TOP

جريدة المدى > عام > تأثير المخيال الشعبي بالحقائق التاريخية في قصر الثقافة

تأثير المخيال الشعبي بالحقائق التاريخية في قصر الثقافة

نشر في: 22 سبتمبر, 2013: 10:01 م

بماذا أثر المخيال الشعبي في الوقائع التاريخية وكيف تحولت الحكايات التي سردها المخيال الشعبي الى مسار تاريخي وتحولت الى عقيدة او مقدسات وتراجعت الوقائع ذاتها ، التي صارت ايضا محط تأثر على ما هو حاصل الان.هذا ما ناقشته أمسية أقامها قصر الثقافة والفنون

بماذا أثر المخيال الشعبي في الوقائع التاريخية وكيف تحولت الحكايات التي سردها المخيال الشعبي الى مسار تاريخي وتحولت الى عقيدة او مقدسات وتراجعت الوقائع ذاتها ، التي صارت ايضا محط تأثر على ما هو حاصل الان.
هذا ما ناقشته أمسية أقامها قصر الثقافة والفنون في كربلاء للباحث حسن عبيد عسى والتي حملت عنوان (معركة النهروان في المخيال الشعبي)..والتي قدمها الروائي علي لفته سعيد بقوله انه ليس للتاريخ لسان واحد ولأنه كذلك فان لا صفحة واحدة من كتاب محدد سيكون هو المرجعية التاريخية له وهو امر ينطبق على كل مجريات التاريخ التي تشعبت في تدويناتها الكتابية التي راحت تعتمد على ثقافة المدون او المؤرخ او الباحث او حتى رجل الدين بالنسبة للمدونات الدينية.. وأضاف هذا الامر اخذ مجرى اخر كون الكثير منها اعتمد على ايديولوجيات تقترب او تبتعد من حيث الاقتراب الزمني لقوة السلطة وصارت الفتاوى والتفاسير ايضا تأخذ على عاتقها استلهام او الاعتماد والاتكاء على ما قالته المدونات وأصبحت حقيقة ماثلة حتى لو كان الاثر فيها بعد قرون.. ويشير سعيد الى ان هذا الامر اختلف بشكل كبير في المدونات فكيف بالمخيال الشعبي او الحكايا الشفاهية التي تحولت هي الاخرى الى عقيدة وأصبحت لها تأثير عميق على ما يتم تداوله من قصص من انها المثبت الشرعي مما جعل الكثير من الصراعات التي تدب على سطح المجتمعات المتعددة القوميات او المذاهب.. ويشير سعيد الى ام المحاضرة لا التي يقدمها الباحث عيسى تغوص في هذا الادب تبحث عن تأثير المخيال في تزوير الحقائق وتزييفها من جهة وجعلها خطرة من جهة اخرى
الباحث حسين عبيد عيسى قال في البداية عن المخيال الشعبي الذي هو منتج كبير للحكايات الشعبية ..والحكاية الشعبية هي أدب شفاهي تتوارثه الاجيال لا يعرف له مؤلف.. يتكلم اما عن حادثة واقعية وتفبرك اغلب محتوياتها أو تختلق حكاية لا أساس لها من الصحة.. وإما انها تتناول سيرة علم معروف مع اسطرة تلك السيرة، أو اختلاق سيرة لا وجود لها ..ثم عرج بعد ذلك على سير الاحداث في معركة النهروان التي وقعت سنة 38 للهجرة ..مبتدأ بارهاصاتها التي ظهرت يوم الهرير في حرب صفين.. وكيف ان فئة القراء اجبروا الامام علي على القبول بوقف القتال عقب رفع المصاحف.. وأنهم اجبروه على القبول بالتحكيم بل حددوا ممثله في التحكيم فكان ابو موسى الأشعري..وبعد انتهاء التحكيم رفضوا ما نجم عنه فخرجوا الى منطقة النهروان.. فقتلوا عامل علي وهو عبد الله ابن الصحابي الجليل خباب بن الارث..وذبحوا زوجته وبقروا بطنها واخرجوا جنينها فذبحوه.. وعندما لاحقهم الامام علي طالبا قتلة عبد الله رفضوا ذلك فحصرهم الامام قبل بلوغهم قنطرة النهروان فقتلهم جميعا وكانوا اربعة الاف ولم ينج منهم غير تسعة....ويقول عيسى ان الرواية التي خلقها المخيال الشعبي فإنها تبدأ في المنطقة التي دفن فيها الشهيد عبد الله بن خباب.. والرواية تسميه (إمام عروج)..وتجعل مكان المعركة الوادي الذي امام ضريحه وتسميه السفحة واسمه مأخوذ من سفح.. أي ان الامام علي سفح دماء الخوارج فيه ولقد زرت ضريح ابن خباب والوادي المذكور.. ثم انها تزعم ان الحسن والحسين كانا يضيقان على الخوارج.. ثم ظهر العباس بن علي المولود سنة 26 أي أن عمره لا يتجاوز الثانية عشرة.. وانه وقف عند القنطرة وظل يجندل الفرسان حتى انكسر سيفه.. فأخذ يمسك رأسي فارسين ويضربهما ببعض فيتهشمان.. لذا سمي سبع القنطرة.. ويشير الى ان المخيال الشعبي حور حتى مكان الحدث وتلاعب بتسلسلها واحداثها وتحولت الى شيء مسلم بها في المخيال الشعبي والحكايات لان المكان الذي تزعم وقوع المعركة فيه يبعد عن القنطرة التي وقعت عندها المعركة فعلا والتي لاتزال قائمة بحوالي 50 كلم أو أكثر
وشهدت الامية العديد من المداخلات المهمة بدأها البروفسور عباس التميمي بقوله ان : التاريخ ليس علما ولكن يصبح علما اذا خضع لمنهج البحث العلمي ، من هنا نقول ان كل ما كتب في التاريخ يحتاج الى وقفة وتمحيص ، وكما نعلم أن التارخ بدأ شفاهيا وليس كتابة ، إلا في القرن الاول والثاني ولكن تكاملت في القرن الرابع الهجري ، فالبدايات قد سيطرت عليها الروايات المتناقلة عبر الالسن ، ومن هنا فقد دخل المخيال الشعبي في تلك الروايات التي تحملت وحملت اكثر مما هي في حقيقتها ، وهذه الروايات حولت التاريخ الى مقدس واكبر من مقدس بل وجعلته عقيدة ينتهي عندها القول وان كانت لا تتلاءم من التفسير العقلي ، وتأتي خطور الرواية المروية من هنا التي تهدف الى هدف تبغي من ورائه غاية أو غايات تخدم مصالحا وليس الغاية منها إظهار الحقيقة ، لهذا لا يمكن الوثوق بكل من قرأه ولا نجعل منه ثابتا لا يمكن تجاوزه فهو ليس كلاما منزلا من الله وإنما هو نتاج انس والسن تقع تحت كل الظروف السيئة والجيدة ، وبسبب هذا المخيال فقد تفتقت وحدة الامة وكثرة مشاكلها بدلا من الاستئناس به وجعله فقط موروث ولكن هذا الموروث اصبح انتقاما اكثر من الفائدة ، لذا على الباحث والمثقف ان لا يأخذ هذه الروايات محلا لبحثه الا بعد تمحيصها والحقيقة المشكلة ليس في المثقف بل بالجهلاء العبيد والذين يمثلون الاكثرية وهم من يقررون من يقودنا يفرضون علينا ان ما جاء به التاريخ من روايات ينفرها حتى العقل ، هي حقيقة ومقدسة ولا يمكن مناقشتها .
اما الباحث والاعلامي عبد الهادي البابي فقال أننا : عندما نقرأ تاريخنا الإسلامي ونقرأ عن حوادثه ووقائعه نجد أن هناك روايتين رئيستين لكل حادثة أو واقعة أو قضية :الاولى رواية شيعية وأخرى سنية كل واحدة منهما تأخذ أنفاسها من الإطار والمحيط الذي ترعرعت ونشأت فيه فتنسج خيوطها وقصصها من ذلك المحيط ..
فنجد في الرواية الشيعية التضخيم والتوسيع والمبالغة والنفخ الذي يؤدي بها إلى الخرافة والأسطورة ، فتستقر بأذهان الأجيال وكأنها حقائق تاريخية (مقدسة ) لا يجوز مناقشتها او الطعن بصحتها أو حتى إخضاعها للبحث العلمي المجرد.. ويضيف انه في نفس الوقت نجد في الروايات المذهبية نوعا من (خذلان الحقيقة ) والتساوي بين الجلاد والضحية وهذه تعد بلادة في العقول وعدم التعود على تسمية الأشياء بمسمياتها ..لأن تاريخنا ورواياتنا تغذينا بها على أنها مقدسات كونية غير قابلة للنقد والتحليل والبحث ..ويشير الى ان هناك رواية ثالثة ( علمية معتدلة ) ولكنها قليلة جداً بل هي معدومة لدى هذه الأجيال ولا يعتد بها عندهم ..ويحذر البابي من
أن يتحول هذا التاريخ إلى عقيدة مقدسة يقتل بسببها بعضنا بعضاً وينحر بها بعضنا بعضاً بالسكاكين والحراب وسط الأسواق وعلى الطرقات (تقرباً إلى الله ) كما هو موجود في ساحتنا الإسلامية اليوم .!!
هنا تكمن خطورة التاريخ
اما الشاعر علي الفتال فقال ان: المخيال الشعبي اخطر من الخيال الشعبي لأنه يغير بالواقع والوقائع فهو يميز بين الاقوام والناس والخطورة ما ذكر في الكتب وهو الاخطر من الشفاهي خاصة وان الكثير مما ذكر فيه مبالغات عديدة لذا علينا ان نتدبر في الامور التي خرت عن ارادة وتحولت اداة لصراع المسلمين
في حين قال الباحث المسرحي عبد الرزاق عبد الكريم أن ظاهرة المخيال الشعبي لم تكن مقصورة على قصة النهروان بل موجودة في أمكنة كثيرة عربية وإسلامية ومحلية مثلا في المناطق القريبة من كربلاء هنالك مخيالات شعبية كثيرة ضمن المناطق التي توجد بها أضرحة الأولياء الصالحين ويقوم العامة بنسج قصص متنوعة منسوبة لهؤلاء الأولياء وهنا يتطلب من الباحثين إعادة قراءة هذه المخيالات والتحقق منها وإبعادها عن العقائد ..وتساءل الكاتب أحمد المطيري عن لماذا يكون الاعتماد على المخيال الشعبي؟ ويجيب ان السبب يعود لوجود حاجتين الاولى سياسية لان كل امة تبحث عن بطل لها والأمة المنهزمة تبحث عن بطل عسكري والثانية انه سابقا كان الموروث مرتبطا بالتسلية والذي له تشويق لان وسائل الاعلام لم تكن موجودة والتشويق يعني اضافة احداث وروايات وتصل الى المغايرة مع الواقع الحقيقي للحدث التاريخي.
الكاتب والشاعر مهدي النعيمي قال.. ان المخيال الشعبي له خصوصيته ودائما ما يميل الى التهويل والتعظيم ونادرا ما يكون نقل الاحداث له نوعا من المصداقية خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار البعد الزمني بين الحدث والتدوين والأمثلة على ذلك كثيرة مما تتناقله العامة عن معركة النهروان وعدد المقاتلين الخوارج مما يصفه المخيال الشعبي بـ 12 الف مقاتل ومنهم من يزيد على ذلك وفي الحقيقة ان ما ورد عن بعض المؤرخين انهم 4000 مقاتل وكذلك يتطرق المخيال الشعبي الى ما يدور من حوار ونقاش اثناء المعركة وحمي الوطيس من يسمع ذلك الحوار وقول الاشعار فكلها من خيال وصنع المحبين والمعادين وحتى في تحديد وضبط مكان المعركة ولنا امثلة ايضا على معركة الطف الخالدة وتعدد ايام القتال في الروايات الشعبية والحوارات الكلامية وطريقة المبارزة فيها شيء من وضع الوعاظ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تضاربات بين مكتب خامنئي وبزشكيان: التفاوض مع أمريكا خيانة

حماس توافق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى

البرلمان يعدل جدول أعماله ليوم الأحد المقبل ويضيف فقرة تعديل الموازنة

قائمة مسائية بأسعار الدولار في العراق

التسريبات الصوتية تتسبب بإعفاء آمر اللواء 55 للحشد الشعبي في الأنبار

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram