(1)كاتبني قيادي مصري صديق معاتباً، عما تبين بعد تنحية الاخواني محمد مرسي وإيداعه السجن، من تعاطف القيادة الكردستانية، وكذلك العراقية، مع النشاط الإرهابي للإخوان المسلمين في مصر، ضد إرادة الشعب المصري التي عبّر عنها في انتفاضة ٣٠ يونيو/ حزيران الماض
(1)
كاتبني قيادي مصري صديق معاتباً، عما تبين بعد تنحية الاخواني محمد مرسي وإيداعه السجن، من تعاطف القيادة الكردستانية، وكذلك العراقية، مع النشاط الإرهابي للإخوان المسلمين في مصر، ضد إرادة الشعب المصري التي عبّر عنها في انتفاضة ٣٠ يونيو/ حزيران الماضي. وللتأكيد على وجهة نظره، ارسل لي نص رسالة خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، الموجهة الى "فضيلة الأستاذ صلاح الدين محمد بهاء الدين" الأمين العام للاتحاد الإسلامي الكردستاني في ٤/١٢ من العام الماضي، رداً على رسالة تلقاها من بهاء الدين.
وأشار الصديق المصري أيضاً الى المظاهرة التي خرجت في كردستان دعماً للرئيس الاخواني المعزول، والى وقائع مماثلة في بغداد، عبر فيها الحزب الإسلامي العراقي عن مواقف مشابهة، تعكس تنسيقاً مع الإخوان، وتدخل في اطار الحملة التي حرضّ عليها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
كان عتاب الصديق مصدره التباس في فهم الوضع في كردستان وكذلك في العراق، والخلط بين القيادة السياسية للإقليم، والأحزاب الناشطة فيه، سواء من يشارك منها في العملية السياسية والحكومة، أو من يتخذ موقعاً له في المعارضة. وكذلك الأمر في بغداد، والتشرذم الذي تعاني منه الحركة السياسية والحزبية، وامتدادات ولاءاتها خارج الحدود.
( ٢ )
لم يكن الالتباس مهماً، قدر خطورة ما كشفت عنه الرسالة " الإخوانية " من تنسيق سياسي وعملياتي عابر للحدود، بين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وتنظيم كردستاني إسلامي، يدعي الانتماء للشعب الكردي والولاء لقضيته ومستقبلها، والازدواجية فيما تعكسه أدبياته، وهو يخاطب جمهوره الكردي بلغتهم الكردية ولهجاتها المحلية، من انشدادهم، الى " تربة الوطن"، والوجه الآخر "السري" الذي تعكسه مضامين رسالة الشاطر، من انزلاق في مخططات لا علاقة لها، ليس بكردستان فحسب، بل وبالعراق ايضاً، في اطار التخطيط الاخواني الدولي، لإقصاء القيادات الكردستانية "العلمانية المرتدة" والجهاد ضد توجهاتها .
ان ما كشفته الرسالة يلقي الأضواء "على الحديث الصريح والشفاف..!" الذي وعد به خيرت الشاطر، المكلف بملف التنظيم الدولي والعلاقات مع إخوان كردستان، في أول فرصة يلتقي فيها "فضيلة بهاء الدين".
لقد كشفت التسجيلات الصوتية والمصورة، والوثائق السرية للاخوان المسلمين، وللرئيس المعزول مرسي، المخططات المرسومة لأَخونة العالم العربي، بالتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية، ودول أوروبية، وبالاعتماد على الدعم المالي واللوجستي المباشر لمشيخة قطر وتركيا اردوغان، وليس بمعزل عن تعاطف اسرائيل التي أبرمت اتفاقاً عبر التنظيم الدولي، بتخلي محمد مرسي عن سيناء وضمها الى غزة، لتصبح الوطن الفلسطيني البديل وتُعْلَن فيها الدولة الفلسطينية مع الشريك الاخواني "حماس" وبرعاية اميركية مصرية، ودعم سياسي للتيار الإسلامي في العالمين العربي والإسلامي.
واحدى التهم الخطيرة الموجهة الآن الى مرسي وخيرت الشاطر وأعضاء في مكتب الإرشاد "التخابر" مع حماس، والتفريط بالسيادة الوطنية المصرية. وهو نفس ما تكشف عنه المراسلة بين الشاطر وزعيم الاتحاد الإسلامي الكردستاني التي تضمنت بوضوح العمل والتنسيق للإطاحة بالوضع القائم، إذ يخاطب الشاطر بهاء الدين، بكلمات عربية صريحة : "هذا دوركم، وهذا يومكم، .................. فمن لقيادتها وتوجيهها اذا لم تتصدروا انتم لذلك؟ أتسلمون زمامَها للنفعيين والعلمانيين المرتدين؟".
( ٣ )
ان صعود تيار الإسلام السياسي في كردستان، شهد اكثر من موجة زاحفة، لا علاقة لها بما يمكن ان تتعكز عليه القيادات التي تتصدر أحزابها في كردستان. فالشعب الكردي كان دائماً مطبوعاً بالتدين السمح، البعيد عن التطرف والغلو والانغلاق. وارتباطاً بالطبيعة الفلاحية وارتباطها بالأرض ظل الفلاحون الكرد، وهم يشكلون الأغلبية المطلقة، مشدودين الى الإيمان بالعلاقة السببية بين معتقداتهم الدينية الإيمانية ومصادر رزقهم. ولم يتعامل الكردي بتعقيد لاهوتي، مع عقيدته الإسلامية التي ظلت في مضامينها إنسانية، متصالحة مع الأديان السماوية الأخرى، ومتفهمة للنوازع الإنسانية التي تنطلق منها القيم والأفكار والعقائد والاختلافات في الرؤى وطرق العبادة. ومن هنا يمكن ملاحظة عشرات العبادات والطرق الصوفية والمذاهب والانحيازات الملّية المتوزعة في سائر أنحاء كردستان، بملاذاتها المتوزعة في دول عديدة متجاورة.
ان اول موجة لنشوء نواتات إسلام سياسي، ظلت محدودة الأثر والتأثير، بحكم عدة عوامل، كان ابرزها انشغال الكرد بنهوضهم القومي، واندماجهم مع الثورة القومية لتقرير المصير، منذ بداياتها المبكرة في اوائل القرن العشرين الى تتويجها بثورة أيلول بقيادة البارزاني مصطفى. ولم تكن محدودية دعاوى تلك النواتات بمعزلٍ عن رفض التطرف والتشظي اللذين يقترنان بتسييس الدين، وإخضاعه لمرجعيات سياسية، معروفة بانحيازاتها الدنيوية، ومطامعها السلطوية، وانكشاف تسخيرها الدين لهذا الغرض. ومن بين أسباب عدم جاذبية تلك النواتات الاسلاموية، "تمييعها" للمطامح والأهداف القومية العادلة للكرد، في اطار "وحدة المسلمين"، وهو ما يعني في الجوهر، إخضاع ما هو "جزئي" أي القضية القومية، الى ما هو "كلي" أي توحيد المسلمين، وهو ما يستبطن إعادة الخلافة الإسلامية التي يندمج فيها "الكل" في بوتقة "الوحدانية الاسلامية"!
لكن الموجة الأخطر، التي كانت "حاملة نهوض" التيار الإسلامي في كردستان، ارتبطت بالصراع السياسي الذي تفجر في كردستان، وأدى الى "قتال الإخوة" المؤسف، وتمخض، من جملة ما تمخض عنه، عن التشجيع والاحتضان المتبادل من قبل طرفي الصراع للتنظيمات الاسلاموية، وإغداق الدعم السخي عليها، ومساعدتها لاحقاً في إيجاد ملاذات حاضنة على طرفي الحدود.
( ٤ )
وبغض النظر عن سلامة نوايا دعاة التيار الإسلامي، وقناعاتهم بان الإسلام بحاجة الى انخراطهم في تجديد الدعوة له ولقيمه، فإن مجرد "تعدد الأصول الفكرية والعقائدية" وتعدد تنظيمات التيار الإسلامي السياسي، ومناكفاتها، يُظهر مدى جدية الهدف الذي تريد الوصول إليه، من رفعة الدين الإسلامي وتوسيع دوائر نشر قيمه، وإحياء أصوله التي تتوافق مع مستوى تطور وعي المسلم والمجتمعات الإسلامية، والتفاوت فيما بينها من حيث الثروة والموقع والدور السياسي في محيطها الضيق او الدولي الواسع. ويكفي للاستدلال على ذلك، المقارنة بين تركيا ومصر وقطر في منطقتنا، وإندونيسيا وأفغانستان وماليزيا في منطقة أبعد .
والمفارقة في تناقض الإسلام السياسي، بوجه عام وفي كردستان كمثل ملموس، ينعكس في "تشطيره" للمجتمع المسلم نفسه. والحزب الإسلامي، او الجماعة الإسلامية، تضع نفسها في موقع القيّم "الديني" ومصدر الصواب والخطأ، في كل ما يرتبط بالاعتقاد الإيماني وشعائره وطقوسه. وهو إذ يقرن الإسلام بحزبه وجماعته، وكأنه ينزعها عن باقي المسلمين حتى المتدينين منهم المتمسكين بشعائره، المواظبين على أداء فروضه في أوقاتها، فإنما يضيّق من مساحة الدين واعداد المسلمين، فالإسلام بنظرهم، وهذا ما تكشفه رسالة الشاطر لبهاء الدين، يرى غيرهم "علمانيين مرتدين"، وبهذا المنطق "المنعدم" يستل منهم دينهم، كما لو انه صاحب الأمر في ذلك.
ان الإسلام السياسي، الذي يفرض نفسه قيّماً ومرجعاً، يلحق التشوه بالدين ويعرض بقيمه السامية ويخضعها لنوازعه "الدنيوية وتوجهاته السياسية" حتى وان اقتضى منه ذلك تحريف أصوله ومرتكزاته. وتكفي الإشارة الى ما قاله مرشد الاخوان المسلمين في رابعة العدوية، وهو يؤكد ما وصفه بمشروعية الدعوة لعودة مرسي، من "ان التشكيك بمشروعية عودة مرسي الى رئاسة مصر، انما هو اشد وقعاً من هدم الكعبة حجراً حجراً"، وهو ما ردده داعية سلفي قيادي اخرق بالقول "ان التشكيك بشرعية مرسي تشكيك بوجود الله!"
ان وظيفة الإسلام السياسي، بغض النظر عن دوافعه ومكنونات قادته، تتمثل في تقسيم المجتمع المسلم الى مؤمنين وغير مؤمنين، او مسلمين وزنادقة، حتى وان لم يجاهروا بذلك. ومن جانبٍ آخر، يتحول التيار الى عامل تشويش لوعي المسلم البسيط، الأمي خصوصاً، الذي يعرف الإسلام بضميره، وبكليّته العرفانية، وبوحدة الخالق، وبشهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فَيُدخِلُ في وعيه تفسيراته "المُسيّسة" وإسقاطاته المعزولة عن بيئته الدينية المحدودة، ويُخضعه لغسيل دماغ، يُغذي فيه التطرف والنفور حتى من مسلم يختلف معه في التفسير، وتحديد موجبات فرائض الاسلام.
( ٥ )
لا تكفي صيانة الاسلام من منابت ودعوات تطرفه وحرفه عن منهجه المتسامح، والحؤول دون إخضاعه للدوافع السياسية، وتوظيفه لتفكيك المجتمع وتشطيره، تراتبياً، وفقاً لتقييم "إيمانه". لأن الشهادة باللسان إمارة القبول بالإسلام، وغير ذلك، من سرائر الضمير، والعلاقة بين المؤمن ومعبوده، ولا وصي عليه في ذلك.
ان العراق، الطائفي بحكم هيمنة احزاب الاسلام السياسي عليه، أطاح بكل فرصة لتنميته وإعماره ونهوضه واستقراره وتكريس دولة المؤسسات والحريات والمواطنة الحرة المتساوية فيه، ولا يمكن ان يتحقق ذلك، وفقاً للتجربة المعاشة منذ عشر سنوات، من دون تحريم تسييس الدين وتديين السياسة، وبشكل أوضح منع تشكيل الاحزاب على أساس ديني، وبالتالي، مذهبي وطائفي.
ان تشطير المجتمع الكردستاني المتعدد والمتنوع، والإخلال بوحدته القومية على أساس ديني اولاً، ثم وفقاً لمقاسات تيار الاسلام السياسي، يلحق اضراراً بالغة بمصالحه وتوجهاته ومطامحه القومية الكامنة، وبتشوفه الدائم لاكتشاف ذاته.
والإسلام السياسي، كما يؤكد التخاطب بين الاخواني المصري والاخواني الكردي، ينطوي على إنذار مبكر على أن ولاء تيار "الاخوان الكردي" ليس لكردستان، وإنما لدولة "الخلافة" التي لن يجد فيها الكرد ذاتهم ومقدراتهم وهوياتهم وحقوقهم الإنسانية.
( ٦ )
ان مأزق فضيلة السيد بهاء الدين، وكل اطراف التيار الإسلامي في كردستان، وكذلك في العراق، وانشدادهم الى مرجعية دولية، وامتداد خارج الحدود، لا ترفعه اعتذاراتهم عن ذلك، وسيكون عليهم اتخاذ خطوات عملية ملموسة لفك ارتباطهم، إلا بوطنهم، بل انها فرصة ايضاً للقوى الكردستانية كلها لدرء تقسيم المجتمع الكردستاني، والحيلولة دون شقاقه وتشذرمه، عبر فصل المسجد عن السياسة، وتحريم الإساءة للدين بتسييسه.
وفي هذا السياق، يتطلب ان تبادر أحزاب الإسلام السياسي وتجمعاته، الى الكشف عن نواياها الحقيقية، وولاءاتها، ومدى ارتباطها بمشاريع ومخططات تستهدف وحدة وسيادة ومستقبل الوطن والشعب. كما ان قيادة الاقليم وكل من صنفهم خيرت الشاطر، وبهاء الدين، بأنهم "نفعيون، علمانيون، مرتدون"، مطالبة بان تتعامل مع "ظاهرة التخابر" تحت أي مسمىً، كما هو ملموس في حالة السيد بهاء الدين وحزبه، مع تنظيم او امتداد خارجي، بوصفه عملاً يستهدف كردستان وشعبها وقضيته ومستقبله، كما ينطبق ذلك على العراق وتياراته الإسلامية وامتداداتها خارج الحدود.
ولا بد من التأكيد، بلا لبسٍ، أن الدين لله، وسيظل لله، الى ما شاء الله، وان الوطن لأبنائه، دون تمييز على أساس الدين والجنس واللون والاعتقاد.
فضيلة الاستاذ صلاح الدين محمد بهاء الدين
الأمين العام للاتحاد الاسلامي الكردستاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أسأل الله تعالى ان تصلكم رسالتي هذه وأنتم في أحسن حال وأطيبه وأن يبارك الله في صحتكم ويمد في عمركم وينفع بكم ويجعلكم ذخراً للدين.
فإن من غير الخافي عليكم ما وصلت اليه حال الأمة الاسلامية اليوم من تدهور في الأوضاع وسوء في أحوالها وفساد في حكمها وتخاذل في كثير من علمائها وجبن أمام اعدائها وتفرق في صفوفها، نتيجة لبعدها عن دينها وضعفها في إيمانها الأمر الذي أغرى أعداءها فأمعنوا في عدوانهم عليها فاحتلوا أرضها وانتهكوا عرضها وسفكوا دمائها واستباحوا حماها ولا حول ولا قوة الا بالله عز وجل.
هذا دوركم وهذا يومكم فالأمة الإسلامية أمام تحد كبير خطير وتتعرض لعدوان فظيع شنيع وقد خانها حكامها وخذلها كثير فمن لقيادتها وتوجيهها اذا لم تتصدروا أنتم لذلك؟ أتسلمون زمامها للنفعيين من العلمانيين المرتدين؟ لذا وجب علينا ايها الأخوة المجاهدون ان نوحد كل الجهود لخدمة قضيتنا المشتركة وكل جهد له اثره في تكامل العمل وان نوحد رأينا تجاه قضيتنا وندعوكم الى جمع الكلمة وتوحيد الصفوف تحت راية واحدة راية التوحيد (لا اله الا الله محمد رسول الله) فان في اجتماعنا قوة للعراق والأمة والمسلمين على اختلاف مشاربهم في مواجهة اعدائنا على أرضنا وديننا.
نسأل الله الحي القيوم ان يجمعنا واياكم على الحق وان نكون جميعاً في خدمة هذا الدين.
نحن نتطلع الى اللقاء بفضيلتكم، ولذلك أرجو أن تتكرموا بتحديد موعد قريب، حيث هناك الكثير لدينا مما يلزم الحديث الصريح والشفاف حوله معكم. وفقنا الله واياكم لخدمة الاسلام والمسلمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نائب المرشد العام
م/ خيرت الشاطر
جميع التعليقات 3
خالد علوكة
يبدو أن صلاح الدين الايوبي غلب الدين بتحرير القدس وترك قوميته محروسة ومحبوسة بالدين تعاني الامرين لحد الان ومنها بقى الحال في المحال ....
خضر العبادي
الكاتب الفاضل لااعتقد ان الله والاسلا السياسيم يحتاجان لحزب وحركةاو جمعية وان احزاب الاسلام السياسي كلها من صنع اجهزة مخابرات اجنبية ولايخفى عليك ذالك لايوجد حزب ديني ولد من رحم مجتمعه وفي كل الاحوال هي احزاب لاتستطيع اقناع احد ببرامجها الا من يعني خواء
نبيل العربي
العلمانيون افضل بمليون مره من المتخلفين الاحزاب الدينية الطاءفية سنة وشيعة