كنت أريد أن اكتب اليوم عن القضاء العراقي، جسده "المثخن بالتشوهات"، ودوره "المُغيَّب"، و"اغتصاب استقلاله"، و"تعطيل واجبه الأساس" في معافاة العراق الجريح. لكنني فُجعت بنحيب يقطع نياط القلب من ضحايا التهجير الإجرامي القسري، والقتل على الهوية، الذي تحول
كنت أريد أن اكتب اليوم عن القضاء العراقي، جسده "المثخن بالتشوهات"، ودوره "المُغيَّب"، و"اغتصاب استقلاله"، و"تعطيل واجبه الأساس" في معافاة العراق الجريح. لكنني فُجعت بنحيب يقطع نياط القلب من ضحايا التهجير الإجرامي القسري، والقتل على الهوية، الذي تحول إلى نهج رسمي، تدور شبهات عن تواطؤات حكومية في هذه الجريمة التي ترتقي، إن لم تُوقف على الفور بكل الوسائل وبمنتهى الحزم، الى مستوى جرائم "الجينوسايد" التي تقع تحت طائلة القانون الدولي، ومن مسؤولية المحكمة الجنائية الدولية.
وكما تُظهر الوقائع الدامغة، ومسلسل التهجير والقتل في البصرة واطراف بغداد ومناطق أخرى، فان ما يجري، ليس بمعزل عن مخطط يهدف الى اعادة ترتيب محافظات ومدن على اساس طائفي مقيت، وبمعنى آخر، انها نفس فعلة صدام حسين التي اقدم عليها، في نزوعٍ فاشي لاسابق له في تاريخ الدولة العراقية، لتغيير التركيب السكاني لمحافظات عراقية، على اساس قومي في اطار عمليات "التعريب"، وعلى اساسٍ طائفي "في اطار التبعيث".
وهذه المرة، خلافاً للمرات السابقة، تتحمل كل الاطراف، دون استثناء، وكل الزعامات دون مُراءاة او محاباة، مسؤولية الجريمة المرتكبة. وهي مسؤولية تتحملها القيادات الشيعية قبل السنية، ورئيس مجلس الوزراء وحزبه ودولة القانون بالدرجة الأولى، وبشبهة المشاركة، او التخطيط الخفي، أو غض النظر.
إن ما يجري من استباحات جماعية، يتعرض لها أبناء عراقيون مخلصون، وأسر وعشائر، يرتبط تاريخها عضوياً بتاريخ العراق قبل نشوء الدولة الحديثة، وقبل تكوين الدويلات العثمانية، ولها دالة، ان بقيت حرمة لدالة عراقية، على حياكة النسيج الوطني. وان عدنا للأعوام المائة الاخيرة، لوجدنا ان أسلاف هؤلاء الذين يتعرضون للتصفية الجسدية البربرية، وللتهجير تحت التهديد بالقتل، وبمصادرة الممتلكات، لعبوا أدواراً تأسيسية في بناء الأطر السياسية للعراق، عبر المشاركة في الثورات والانتفاضات والوثبات، واحتلوا مواقع مقررة في الكيانات الحزبية، للحركة الوطنية، قومية واشتراكية وليبرالية، وكانوا بين المؤسسين لبعضها، يوم لم يكن وباء الطائفية والإسلام السياسي، قد ذر قرنه، في الجسد العراقي.
وفي لحظة غفلة من الناس، تحت التخدير واللوثة الطائفية التي يتاجر ببضاعتها المتهرئة، أمراء الطوائف من الضفتين، تجري عملية غسل دماغ، بأدوات مشبوهة المنشأ، مدفوعة بأغراض لا علاقة لها بالمصالح الوطنية، ولا يجمعها جامعٌ، بالدعوات المتهالكة لعقد لقاءات ومؤتمرات للتوقيع على "ميثاق شرف"، يكفي لفضح طابعها ومراميها، هذا الصمت المريب، الذي يكاد يقول "خذوني". وهو صمت لا كصمت اهل القبور، بل مثل صمم الراقصين في حفلة تيسٍ، على حلبة وانغام ديسكو المافيا.
تهجير السنة من أحيائهم ومدنهم وقراهم، لن يبرره، لشيوخ المافيات الطائفية المعروفة مسمياتها وقادتها ومصادر تسليحها، ما يتعرض له الشيعة في أماكن عيشهم، ولا يمكن اعتباره انتقاماً لهم من وحشية القائمين على ذلك. ففي الضفتين، ميلشيا تريد تمزيق الجسد الوطني، والتمهيد لذبح العراق على "الطريقة الإسلامية".
ولا يمكن لعراقي، يُمّيزه ما تغلغل في وجدانه من قيم إنسانية أصيلة، وعهود وفاء وتشارك وتصاهر وتضحيات، ان يرى في تنظيم القاعدة، تعبيراً وهوية للسنة العراقيين، او تجلياً لفكرهم ونوازعهم الدينية، والجرائم التي يرتكبها، هي تجسيد لأغراضه الدفينة، التي يستقتل لتحقيقها، بأي ثمن على حساب أرواح العراقيين السنة والشيعة، والذي يتمثل بوضوح، في سلخ "ولاية تكفيرية" يكون وقودها أبناء الطائفة السنية كي ينفردوا بها، ويحولوها الى منصة انطلاق وتجسيرٍ للعودة بالعراقيين، وجوارهم، الى حومة التكفير في عهد جاهلية جديد.
كما ان من يقتل السنة ويشردهم ويهجرهم، ويدفعهم الى بيئة هؤلاء التكفيريين، هو شريك أصيل في الجريمة، ومتورط في وضع رقاب الشيعة في وقت لاحق، في مسالخ التكفير.
وقد يكون سابقا للأوان، دون خبر مسند، القول بأن الحكومة في كل الاحوال طرف في الجريمة التي لم يجر ايقافها، وتصحيح آثارها. فهي، سواء بسواء، اما شريكة بأدواتها السرية، في عمليات القتل والتهجير، او ضامنة للميليشيات الفاعلة، بالتسليح او التمويل، او انها متواطئة عن قصد وهدف معلوم. اما براءتها، فهي ضربٌ من خيلاء إخوة يوسف وعزتهم بالاثم التي اصبحت قصصاً على كل لسان.
السؤال: هل تريدون التمهيد، لعراقٍ شيعي، وحيد القرن!
قولوها، وكفوا عن استباحة دم العراقيين، وخذوا لعراقكم ذاك، ما لم يكف الوقت للسطو عليه.
في كل الاحوال.. شيعة العراق لن يستجيبوا في نهاية المطاف لمراوداتكم، لانهم اكتشفوكم، في وضح النهار، وفي افضل أوضاعكم، مجرد لصوص وفاسدين، وآكلي لحم الميتة!
جميع التعليقات 10
محمد سعيد
من يتاجر بالدم العراقي ليس الفرد الانسان المواطن العادي سواء مسلما شيعيا او مسلما سنيا او عراقيا مسيحيا , بل تكمن الطامة الكبرى في عراقنا الجريح في بلواه بحفنه من قاده مرتزقه فرضها الاحتلال , واراد منها العمل بوعي ودرايه محكمه تشتيت الجمع , ل
شكري العراقي
تحية اجلال واكباروحب وتقديروسلمت ياابانبيل يارفعة راس كل وطني اصيل
شكري العراقي
تحية اجلال واكباروحب وتقديروسلمت ياابانبيل يارفعة راس كل وطني اصيل
شكري العراقي
تحية اجلال واكباروحب وتقديروسلمت ياابانبيل يارفعة راس كل وطني اصيل
شكري العراقي
تحية اجلال واكباروحب وتقديروسلمت ياابانبيل يارفعة راس كل وطني اصيل
شكري العراقي
تحية اجلال واكباروحب وتقديروسلمت ياابانبيل يارفعة راس كل وطني اصيل
محمد الفيصل- صحفي عراقي
لك منّــي أحلى التحايا أُستاذي الفاضل - فخري كريم.. وهذا التشخيص المهني ودون مراوبة طالما نحن بحاجة إليه لنضع أيدينا على الجرح الذي ما زال ينزف بغزارة..دعاؤنا لكم بدوام التوفيق والنجاح..وشكراً
جمال السعيد
واخيرا خرج الثعلب من مخبأ الارانب ليبشر بدولة شيعية
محمد سعيد
من يتاجر بالدم العراقي ليس الفرد الانسان او الفرد المواطن العادي سواء مسلما شيعيا او مسلما سنيا او عراقيا مسيحيا , بل تكمن الطامة الكبرى في عراقنا الجريح في سيطره حفنه من قاده مرتزقه فرضها الاحتلال واراد منها العمل بوعي محكم تشتيت الجمع ,
عادل سالم
الحل بيد الشعب وقواه الوطنية الحقيقية ومثقفيه ... هو الذي يستطيع التغيير... الاسلام السياسي سقط في العراق في مستنقع الرذيلة والحرام وكفاه اللعب بمقدرات شعب متعدد الطوائف والاعراق ليس هناك اي مجال في العراق ان تفرض فكرا طائفيا متطرفا لابد من العودة الى الم