TOP

جريدة المدى > عام > حول احدى مسرحيات تشيخوف المجهولة

حول احدى مسرحيات تشيخوف المجهولة

نشر في: 16 سبتمبر, 2013: 10:01 م

 كتب تشيخوف 17 مسرحية طوال حياته , ويعد في الوقت الحاضر واحدا من اشهر كتاب الأدب المسرحي في روسيا والعالم,  وهناك 4 مسرحيات منها ترتبط باسمه قبل كل شيء وتقف في طليعة أدبه المسرحي عالميا وهي – (النورس) و (الخال فانيا) و(الاخوات الثلاث)

 كتب تشيخوف 17 مسرحية طوال حياته , ويعد في الوقت الحاضر واحدا من اشهر كتاب الأدب المسرحي في روسيا والعالم,  وهناك 4 مسرحيات منها ترتبط باسمه قبل كل شيء وتقف في طليعة أدبه المسرحي عالميا وهي – (النورس) و (الخال فانيا) و(الاخوات الثلاث) و(بستان الكرز), وهناك مسرحيات اخر معروفة ايضا له بشكل او بآخر,الا انها أقل شهرة من تلك المسرحيات الاربع المذكورة, و برغم ذلك فانها مهمة ايضا .
ولكن توجد ثلاث مسرحيات تكاد ان تكون شبه مجهولة لهذا الكاتب المسرحي الروسي و لا يعرفها بالذات القارئ والمشاهد العربي بشكل دقيق ومحدد وواضح. المسرحيات الثلاث هي – ( في الطريق الكبير ) و ( تاتيانا ريبينا ) و ( ليلة قبل المحاكمة ), ولا  نريد الاشارة هنا الى مسرحية رابعة له لم يحدد تشيخوف لها عنوانا ولهذا اطلقوا عليها تسمية - ( مسرحية بلا عنوان) او يطلق عليها بعض الاحيان تسمية اخرى وهي – ( بلاتونوف) وهو اسم بطلها والتي كتبها تشيخوف في بداية حياته الادبية ولم ينشرها ابدا, وظهرت مطبوعة في روسيا عام 1923 فقط اي بعد 19 سنة من وفاته, اذ ان هذه المسرحية لم تعد بشكل او بآخر ( مجهولة ) للقارئ العربي, فقد تناولها بعض الباحثين العرب هنا وهناك  وتكلموا عنها ومنهم الصحفي العربي المعروف الاستاذ إبراهيم العريس في صحيفة ( الحياة ) اللندنية, ولعل آخر وابرز من كتب حولها هو الاستاذ الدكتور أحمد علي الهمداني(من اليمن)  في كتابه الموسوم (مسرحيات تشيخوف/ من بلاتونوف الى بستان الكرز) وقد حاز الدكتور الهمداني قبل فترة وجيزة على ميدالية بوشكين الروسية لنشاطه في مجال نشر الأدب الروسي في العالم العربي, وهو اول باحث عربي من اليمن يحصل على هذا التكريم الكبير وهذه الميدالية الرفيعة.
تتناول مقالتنا هذه تعريفا أوليا ليس الا للقارئ العربي بمسرحية ( تاتيانا ريبينا ) والتي نظن ان الكثيرين من هؤلاء القراء لم يسمعوا عنها شيئا بشكل عام. كتب تشيخوف هذه المسرحية وارسلها الى صديقه وناشر مؤلفاته في حينها الصحفي والاديب سوفورين بتاريخ 6 /3/1889 مستخدما نفس عنوان مسرحيته وشخوصها, في محاولة من تشيخوف لكتابة محاكاة لمسرحية سوفورين تلك , وقد أشار تشيخوف في رسالته المرفقة مع المسرحية انها ليست للتمثيل على خشبة المسرح وليست للنشر ايضا, وانها ليست سوى – ( هدية رخيصة وبدون فائدة ) , وانه ( اي تشيخوف ) كتبها بجلسة واحدة, وطلب من سوفورين بعد الاطلاع عليها ان يرميها في الموقد, الا ان سوفورين لم ينفذ ما كتبه له تشيخوف وطبع عدة نسخ منها وارسل نسخة واحدة الى تشيخوف نفسه. وفي عام 1924, اي بعد وفاة تشيخوف بعشرين سنة وجد شقيقه ميخائيل تشيخوف هذه النسخة من المسرحية بين اوراق تشيخوف ونشرها, بعد ان أدخل بعض التصحيحات عليها وكتب بعض الهوامش والتعليقات حولها, وهكذا  عادت هذه المسرحية مرة اخرى الى الحياة ودخلت ضمن مؤلفات تشيخوف الكاملة والتي تم طبعها في ثلاثين مجلدا نهاية القرن العشرين الماضي , برغم ان تشيخوف لم يرغب بذلك بتاتا في حياته, وبدأ المسرحيون الروس بعرضها على خشبات المسارح المختلفة, و قد تم  ايضا عرضها حتى في احد مسارح نيويورك , وفي عام 1997 عرضها مخرج روسي في موسكو بعد ان وحدها مع مسرحية سوفورين التي حاكاها تشيخوف عند كتابته للمسرحية, وفي عام 1998 افتتح احد المهرجانات المسرحية بعرضها , ودخلت المسرحية بعدئذ ضمن سيناريو فيلم روسي بعنوان ( ألحان تشيخوفية ), وما زال الباحثون والنقاد يتناولونها في كتاباتهم عن تشيخوف ومسرحه هنا وهناك بشكل او بآخر.
مضمون المسرحية يتمحور حول قصة حقيقية عن انتحار فنانة روسية في مدينة خاركوف الاوكرانية ( والتي كانت بالطبع ضمن الامبراطورية الروسية آنذاك ) واسمها كاديمينا, وذلك بسبب فشل قصة حبها, اذ انها تناولت السم اثناء عملها في المسرح وعانت وتعذٌبت بشكل مرعب وتوفيت على أثر ذلك, وقد أثارت هذه القضية في حينها ضجة هائلة وكبيرة , الا ان بعض الباحثين يرون انه كان هناك تأثير آخر  على هذه المسرحية, ويربطوها بمسرحية فرنسية عنوانها – ( حول زواج ),والتي كتبتها الاديبة الفرنسية مارتيل دي جانفيه عام 1883 ونشرتها باسم مستعار, اذ ان المشهد الخامس من تلك المسرحية الفرنسية يتطابق تقريبا مع مسرحية تشيخوف ذات الفصل الواحد تلك, حيث تجري مراسيم الزواج في الكنيسة وتنتحر العروس اثناء تلك المراسيم بشكل دراماتيكي, وبالتالي فان هؤلاء الباحثين يشيرون الى ان تشيخوف قد اعتمد في مسرحيته هذه على مصدرين هما – مسرحية سوفورين نفسها اولا, والمشهد الخامس من المسرحية الفرنسية التي أشرنا اليها اعلاه ثانيا, برغم انه لم يأخذ بنظر الاعتبار بالطبع تلك الاجواء الفرنسية البحتة التي كانت سائدة في المسرحية الفرنسية  تلك.
ان مسرحية –( تاتيانا ريبينا ) ذات الفصل الواحد عادت الى الحياة في نهاية القرن العشرين الماضي لانها بالطبع ترتبط باسم تشيخوف قبل كل شيء ولو لم تكن هكذا لما شغلت هذه المكانة في دنيا الادب المسرحي الروسي, و الامر نفسه كذلك بشأن عروضها على خشبات المسارح , ويرى بعض الباحثين – وهم على حق من وجهة نظري الشخصية – ان من الضروري ومن الواجب  ايضا احترام رأي تشيخوف تجاه نتاجاته, وبالتالي يجب النظر الى هذه المسرحية على انها ليست سوى كتابات قام بها تشيخوف لمداعبة احد اصدقائه, ومن الممكن طبعا( بعد ان تم نشرها و الاطلاع عليها الآن ) دراستها وتحليلها والكتابة عنها وابداء الرأي بشأنها لانها تمتلك قيمة تاريخية باعتبارها احدى مسرحيات كاتب كبير مثل تشيخوف , ولكن مع ذلك يجب عدم اعتبارها نتاجا مسرحيا مهما لمؤلف مسرحية (بستان الكرز ) العظيمة, اذ انه كتبها عام 1889 ولم ينشرها ولم يتكلم عنها منذ تاريخ كتابتها الى حين وفاته عام 1904.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تضاربات بين مكتب خامنئي وبزشكيان: التفاوض مع أمريكا خيانة

حماس توافق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى

البرلمان يعدل جدول أعماله ليوم الأحد المقبل ويضيف فقرة تعديل الموازنة

قائمة مسائية بأسعار الدولار في العراق

التسريبات الصوتية تتسبب بإعفاء آمر اللواء 55 للحشد الشعبي في الأنبار

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram