بأسلوبه الخاص الذي يستقي من الأدب والفن التشكيلي، ويصنع من متعة اللحظة العابرة أو نفحة العطر أو لون غروب الشمس أو صوت أمواج البحر على الشاطئ أعمالاً موسيقية تصويرية جميلة استعمل فيها توليفات صوتية غريبة وإيقاعات تجديدية وألحاناً رشيقة جذابة. جذبه الشرق، مثلما سحر الشرق فناني أوروبا في تلك الفترة. بين أشهر أعماله نجد قطعتي أرابسك (الزخرفة) (1888)، وضوء القمر من متتابعته برغاماسك (1890-1905) التي استلهمها من قصيدة للشاعر بول فرلين، والبحر (1905) مقدمات البيانو (1915).