TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما قاله النجيفي في طهران

ما قاله النجيفي في طهران

نشر في: 15 سبتمبر, 2013: 10:01 م

من الصعب ان نحدد نوع اللهجة التي سادت المخاطبات خلال زيارة اسامة النجيفي لطهران، وحجم اللقاءات غير المعلنة مع ايرانيين لا يظهرون على الشاشات في العادة، وطبيعة الرسائل التي حملها الضيف العراقي او توقعها الايرانيون. لكن ما يمكن ان يساعدنا على تصور الاجندة هو موقع النجيفي الراهن على رقعة الشطرنج العراقية، والذي سيحدد تعريفه السياسي وهو يدخل مبنى البرلمان المطل على ساحة بهارستان القاجارية. او الافكار التي سيمكنه استحضارها قبل ان ينعطف يسارا نحو رئاسة الجمهورية في ساحة باستور احدى تقاطعات شارع "جمهوري اسلامي" بقلب العاصمة، وكذلك باتجاه فيلات شاهنشاهية حوالي تجريش في شمال طهران، والتي تخصص لاكثر المحادثات حراجة.
النجيفي يمثل الطرف السياسي الذي صمد في وجه ارادة الاخضاع التي مارسها المالكي محاولا "صناعة" حلفاء "شكليين" كالذين يعملون في دائرة السلطة الضيقة اليوم. وسيكون في وسع النجيفي ان يتفاخر امام الايرانيين، بأنه كان منيعا الى حد كبير امام صراخ هستيري في البرلمان، ومذكرات اعتقال طالت زعماء كتلته، وتداعيات أخطاء ارتكبتها كتلته ايضا. ولابد ان يتذكر انه خرج من كل هذا سليما، لا لأنه "سوبر سياسي"، بل لانه عرف كيف يحفظ الحد الادنى من متطلبات الشراكة مع معتدلي التحالف الوطني والكتلة الكردية، ومراكز قوى اخرى.
عصر السبت كان النجيفي يعقد مؤتمرا صحفيا مع نظيره علي لاريجاني الذي تحدث عن سعادته بأن رئيس برلمان العراق يحمل "رؤية مشتركة" حول سوريا، وهي الحل السياسي، وأن طهران ترى "دورا اساسيا" للعراق في احلال السلام الاقليمي. ولكن في وسع النجيفي ان يوضح للايرانيين، ان القوى البرلمانية عملت مع بعض وأغضبت دولة القانون، لا لأنها اجتمعت على عداوة مع شيوخ كتلة السلطان، لان الحريق العراقي يهدد مصالح الجميع ويجعل مهمة الانقاذ اكثر من مجرد مناكفة شخصية، بل قناعة بأن نظرية "الرجل القوي" التي اعجبت بعض الايرانيين والاميركان، ليست مناسبة ابدا لعراق يتفحم. ان نوع حرائقنا لا ينطفئ بفتى مفتول العضلات يستطيع التفاخر بحمل خراطيم المياه الثقيلة والتنقل بها عبر الباحات المشتعلة، فاللهب اكبر من خرطوم ماء وعضلات اطفائي، وهو يتطلب تسويات مصممة بعناية، يصنعها الحد الادنى من التنازلات الدقيقة بين الاطراف، والتأني ووضع حد للارتجال والتهور.
سيكون في وسع النجيفي وهو يسمع من الايرانيين "قلقهم" على وضع العراق والمنطقة، ان يحدثهم عن نجاح تفاهماته مع الصدر لتشكيل حكومة بغداد المحلية، رغم غليان طائفي في بغداد ودمشق. وأن معنى هذا وجود فرصة عراقية كبيرة، دائما، لوقف التدهور. وأن كل المتشددين الذين انزعجنا منهم حين ظهروا في اعتصامات المدن السنية، سيمكن تهدئتهم بشكل يرضي الجميع، مع مشروع مراجعة صبور يصلح ما فسد في قضايا كبرى.
لا ادري الى اي حد كان النجيفي ناجحا في محاولة قول هذا، لكنه وعد حلفاء في بغداد حسب ما تسمعنا المصادر الرفيعة، بأن يوضح لطهران بأن السنة العراقيين سبق وأن اتخذوا خطوات جادة بهدف الانخراط في مشروع سياسي يريد علاقة قوية (ولكن صحيحة) مع ايران، وأنهم يعملون اليوم مع شركاء اكراد وشيعة، لتصميم صفقة حكومية في ٢٠١٤ تأتي ببديل شيعي ايضا، ولكن قادر على تحمل عبء الالتزام والشراكة المسؤولة. وأنهم لا يمانعون ان يكون لطهران دور في انجاح هذا، وإلا فإن مستوى الخطيئة السياسية يبقي البلاد على صفيح الانقسام الدموي، وهذا الثمن يستحق من الجميع تغييرا وإصلاحا للخطط. كما ان دعم مراجعة حكيمة في العراق سيكون في وسعه تشجيع اي وضع انتقالي يطفئ اللهيب الدمشقي. وفي هذا تشارك مصالح يعبر حدودا وتضاريس معقدة تمتد بعيدا حتى عن الشرق الاوسط. وهي خارطة لابد ان تحفظ بحرص في كل الحقائب المغادرة نحو بلاد فارس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. سعد السامرائي

    سيرجع العراق كما كان وهذه الوجوه القبيحة يجب ان تكنس من العراق كنسآ

  2. ابوجهاد

    ان النجيفي لم يكن يشغل موقعا في الحكومة التنفيذية ليمارس عرقلة العمل الميداتي فقد اكتفى بممارسة حلفاءه ولكنه كان يمثل الطرف السياسي الذي صمد في وجه البرلمانيين الكسولين والغير كفوئين لتحمل مسؤلياتهم والذي اعطاه الفرصة ليعطل عمل البلمان كل هذه الفترة فكان

  3. محمد يونس العبيدي

    الكاتب يفترض ويتمنى الكثير في حوار الطرشان

  4. سالم غانم

    زيارة النجيفيى لايران متوقفة على زيارات تركيا والسعودية وجهوده لاقناعهم تخفيف الضغط عن سوريا وتلافي الضربة العسكرية وبالتالي حصوله على مباركة ايران على توليه رئاسة الجمهورية خصوصا وان الاكراد موافقون على ذلك واقصد خزب مسعود

  5. زحل

    بوار تخلي إيران والولايات المتحدة عن ما ظنوا انه الرجل القوي (نوري المالكي) بادية للعيان ،المالكي الذي خيب ظنهم وظهرت حقيقته الطائفيةوالتسلطية البغيضة للجميع

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram