TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شـريف رومـا

شـريف رومـا

نشر في: 21 سبتمبر, 2013: 10:01 م

لم أنجح في التخلص من تداعيات المعاني التي ظلت تراودني حتى اللحظة بفعل "وثيقة الشرف" التي وقعها سياسيونا مؤخرا والتي، بحسب تصورهم، ستجعل دنيا العراق كمرة وربيع. مر ببالي شريط طويل من الأسماء التي ورد بها "شريف". لم أرتبها أو أتقصد تذكرها بل هي تبرعت تلقائيا بالمثول في ذاكرتي.
من بين الذين تذكرت كان أولهم الصديق شريف الربيعي الذي رحل وترك فينا فراغا موجعا لم تفارقنا مرارته إلى اليوم. وتذكرت عزيز شريف وبقايا كلمات من العمود الذي كتبه عنه الراحل أبو كاطع. انتقلت للسينما فلاحت لي صورة عمر الشريف كيف كان في أيام فاتن حمامة وكيف صارت ملامحه عندما أصبح نجما سينمائيا عالميا. وآخر حتى أنا لا ادري كيف ولماذا تذكرته اسمه شريف الراس. إعلامي سوري جاءوا به في منتصف السبعينات ليشرف على تحرير أغانينا من الحزن! الغريب ان هذا الرجل الذي كان من بين أوائل الذين حاربوا التراث الشعبي العراقي أشرف بنفسه على إعداد تمثيلية عن فدعة. سوري يكتب عن فدعة! كانت الفنانة سعدية الزيدي قد مثلت دور البطلة فجاء لها بمقطع من النواعي لتنعى به أخاها حسين:
حملتك ابطني تسعه اصحاح
صاحت به الزيدي: ولك يا مدولب هذا اخوي مو ابني. جوابه كان: وشو عرّفني أنا؟
وأخيرا مر بذهني المثل البغدادي "شريف روما". كنت قد سمعت به كثيرا لكني لم أكن أعرف قصته. بحثت عنه في "موسوعة الكنايات العامة البغدادية" للشالجي فلم اجد له أثرا. الغريب اني وجدت من سأل عن قصته قبل أربعة أعوام على الإنترنت وأجابه عراقي "امضبّط". مختصر الجواب:
ان المخرج المسرحي المصري جورج ابيض جاء في الثلاثينات بفرقته إلى بغداد كي يعرض مسرحية "يوليوس قيصر". لم يحضر معه غير الممثلين الرئيسيين أما الكومبارس فقد قرر ان يختار له عراقيين، وذلك من باب تخفيف التكاليف. اختار مقهى في الميدان لعرض مسرحيته وتفاوض مع صاحب المقهى كي يدبر له شخوصا للكومبارس. كل رواد المقهى ومن حولها رفضوا. بحسب صاحب الجواب لم يكن أمام المخرج المصري غير ان يختار جمعا من "النشالة والحرامية والمطيرجية".
ثم أضاف المجيب: " ويوم العرض المسرحي مشت الأمور على ما يرام والكهوة اللي سووها مسرح كانت مليانة بالجمهور .. إلى ان وصلت للمشهد اللي بيه ينادي حاجب الملك بأعلى صوته: والآن يتقدم أشراف روما للسلام على جلالة القيصر .. الجمهور كاعد حباب يتفرج على المسرحية إلى ان ظهر الأشراف .. وبدأ الهرج والضحك والعفاط وكل ما يخطر على البال :
- لك هذا منو ؟ هذا عبود النشال!
- لأ لأ .. دشوف هذا ؟ رزوقي ابن شكرية!
- هلللللو يااااب .. وهذا علوان ... لك انزل , صايرلي شريف روما !".
الرباط "خلّوه بيناتنه"، كما قال دولة الجار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. كاظم الأسدي

    تسلم دكتور هاشم .. والله إنت الوحيد القادر على التنفيس حد القهقه لمأساتنا التي يحرص الزملاء في الأعمدة الأخرى على رصدها وإظهار خفاياها الأكثر مأساوية ؟ تسلم دكتور إنت وزملاءك الآخرين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram