TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ثرثرة مقهى في المنطقة الخضراء

ثرثرة مقهى في المنطقة الخضراء

نشر في: 20 سبتمبر, 2013: 10:01 م

البلاد في خطر، والجميع في خطر، والمستقبل في خطر، وهذه هي الفرصة الأخيرة لتفادي وصول هذا الخطر الى ذروته.
هذه هي الجملة المفيدة التي قيلت في مؤتمر "الشرف الوطني"(!) المنعقد في القصر الرئاسي أمس الأول الخميس. المتحدثون في المؤتمر رددوا هذه الجملة كلٌّ بلهجتة ولكنته،  لكنهم لفّوا وداروا حول هذه الفكرة التي شكلت مضمون الجملة، بل انهم توافقوا أيضاً في صيغة القول مداورة بان الآخرين، من مستمعي الخطاب، هم مصدر هذا الخطر وعليهم وحدهم تقع مسؤولية نزع الفتيل، فأحدٌ منهم لم يتحلّ بفضيلة وشجاعة الاعتراف بنصيب حزبه وكتلته وقواته المسلحة (نظامية كانت أم ميليشياوية) في تشكيل الخطر ومفاقمته وفي صناعة دولة فاشلة ومجتمع تتناهشه الضغائن.
ما كنا، ولن نكون، في حاجة الى مؤتمر استعراضي كالذي عقد يوم الخميس، ينمّق فيه الأخوة الأعداء عباراتهم و"يرندجون" جملهم ليضحكوا على الذقون بمخاطبتهم إيانا عن الخطر المحدق بنا وببلادنا، فهو خطر من صنيع أيديهم هم بالذات... ما كنا نحتاجه، وسنحتاجه اليوم ولاحقاً، أن يتعاهد صنّاع هذا الخطر، كلّ مع نفسه أولاً، على الكفّ عن التفكير والتصرف بالطريقة  التي فكّر وتصرف بها طوال السنين العشر الماضية.. السلم الأهلي والأمن الاجتماعي لا يتحققان باعتماد "الحل الأمني" دون غيره من جانب الحكومة والمتنفذين فيها لمعالجة المشاكل وفرض الإرادة على الآخرين. فالقمع الوحشي لتظاهرات شباط 2011 وما بعده لم يحقق المطالب التي أقرّ رئيس الحكومة ومن يحيط بها لاحقاً بانها محقة ومشروعة ودستورية، ولم يجلب لرئيس الحكومة والمحيطين به ما سعيا اليه من استخدام القوة الغاشمة، وهو ان يستسلم الناس لأقدارهم. وارتكاب مجزرة في الحويجة لم ينهِ الاعتصامات في المناطق الغربية، ولم يُرغم الناس على التخلي عن مطالبهم التي وصفها رئيس الحكومة والمحيطون به لاحقاً أيضاً بان بعضها محق ومشروع ودستوري.كما ان تحريك الجيش الى طوزخرماتو لم يُرغم البيشمركة وقيادتهم على رفع الراية البيضاء.
وفي المقابل فان الرد على العنف الحكومي بعنف عشوائي ضد المجتمع بأجمعه، يترصد الناس في الشوارع والساحات والأسواق والمدارس والمستشفيات ودور العبادة، وتسعير النعرات الطائفية، لم ينهيا التمييز والتهميش وسياسات الكيل بمكيالين من جانب الحكومة وقواها المتنفذة، مثلما لم تحقق أية نتيجة، غير المزيد من العنف، عمليات القتل والقتل المضاد على الهوية التي تنفذها ميليشيات وجماعات مسلحة تابعة للقوى والاحزاب الطائفية المتشاركة في الحكم.
 لو كان الذين اقترحوا وخططوا وهيأوا لمؤتمر "الشرف الوطني" جادين وصادقين في ضمان السلم الأهلي وصيانة الأمن الاجتماعي، كما أعلنوا في خطبهم، لعملوا تحت قبة برلمان "الشراكة الوطنية" على تشريع القوانين التي تحقق ذلك، وداخل "حكومة الشراكة الوطنية" على تنفيذ هذه القوانين والمشاركة في صناعة القرارات وصياغة السياسات.
مؤتمر "الشرف الوطني" لن يتجاوز حدود الثرثرة في مقهى على ناصية شارع لسكان المنطقة الخضراء الذين ملّوا، في ما يبدو، روتين حياتهم فسعوا الى نوع من التغيير لا يتجاوز تلك العبارات المنمقة والجمل "المرندجة" .. وقابلوني بعد سنة إن كنت قد تجنيت على أحد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. رمزي الحيدر

    مؤتمر( الشرف الوطني )،هو لا شرف له لانه غايته خداع الشعب العراقي وتنصل أصحاب القرار من المالكي وحزبه وأحزاب الإسلام السياسي، والبرلمان من المسؤوليه للجريمة التي أقترفوها بحق الشعب العراقي . من يريد أن ينقذ العراق من هذا الطاعون عليه أن يرمى كل هذه ( الز

  2. حازم

    جدا صحيح الاخ المعلق

  3. A.F

    الجعفري ودموع التماسيح يبكي الاشهداء فاي شهداء بكى ثم عن الفساد وهو الفاسد اللاول للتذكير فقط اقرت حكومة صاحب المعالي الحاكم بامره من طهران رئيس افسد حكومة على الارض اعيد واقول اقرت تأهيل دار الجعفري بمليون دولار في مؤتر القمة التي لم يحضرها احد له اهمي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram