اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > ديمقراطية المكان.. أفكار في التصميم العمراني والحضري لمدينة بغداد

ديمقراطية المكان.. أفكار في التصميم العمراني والحضري لمدينة بغداد

نشر في: 20 سبتمبر, 2013: 10:01 م

  (2-2)اذا نظرنا الى بغداد اليوم فهي بلا شك مدينة تغطيها الفوضى وهي بل هوية حضرية او معمارية واضحة (عكس المحاولات الاولى التي بدأت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي). فبعد اكثر من عشر سنوات من انتهاء الحرب، لم يبد على هذه المدينة من ملامح التخط

 

(2-2)
اذا نظرنا الى بغداد اليوم فهي بلا شك مدينة تغطيها الفوضى وهي بل هوية حضرية او معمارية واضحة (عكس المحاولات الاولى التي بدأت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي). فبعد اكثر من عشر سنوات من انتهاء الحرب، لم يبد على هذه المدينة من ملامح التخطيط والاعمار ولا التعمير بشكل واضح ومدروس. فما زالت بغداد تبدو مدينة مخربة وكأنها خرجت للتو من الحرب! وما نشهده اليوم من ترقيع معدني (نسبة الى استعمال الالمنيوم في تغليف الابنية المتهرئة والقديمة) ودهان على الجدران ليس الا طريقة مزورة للأعمار فهو تشويه غير المسؤول مبني على الاساس المادي والتجاري.
فالأعمار لا يأتي من الشكل إنما يأتي من بنية المدينة العمرانية والحضرية. عندما نتناول دراسة التخطيط والعمارة كعلم من العلوم لابد من توفر مستلزمات التخطيط والبناء الفعليين كخطة تخطيطية فاعلة. هذا ما نفتقده اليوم حيث نشاهد المدينة تغرق يوما بعد يوم في فوضى من غياب التخطيط وعدم الانضباط وغياب الخبرات المهنية والذي يستدعي الى اكثر من موقف مسؤول جاد. لا اعتقد ان هناك سعيا واضحا اليوم لتوفير هذا المستلزمات الأساسية للبناء ناهيك عن فقدان الامن والامان وعدم توفير المستلزمات الاولية لحاجة الانسان اليومية في المدينة كبيئة حضرية اساسية ضمن المواصفات الفنية الحضرية المتعارف عليها.
فالتصميم الحضري هو فن دراسة الابعاد الثلاثة للمكان بمختلف عناصره المعمارية والبيئية والطبيعية، وهو يهتم اساسا في الارض وتخطيطها والمباني والمواصلات والشوارع وتصميمها والساحات والمدارس وجميع اماكن التجمع البشري في خارطة بيانية منسجمة. تتميز هذه الخارطة بعلاقات بيانية متعددة الاشتراطات والمميزات تهدف جميعها الى جعل المناطق المدنية اكثر فعالية وجاذبية وفائدة للانسان وذلك من خلال ربط وحدات المكان بالناس وحاجاتهم وحركتهم اليومية. كل هذا يشكل ما نسميه بـ(ديمقراطية المكان). تهدف هذه الافكار والتساؤلات الى بناء حوار اكاديمي جاد حول هذا المفهوم ومن اجل:
- تأصيل وتطوير مبادئ البحث الاكاديمي وتطوير المفاهيم التقليدية في البناء الحضري والمعماري كأداة للسيطرة على تنظيم النمو العمراني.
- الحفاظ على القيم الجمالية والتراثية العربية والإسلامية لما يتلاءم مع متطلبات الانسان المعاصر وحقه في العيش في بيئة صحية وآمنة ومفيدة .
- بحث في تطوير مفهوم العمارة العراقية المدنية المعاصرة لما يتلاءم ومتغيرات الزمان والمكان.
ليس هنالك على ما يبدو اي خطة تسعى من اجل العمل على تطوير تلك الدراسات الحضرية والتي وضعت لتطوير بغداد من قبل الشركة اليابانية او اللبنانية عام 1984 من القرن الماضي. لقد حلت بدل ذلك اعتماد الحلول السريعة وغير العلمية لمعالجة توقف البناء العمراني والحضري والاستعاضة عنها بحلول مؤقتة شوهت الشكل الطبيعي للبناء مما انتج اشكالا هجينة ومتناقضة وغريبة عن تاريخ المدينة وهويتها. كما اننا نفتقد اليوم ومن جانب آخر في بحوثنا قضية الاهتمام بالتنمية الحضرية ومستلزماته. فهذا التخصص هو واحد من ابرز مجالات البحث العلمي والفني الذي يهتم بالمكان والبيئة والأشكال المدنية العديدة.
خلال العام الماضي وبعد عودتي للعراق بعد اغتراب ناهز الربع قرن ومن خلال تعايشي اليومي مع هذه العوامل المؤثرة في المدينة والفن أثارت اهتمامي مسألة "ديمقراطية المكان" وحقوق الانسان وحاجاته في المكان والنسيج الحضري والفني للمدينة والذي هو في نفس الوقت هوية المدينة. وجدت ان مفهوم عملية التخطيط في العراق قد توقف عند ما يسمى بالتصاميم الاساسية لمدينة بغداد والتي لم تظهر الى حيز التنفيذ حتى اصبحت الان قديمة ولا تتلاءم مع الافكار الحديثة ولا حاجات الانسان الجديدة. كنت كلما اروم البحث ومناقشة مشكلة تتعلق بالتصميم الحضري لمدينة بغداد يقال لي: علينا ان نرجع الى التصاميم الاساسية للمدينة، وهي التي اصبح عمرها الآن قرابة الربع قرن! ان الرجوع اليها ودراستها وتطويرها امر ضروري ولكن علينا ايضا ان ندرس ونفعل مخططات انمائية جديدة على ارض الواقع تحمل خصوصية التصميم الحضري المعاصر القادر على تطوير تلك المخططات الإنمائية، فالحديث في هذا الموضوع اليوم اشبه ما يكون يبدو مفقودا حتى بعد انتهاء المؤتمر العلمي الذي عقده مركز التخطيط الحضري والذي انعقد في جامعة بغداد هذا العام. ان مدينة بغداد اليوم تنمو ليس مع اي مخطط إنمائي او حضري واضح ومدروس انما مع أشكال هجينة عديدة من العشوائيات المكانية والتي تفتقر الى ابسط انواع التصميم العمراني والحضري.
اننا نشخص هنا ايضا غياب الفكر الحضري والمدني المعاصر في العراق من خلال غياب عقوله المهنية والاكاديمية. لقد ضاعت شخصية المدينة ما بين ذلك التاريخ من جانب والهجين الثقافي الحاضر من جانب آخر والذي ولدته الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق. ان دراسة القيم والحاجات الانسانية والثقافية والبيئية والطبيعية في تخطيطنا الحضري للمدينة عليه ان يتضمن توفير كل وما يتعلق بالانسان كطفل ومعاق ومسن في المكان وهذه كما نعلم هي قوانين وضعية أكدت عليها مبادئ اليونسكو وحقوق الانسان المدنية في العيش في بيئة آمنة. ما نحتاجه اذن هو دراسة جديدة وبرؤية علمية للأسس والقيم التي تحكم التصميم الحضري للمدينة من جانب والعمارة والتعمير من جانب، فتحقيق "ديمقراطية المكان" لايكون الا عندما يرتبط العقل والجسد البشري والمدينة وعمارتها بانسجام بفضاء واحد وهذا من شأنه يجسد الاهمية الكبيرة للتخطيط الحضري والعمراني للمدينة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram