تحقيق: ايناس طارق العراق يستورد الآن 80% من استهلاكه الغذائي بينما كان حتى آواخر الخمسينيات مكتفيا بنسبة 100%من الانتاج الزراعي وباستخدام الوسائل البدائية للزراعة، وخلال الستينيات انخفضت النسبة الى 75% في السبعينيات 67% لتصل ادنى مستوى لها في الثمانينيات بنسبة 30%.!
لم يكن يعلم الصياد عبد الله انه بعد مضي عشرة اعوام على ممارسة مهنة صيد السمك، سوف يصبح جليسا دائميا في مقهى مطل على شط العرب يتحدث مع زملائه العاطلين ايضا ومن مختلف المهن، الصياد، المزارع، بائع الخضروات والسمك، وهلم جرا. عبد الله في العقد الرابع من عمره، لديه خمسة اطفال و يسكن مدينة الفاو، هجر ميناء الفاو وذهب بزورقه الى مياه الخليج العربي منافسا بقية الصيادين المنتشرين والباحثين عن رزقهم. يقول عبد الله: اصبح الصيد امرا مستحيلا العام الحالي في شط العرب، بسبب نفوق معظم الاسماك، والسبب ارتفاع نسبة الملوحة، وفضلات تكرير النفط القادمة من ايران، واضاف زميله ستار، وهو صياد ايضا و اب لثمانية اطفال:ان صيد اليوم لايؤمن اكثر من ثلاثمئة دولار في الشهر فيما كان ثلاثة اضعاف هذا المبلغ في السابق. وعلق المزارع شهاب قائلا: أدى ارتفاع نسبة الملوحة في شط العرب الى اضرار كبيرة للمزارعين اثر فقدانهم المياه العذبة لنهر الكارون الأمر الذي ادى الى هجرة سكانية كبيرة وواسعة لان الارض الزراعية اصبحت غير صالحة للزراعة. فمن اين يؤمن السكان معيشتهم والزراعة مصدر رزقهم الوحيد. الصيادون والمزارعون الآن عاطلون عن العمل ويجلسون طوال النهار في مقهى صغير يطل على شط العرب بانتظار حدوث شيء ما من قبل الحكومة العراقية، والا سوف يهجر الجميع قراهم بحثا عن بدائل ووسائل عمل في المدن لتوفير مستلزمات الحياة اليومية. طول نهر الكارون يبلغ طول نهر الكارون من القرنة الى الفاو حوالي 195 كم ويتراوح اتساعه بين 400 م في قاطعه الشمالي الى 1500 م عند مصبه كما يبلغ، عمقه 8 م في اقسامه الشمالية. روافده عديدة اهمها نهر (دز) وتبلغ مساحة حوض هذا النهر حوالي 63200 كيلو متر مربع ويبلغ تصريفه السنوي عند محطة الاحواز حوالي 63 م 3/ث منها 60 % تصرف الى شط العرب والباقي يصرف مباشرةً الى الخليج العربي بواسطة قناة بهمشير. ودلت الاحصاءات المائية لسنوات 1977 ـ 1987 التي تشمل جميع المحطات المائية الواقعة على شط العرب: ان 5، 57 % من مياه شط العرب في منطقة القرنة تأتي من نهر دجلة و 5، 42 % تأتي من نهر الفرات ولكن الاهم من ذلك هو في منطقة الفاو حيث تشكل المياه القادمة من الاراضي العراقية، دجلة والفرات 73 % من مياه شط العرب في تلك المنطقة والباقي 23 % يأتي من نهر الكارون وعلى ضوء هذه الحقيقة يمكن اعطاء الاولوية الى الجانب العراقي في التصرف بالملاحة في شط العرب بدرجة اكبر من الجانب الايراني. انقطاع مياه نهر الكارون وادى انقطاع مياه نهر الكارون الى تفاقم ازمة المياه، لانه كان يرفد شط العرب بكميات كبيرة من المياه العذبة. وبحسب تصريحات وزير الموارد المائية، في المؤتمر الذي عقد يوم 14\9\2009 فأن قيام الحكومة الإيرانية باغلاق نهر الكارون يعد تصرفاً مخالفاً لطبيعة العلاقات بين العراق وايران فضلا عن مخالفته لجميع الاتفاقات الثنائية المائية المعقودة بين البلدين طوال السنوات السابقة والحالية. وقد أدت ازمة شحة المياه وملوحتها في محافظة البصرة الى القضاء على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية فضلاً عن نفوق اعداد كبيرة من الأغنام والأبقار والجواميس وجفاف مزارع الأسماك التي كانت تنتشر بكثرة في قضاء الفاو وبعض مناطق قضاء ابي الخصيب التي اعلن عن كونها مناطق منكوبة من قبل الحكومة المحلية، وذلك بالتزامن مع اتساع رقعة الأزمة لتشمل معظم مناطق المحافظة التي أصبح سكانها يشكون ملوحة مياه الإسالة وانقطاعها عن منازلهم لساعات طويلة وبشكل غير مسبوق. الترسبات والمواد العالقة اما بالنسبة للمواد العالقة، فبالرغم من ان معظم المواد العالقة في مياه دجلة والفرات تترسب في منطقة الاهوار الجنوبية قبل ان تصل الى شط العرب الا ان كميات لا بأس بها تصل اليه، لكن مشكلة الرواسب في شط العرب. يحدثها نهر الكارون الذي يجلب سنوياً حوالي 302 مليون م 3/ث من المواد العالقة، الامر الذي يعيق حركة الملاحة لو تركت تلك الرواسب تترسب في قيعان شط العرب اما بالنسبة لنوعية المياه فلها اهمية كبيرة في عمليات الارواء التي تجري على جانب الشط حيث تزداد الملوحة بأزدياد مشاريع التصريف التي تصب في نهر دجلة والفرات اضافةً الى زيادة الاستهلاك المائي منها الذي يساعد على زيادة المياه المالحة المتوغلة في الخليج و في شط العرب، وإن ملوحة المياه في شط العرب تتغير من فصل لآخر وذلك تبعاً لتباين كمية التصريف حيث تزداد في فصل الجفاف وتقل في فصل الفيضان. اما بالنسبة لاستغلال مياه الشط بمواصفاتها الميكانيكية والكيمياوية فهي تستخدم لاغراض الاستهلاك البشري اضافة الى الاغراض الصناعية والزراعية وصيد الاسماك والملاحة. البداية منذ 2003 في تصريح لمدير ادارة الموارد المائية، عون ذياب في المؤتمر الذي عقد في بغداد بتاريخ 14\9 2009 قال:ان السلطات الايرانية بدأت منذ عام 2002، باقامة سدود على ن