TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > صحافة بغداد في العهد العثماني

صحافة بغداد في العهد العثماني

نشر في: 8 نوفمبر, 2009: 03:56 م

محمود العبطة نصت احكام الدستور العثماني الصادر في 1908 والمشهور لدى الباحثين والمؤرخين بعهد المشروطية وهو اصطلاح فقهي بنفس المعنى، نصت بعدد من المواد على جواز تمتع المواطنين بحقوقهم العامة وتأليف الاحزاب واصدار المطبوعات وعقد الاجتماعات..
واستجابة لاحكام الدستور فقد فتح في بغداد فرع للحزب الحاكم- حزب الاتحاد والترقي- واصدر الفرع في 6 آب 1908 جريدة باللغتين العربية والتركية تنطق بلسان الحزب وسميت باسم بغداد فاصبح يصدر في بغداد مطبوع جديد يحمل الاسم الساحر اضافة الى المطبوع القديم المقترن اسمه باحد القاب بغداد وهو الزوراء الصادرة في المدينة الكبيرة قبل (77) عاما اذ صدرت في حزيران من عام 1869 في عهد المصلح مدحت باشا والي بغداد وفي 6 كانون الاول من نفس العام صدرت جريدة اخرى وبلغتين كذلك هي جريدة (بين النهرين) الناطقة بلسان الحزب المعارض للحزب الحاكم والمسمى حزب الحرية والائتلاف وصاحب امتيازها هو السيد محمود الطبقجلي ولهذه الجريدة مواقف جريئة مع السلطة الحاكمة والولاة المنتهكين لحرية ابناء بغدد التي ضمنها الدستور الجديد وسيرد ذكر موقف واحد مهم من مواقف هذه الجريدة المعارضة. والى جانب (بين النهرين) صدرت في بغداد جرائد جادة اخرى كانت تصدر اسبوعيا او نصف شهرية، واهم تلكم الجرائد جريدة (الرقيب) الصادرة في 1909 وصاحبها هو الشيخ عبداللطيف جلبي ثنيان المتوفى عام 1943 ولها مواقف صلبة مع الولاة وموظفي الادارة في الولاية، وجريدة (الرياض) صدرت في 1910 وصاحبها سلمان الدخيل المتوفى في 1945، وجريدة (الروضة) ثم المصباح الاغر اصدرهما الشاعر الكبير الحاج عبدالحسين الازري المتوفى في 1952 وقد شغل مدير ادارة مجلة (العلم) لصاحبها العلامة هبة الدين الحسيني المتوفى في 1965 وكانت المجلة المشار اليها اعلاه، تطبع في بغداد وتصدر في النجف منذ عام 1912، وجريدتا الازري صدرتا في عام 1910 ببغداد وفي نفس العام صدرت جريدة (صدى بابل) وصاحبها هو المعلم داود صليوة وعاشت مدة اطول من الجرائد السابقة لها، وفي 1911 صدرت مجلة (لغة العرب) الشهرية التي امتازت بجودة اخراجها ومادتها العلمية واللغوية وصاحبها هو العلامة الاب انستاس ماري الكرملي وبعدها بقليل صدرت مجلة (تنوير الافكار) وصاحبها هو الشيخ عبدالهادي الاعظمي تحمل في صفحاتها رسالة اصلاحية ثقافية تقبلها الناس بالتقدير. وثمة صحف اخرى هزلية او هزيلة اعرضنا عن ذكرها، ونختم هذا العرض بذكر جريدتين لهما موقف جريء، وشجاع مع والي بغداد احمد جمال السفاح، وقفته جريدة (الرصافة) وصاحبها هو السيد صادق الاعرجي واختها جريدة (الصاعقة) وصاحبها هو الشيخ عبدالكريم الشيخلي الذي تنازل عن امتياز جريدته لصاحب (الرصافة) لكي تستمر في الصدور، وقد قاضى الاعرجي الوالي وحماه القضاء. وقد تمتعت الصحف الاسبوعية ونصف الشهرية الواردة اسماؤها انفا، بحرية الكتابة وتناول المشاكل العامة في الحياة اليومية بشيء من الصراحة والشجاعة الادبية وكان رجل الشارع في بغدد يجد فيها متنفسا للمكبوت من عواطفه واحاسيسه، وصحف بغداد في العهد العثماني وبالصفة المعروضة للصديق القارئ كانت بصورة عامة الى جانب الحزب المعارض للحزب الحاكم وهو حزب (الاتحاد والترقي) ويذكر الاستاذ روفائيل بطي المتوفى في 1956 انه لم يبق مع الحزب الحاكم غير جريدتين مع ان الصحف اليومية والاسبوعية والشهرية بلغت قبل اندلاع الحرب الاولى اثنتين وسبعين صحيفة الصحافة العراقية مجلد 7- 27 مجلة الكاتب المصري- القاهرة. من هذا القول نستنتج تعلق الصحافة البغدادية بالمعارضة وشجب الحكم القائم ونقد وتعنيف ولاة الامور، ودفع الصحافيون البغداديون الثمن غاليا حيث انزلت بهم شتى العقوبات الجسدية والمالية والنفي والتشريد كما سيرد ذلك بعد قليل. وهنا اقف برهة لاسجل بداية بروز ثلاثة من كبار صحفيي بغداد تجلت مواهبم وطاقاتهم الصحفية وتميزت اساليبهم الكتابية بالعمل والابداع ولكل منهم طريقة ابداعية لاتشبه طريقة الاخر ولكنها ذات طراز خاص كما يقولون وهؤلاء الثلاثة هم الاستاذ فهمي المدرس المحرر العربي والتركي لجريدة الزوراء مرارا والاستاذ الكاتب ابراهيم صالح شكر الذي اصدر وحرر عددا من الصحف في العهد الذي نكتب عنه والثالث هو الاستاذ الصحفي ابراهيم حلمي العمر صاحب الاسلوب المتميز والكاتب البارز. والكتاب الثلاثة اشتهروا في حقل الصحافة العراقية في الحكم الاهلي وما رافقه من احداث هامة في حين خفت نجم الاخرين في هذا الحقل بعد انهيار الدولة العثمانية وانصرفوا للوظائف او الاعمال الاخرى. ومما يتصل بصحافة بغداد في هذا الشأن اثر انتشار مبادئ الحزب اللامركزي للادارة العثمانية المؤسس في القاهرة في عام 1330هـ بين الشباب البغدادي المثقف ويشير شاعر ثورة العشرين الدكتور محمد مهدي البصير في كتابه (القضية العراقية) الى رواج مبادئ الحزب في البلاد العربية رواجا كبيرا وفتحت له في بغداد شعبة حملت اسم (النادي الوطني العلمي) لتعذر اعلان اسم الحزب الصريح (ص 7) واصدر النادي جريدة تنطق باسمه وتبشر بمبادئه اسمها (النهضة) صدرت في بغداد عام 1913 واخذت تهاجم سياسة السلطات التركية وتنادي بطرف خفي بحقوق الا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram