TOP

جريدة المدى > اقتصاد > إيقاف الضربة العسكرية الأميركية على سوريا

إيقاف الضربة العسكرية الأميركية على سوريا

نشر في: 16 سبتمبر, 2013: 10:01 م

على مدى الشهر الماضي، على الأقل ، كان العالم يبدو و كأنه لا يناقش سوى كيف و متى و هل ان الولايات المتحدة ستنخرط في ضربة جوية عقابية من نوع ما ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. تبرز أمامنا ثلاثة أمور من هذه المناقشة : 1- انها مليئة بمفاجآت لا تنتهي في

على مدى الشهر الماضي، على الأقل ، كان العالم يبدو و كأنه لا يناقش سوى كيف و متى و هل ان الولايات المتحدة ستنخرط في ضربة جوية عقابية من نوع ما ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
تبرز أمامنا ثلاثة أمور من هذه المناقشة : 1- انها مليئة بمفاجآت لا تنتهي في كل جوانبها، منها و ربما الأهم  المقترح الروسي الأخير الخاص بتسليم الأسلحة الكيمياوية السورية الى وكالة دولية ، 2- تصاعد المعارضة العالمية للتدخل العسكري الأميركي  ، 3- جميع المعنيين  تقريبا كانوا يدلون بتصريحات علنية لا يبدو انها تعكس مخاوفهم و نواياهم الحقيقية . لنبدأ بما يسمى بالمقترح الروسي غير المتوقع ، الذي أيده وزير خارجية سوريا . هل كان هذا المقترح حقا نتيجة ملاحظة مرتجلة و غير جادة لوزير الخارجية الأميركي جون ميري، تمسك بها الروس بذكاء قبل يوم من مناشدة الرئيس اوباما الشعب الأميركي من أجل تأييد الضربة العسكرية ؟ يبدو الجواب كلا . يبدو ان كيري و سيرجي لافروف كانا يناقشان بهدوء هذا الاحتمال على مدى عام .  كانت المعارضة العالمية لضربة أميركية، بضمنها المعارضة داخل الولايات المتحدة ، لافتة للنظر من جانبين . هذه هي المرة الأولى منذ عام 1945 التي تواجه فيها حكومة الولايات المتحدة هذه الدرجة من المعارضة الداخلية لأجراء مقترح مثل هذا، خاصة في الكونغرس ، و التي تبدو روتينية لحد الآن . ثم ان المعارضة تأتي من عدة جهات مختلفة و لعدة اسباب مختلفة، ما يجعلها قوية جدا. حاول الرئيس اوباما تهدئة المعارضة من خلال الوعد بجعلها ضربة " محدودة ". في الواقع ان هذا زاد من المعارضة من خلال اضافة معارضين آخرين في الولايات المتحدة و الشرق الأوسط و اماكن اخرى ممن يقولون ان الضربة " المحدودة " لا يمكن الدفاع عنها، و بالتأكيد ستكون عديمة الجدوى و غير مقبولة على وجه التحديد لأنها " محدودة ".  اذن هل كان أوباما غير كفوء، ام مخادع ، ام مجرد مقيد بالتراجع النسبي لقوة الولايات المتحدة في العالم ؟ ربما الثلاثة معا . في رسالته الى الكونغرس و في تصريحات ابرز كوادره ،  يمكن رؤية القوة الدافعة وراء تصرفاته . أوضح نائب مستشار الأمن القومي بنيامين رودز قائلا " لقد لعبت الولايات المتحدة على مدى عقود دور الدعامة لبنية الأمن العالمي و فرض المعايير الدولية . و نحن لا نريد إرسال رسالة بان الولايات المتحدة قد تخلت عن هذا الدور بأي شكل من الأشكال ".
هذه هي المشكلة بالتحديد .  لم تعد لدى الولايات المتحدة القوة لفرض قراراتها، إلا ان اوباما غير راغب بالاعتراف بهذه الحقيقة . بهذا الصدد ، فان أغلب الرأي العام الأميركي أمامه. هذه الحقيقة تحديدا يؤكدها الكثير من الخصوم . لنأخذ أثنين منهم فقط : الرئيس اليسوعي الأعلى الأب ادولفو نيكولاس، و الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قال الأب نيكولاس " اعتقد ان هذا  تدخل عسكري.. و انه بحد ذاته تعسف في استخدام السلطة. على الولايات المتحدة التوقف عن التصرف و الرد مثل الولد الضخم  ". من جانبه قال بوتين في افتتاحيته في صحيفة نيويورك تايمز بانه لا يتفق مع تصريح أوباما حول استثنائية الولايات المتحدة ، " من الخطير جدا تشجيع الناس على الشعور بأنهم استثنائيون ". حاول ان تتصور جوزيف ستالين و هو يدلي بهذا التصريح عن الولايات المتحدة ، و تنشر نيويورك تايمز ذلك التصريح . لقد تغير العالم .
أخيرا، هذا هو السبب في انك لا ينبغي ان تقيّم التصريحات العامة على ظاهرها عن أي من الجهات . فمثلا، إمداد الثوار بالسلاح. لا شك ان وكالة المخابرات الأميركية و المملكة العربية السعودية و قطر ترسل بعض الأسلحة الى داخل سوريا، لكن كم هو العدد ؟  الدول الثلاثة خائفة من ان هذه الأسلحة ستعزز بالتالي أعداءهم الحقيقيين. بالنسبة لأي كان في المنطقة، لا يشكل الأسد مشكلة . انه بالنسبة لهم أفضل من القاعدة. الشيء نفسه بالنسبة  للإسرائيليين. لكنهم جميعا لديهم مخاوف لا تندرج فيها  سوريا. تريد اسرائيل من الولايات المتحدة ان تلتزم بالعمل العسكري كمقدمة لعمل ضد ايران . و تريد السعودية ان تؤكد قيادتها في العالم العربي من خلال عمل حكيم محدود في سوريا، و قطر تريد احتواء  السعودية. كما ان الجيش المصري بطبيعة الحال يفضّل الأسد كثيرا على غيره .  اذن الى أين نتجه ؟ ستستمر الحرب الأهلية في سوريا  الى وقت طويل . قد تنتهي سوريا كمجموعة من الأقطاعيات تحت سيطرة مختلف القوات المسلحة ، و قد يختفي المجتمع المسيحي فعليا بعد وجوده في سوريا لأكثر من مليوني عام . سيستمر الصقور الذين يريدون حربا واسعة بالدفع اليها في كل مكان ، الا ان  فرصة هذا التوسع ضئيلة.
يجب الاستمرار في معارضة التدخل العسكري الأميركي غير المبرر في سوريا بكل قوة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أسعار النفط تقفز فوق 75 دولاراً للبرميل
اقتصاد

أسعار النفط تقفز فوق 75 دولاراً للبرميل

متابعة/ المدىسجلت أسعار النفط، اليوم الخميس- وهو أول أيام التداول في 2025- ارتفاعاً حيث يراقب المستثمرون العائدون من العطلات التعافي في اقتصاد الصين والطلب على الوقود بعد تعهد الرئيس شي جين بينغ بتعزيز النمو.وارتفعت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram