يفترض الدارسون بأن (المسرح الإغريقي القديم) من خمسمائة سنة قبل الميلاد يتميز بعدد من مظاهر (الديمقراطية) نذكر منها الآتي:
أولاً- ارتياد جماهير غفيرة للمسارح ومشاهدة العروض التراجيدية والكوميدية بحيث تصل نسبة المشاهدة الى خمسة بالمئة من العدد الكلي لمواطني مدينة أثينا على سبيل المثال ولا يقاس المسرح في ذلك الاقبال الجماهيري سوى مسابقات الألعاب الرياضية.
ثانياً- انفتاح الدراما على المواطنين وعبر مشاركتهم في الأعمال المسرحية، فأعضاء الجوقة على سبيل المثال يجب ان يكونوا من مواطني البلد، وتمثل (الجوقة) في المسرح الاغريقي القديم لسان حال المواطنين جميعاً، ويذكر ان العديد من افراد جمهور المتفرجين قد يكونوا شاركوا في الجوقات سابقا، وقد وصل عدد المواطنين اولئك في اواخر القرن الرابع قبل الميلاد الى ستة الاف، أي حوالي 17 بالمئة من عدد السكان الكلي في اثينا وحدها.
الملمح الثالث من ملامح الديمقراطية في المسرح الإغريقي يخص (الكوميديا) بالدرجة الاولى حيث يكون كلام الشخصيات بالشعر البسيط- الشعر الشعبي، وفي موضوعاتها هناك سخرية من تصرفات وسلوك السياسيين والشخصيات البارزة في المجتمع وهناك نقد لما هو معوج في المجتمع ذلك الوقت، ويستجيب الجمهور لمثل ذلك التوجه بحماسة، وتراهم يشجعون التعرض للقوانين وللمحاكمات، وهناك لابد من الاشارة الى عدم وجود رقابة على النصوص المسرحية وعروضها ولكن لابد من حصول رخصة لعروض الكوميديا، وخصوصاً عند اقامة المهرجانات المسرحية والتي تركز عروضها على حقوق المواطنين في المساواة والحرية.
الملمح الرابع هو المعونات المالية التي تقدم للعروض والمهرجانات المسرحية والمكافآت التي تمنح للفائزين في المسابقات، ويتم منح الممثلين اجوراً بموجب عقود يوقعونها مع الشاعر فولت والمسرحية وليس مع السلطة، وهناك رعاية خاصة للمهرجانات حيث يقدم الاثرياء معونات مالية، ومن الجدير بالذكر ان المواطنين الفقراء يعفون من دفع اجور مشاهدة المسرحيات، وتقوم ادارة الخزينة العامة في البلاد بتخصيص معونات مالية للمهرجانات المسرحية.
كان المسرح الإغريقي وتلته بقية المسارح في العالم مرآة تعكس علاقة الشعوب بقادتها، ومدرسة لتعليم ابناء الشعب كيفية التعبير عن آرائه بحرية، وحاول الاباطرة واتباعهم الحد من ذلك التعبير بشتى الوسائل، ولكن الجمهور ظل يعبر عن رفضه لسلوك شائك من السلطة وذلك بالصراخ والتعليق الكلامي بينما يعبرون عن اعجابهم او ترحيبهم بما هو ايجابي بالتصفيق والهتاف.
الديمقراطية والمسرح الإغريقي القديم
[post-views]
نشر في: 23 سبتمبر, 2013: 10:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...