TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > من هي مديحة سعيد شوقي؟.. حكاية غريبة لأول ممثلة عراقية

من هي مديحة سعيد شوقي؟.. حكاية غريبة لأول ممثلة عراقية

نشر في: 8 نوفمبر, 2009: 04:04 م

في وقت كان المجتمع مقفلا والتمثيل حكرا على رجال اشبه بالفدائيين داخل رحى الافكار الصخرية.. ظهرت هي.. ذكية، كثيفة الموهبة.. هائلة الجاذبية،، جميلة بلا حدود مثقفة في عصر كان يبدو مدهشا لانثى ان تقرأ وتكتب! هذه المرأة كانت الى نهاية الاربعينيات ابرز واجمل كائن نسائي ظهر في تاريخ المسرح العراقي..
 تشحذ ذاكرة الفنان حقي الشبلي وتتدفق حين نسأله عنها: -كنت بصحبة الفنان بشارة واكيم احد اعضاء فرقتنا (فرقة الشبلي) حين فوجئت بها مشعة امامي في واحد من نهارات الربيع في بداية الثلاثينيات برفقة زهرتين صغيرتين هما ابنتاها.. ويبدو انها حسمت امرها اخيرا لتقول لي بعد تردد طاف بعينيها طويلا.. -جئت بخصوص الاعلان الذي نشرتموه في الجريدة.. وكانت دهشتنا لمرتين الاولى ان الفرقة كانت قد اعلنت وكررت اعلانها لاكثر من ثلاثين مرة في الصحف الشائعة عن حاجتها لعناصر نسائية مثقفة للمساهمة في مسرحيات الفرقة ولكن زمنا طويلا كان قد مر ولم تستجب اية امرأة لهذه الدعوة سواء كانت هذه المرأة مثقفة ام لا.. وثانيا كون المرأة الشابة التي تقدمت اخيرا مذهلة بصورة غير متوقعة فاضافة لجمالها الباهر كانت ذات مواهب نادرة في التمثيل والالقاء مع اجادة عالية للعربية الفصحى التي كانت لغة كل المسرحيات التي نقدمها، ولست مبالغا حين اقول انها افضل ممثلة مسرح شاهدتها في حياتي لحد الان.. يقال ان هناك ثلاثة اشياء يمكن ان تصنعها مع المرأة وهي اما ان تقع في حبها او تعطف عليها او تجعلها مادة لعلم ادبي او فني تبدعه انت!.. ويبدو ان الشبلي اختار الحل الثالث فاحتضنتها فرقته وصقلت من موهبتها وشجعتها ذاتيا من خلال الادوار التي جسدتها بصدق على المسرح وماديا بعقد ينص على ان تدفع لها الفرقة راتبا قدره 30 دينارا شهريا وهو ما يعتبر ثروة بمقاييس ذلك الزمن الفقير في حين لم يك اعضاء الفرقة من الرجال العراقيين باستثناء الممثلين العرب يتقاضون اجرا عن التمثيل في الفرقة، هذا اذا لم تنعكس الاية ويدفعون هم من جيبهم الخاص!. ويعقب الاستاذ الشبلي قائلا: ورغم ان ممثلات كثيرات توافدن على الفرقة فيما بعد مثل فيراطنوس (سورية) نعيمة (تونسية) نادية (مصرية).. وحيدة يوسف. وغيرهن، الا ان مديحة كانت الاولى بينهن دائما فليست هناك من استطاعت التوصل الى امكاناتها وقدراتها الفنية.. فهذه الممثلة كانت من نسيج خاص يدخل المسرح في اولياته وهذا ما يبرر حرص الفرقة على الاهتمام والاحتفاظ بها، ولكن الرياح لاتجري دوما يما تشتهي السفن كما يقال!. فبعدما كانت مديحة سعيد المرأة الاشهر في المسرح لسنوات غير قليلة وخلقت منها الفرقة (انتيجون) اخرى مثالية، تصدعت روحها بين جدران الملاهي والكباريهات الليلية.. لم القت مديحة سعيد باسمها وجسدها الى هذا اليم وهي الممثلة المجيدة؟ وما الذي يضطرها لذلك وهي اول شابة تتقدم للتمثيل من عائلة ذات مستوى اجتماعي راق!. قد يلقى اللوم على صعوبة الحياة ومفاجآتها، ولكن الصعوبة تتحول الى هوة قائمة تصطاد من يخطو فوقها باهمال.. وهذا ماحدث مع بطلة تحقيقنا ويضطرنا ذلك للعودة والسؤال عنها مجددا من الفنان الشبلي اول من تبناها، يقول: -لا ادري.. ولكن حين سافرت الى فرنسا للدراسة لمدة 5 سنوات تركت الفرقة وكانت مديحة سعيد بطلتها الاولى.. وعندما عدت دهشت بأسف.. واظن ان الامر اغلبه كان خارجا عن طوعها.. وان من ساعد على ذلك ربما هي والدتها التي كانت مادية ومصلحية الى حد بعيد.. هذه واحدة.. الامر الاخر ، ان الفرقة بعد مغادرتي اصابها التشتت واختلفت ادارتها فاستغنت عن مديحة سعيد لاسباب لاتتعلق بالفن.. كما ان الفترة التي سافرت خلالها شهدت افتتاح ملاه كثيرة وتضعضع حال المسرح فيها وقل اقبال الجمهور.. وبطبيعة الحال اصبحت مديحة سعيد بلا عمل وهي المعينة الوحيدة للاسرة مما حدا باحد اصحاب الملاهي الى اغرائها بالغناء في ملهاه وجرفها التيار لتصبح راقصة فيما بعد! اما مديحة سعيد كما عرفتها في فرقتي فهي تختلف تماما، واذا فكرت فالمادة ربما آخر شيء تفكر فيه.. *من هي مديحة سعيد؟ يتحدث عنها الفنان الممثل عناية الله الخيالي (من رواد المسرح الاوائل) وكان زميلا لها وصديقا واكبها لفترة طويلة.. مديحة من اسرة برجوازية اقرب الى الغنى.. والدها سعيد شوقي كان ضابطا في الجيش ووالدتها من اصل تركي.. شقيقها الوحيد مدحت انتحر شابا بعد اشتراكه في معركة دنكرك مع الجيش البريطاني.. سكنت عائلتها الحلة لفترة ثم هربوا منها اثر المذبحة التي اختلقها الاتراك في تلك المنطقة ابان العهد العثماني وقتل خلالها والدها.. وبعد مدة من الاستقرار في بغداد تركت مديحة دراستها الثانوية لتتزوج من ابن عمها وكان ضابطا في الجيش ايضا وانتقلت معه الى كركوك مقر عمله.. ويبدو ان حياتهما الزوجية كانت فاشلة فانتهت بالطلاق لتعود مديحة الى والدتها في بغداد وتعيش من المورد القليل الذي تتقاضاه عن طفلتيها.. رغم هذا فكثيرا ماكانت تشاهد برفقة والدتها حاضرة في اغلب العروض المسرحية.. اخيرا دفعها حبها للتمثيل مع الحاجة الى المادة الى الانتماء لفرقة الشبلي حيث عملت فيها لفترة طويلة ثم فصلت من الفرقة بعد سفر الشبلي، اقنعها احدهم بالعمل في ملهى (الهلال) طمعا باستغلال جمالها.. ولما علم زوجها الاس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram