TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الديمقراطية والمسرح الإغريقي القديم

الديمقراطية والمسرح الإغريقي القديم

نشر في: 23 سبتمبر, 2013: 10:01 م

يفترض الدارسون بأن (المسرح الإغريقي القديم) من خمسمائة سنة قبل الميلاد يتميز بعدد من مظاهر (الديمقراطية) نذكر منها الآتي:
أولاً- ارتياد جماهير غفيرة للمسارح ومشاهدة العروض التراجيدية والكوميدية بحيث تصل نسبة المشاهدة الى خمسة بالمئة من العدد الكلي لمواطني مدينة أثينا على سبيل المثال ولا يقاس المسرح في ذلك الاقبال الجماهيري سوى مسابقات الألعاب الرياضية.
ثانياً- انفتاح الدراما على المواطنين وعبر مشاركتهم في الأعمال المسرحية، فأعضاء الجوقة على سبيل المثال يجب ان يكونوا من مواطني البلد، وتمثل (الجوقة) في المسرح الاغريقي القديم لسان حال المواطنين جميعاً، ويذكر ان العديد من افراد جمهور المتفرجين قد يكونوا شاركوا في الجوقات سابقا، وقد وصل عدد المواطنين اولئك في اواخر القرن الرابع قبل الميلاد الى ستة الاف، أي حوالي 17 بالمئة من عدد السكان الكلي في اثينا وحدها.
الملمح الثالث من ملامح الديمقراطية في المسرح الإغريقي يخص (الكوميديا) بالدرجة الاولى حيث يكون كلام الشخصيات بالشعر البسيط- الشعر الشعبي، وفي موضوعاتها هناك سخرية من تصرفات وسلوك السياسيين والشخصيات البارزة في المجتمع وهناك نقد لما هو معوج في المجتمع ذلك الوقت، ويستجيب الجمهور لمثل ذلك التوجه بحماسة، وتراهم يشجعون التعرض للقوانين وللمحاكمات، وهناك لابد من الاشارة الى عدم وجود رقابة على النصوص المسرحية وعروضها ولكن لابد من حصول رخصة لعروض الكوميديا، وخصوصاً عند اقامة المهرجانات المسرحية والتي تركز عروضها على حقوق المواطنين في المساواة والحرية.
الملمح الرابع هو المعونات المالية التي تقدم للعروض والمهرجانات المسرحية والمكافآت التي تمنح للفائزين في المسابقات، ويتم منح الممثلين اجوراً بموجب عقود يوقعونها مع الشاعر فولت والمسرحية وليس مع السلطة، وهناك رعاية خاصة للمهرجانات حيث يقدم الاثرياء معونات مالية، ومن الجدير بالذكر ان المواطنين الفقراء يعفون من دفع اجور مشاهدة المسرحيات، وتقوم ادارة الخزينة العامة في البلاد بتخصيص معونات مالية للمهرجانات المسرحية.
كان المسرح الإغريقي وتلته بقية المسارح في العالم مرآة تعكس علاقة الشعوب بقادتها، ومدرسة لتعليم ابناء الشعب كيفية التعبير عن آرائه بحرية، وحاول الاباطرة واتباعهم الحد من ذلك التعبير بشتى الوسائل، ولكن الجمهور ظل يعبر عن رفضه لسلوك شائك من السلطة وذلك بالصراخ والتعليق الكلامي بينما يعبرون عن اعجابهم او ترحيبهم بما هو ايجابي بالتصفيق والهتاف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram