شهدت السينما البريطانية مؤخراً سيلاً من الأفلام التي لفتت اهتمام النقاد والمهرجانات اليها إضافة إلى أفلام أخرى على وشك العرض. وقد التقى المحرر توم لامونت من صحيفة الأوبزرفر بعدد من المخرجين البريطانيين وسألهم عن سر هذه النهضة المفاجئة.في مهرجان كان ا
شهدت السينما البريطانية مؤخراً سيلاً من الأفلام التي لفتت اهتمام النقاد والمهرجانات اليها إضافة إلى أفلام أخرى على وشك العرض. وقد التقى المحرر توم لامونت من صحيفة الأوبزرفر بعدد من المخرجين البريطانيين وسألهم عن سر هذه النهضة المفاجئة.
في مهرجان كان الماضي كان ثمة كلام مثيرا للقلق. من بين الأفلام السبعين الطويلة التي عرضت في المهرجان كان هناك اثنان منها بريطانيين. فهل كانت تلك إشارة إلى تدهور صناعة الفيلم البريطاني؟ في نهاية عام 2013 هل يلوي جمهور السينما أيديهم بينما رواد السينما يصطفون من أجل أجرة السفر الأمريكية ويعقد مجلس اللوردات لجنة للاختيار؟
لقد كان الفيلمان البريطانيان اللذان عرضا في "كان" بلا شك ممتازين- "العملاق الأناني The Selfish Giant " لكليو برنارد و"من أجل أولئك الذين في خطر For Those in Peril " لبول رايت- وكلاهما دراما قوية صادمة. لكن صناع الفيلم الفرنسي والأمريكي والمكسيكي والكمبودي غادروا "كان" بأرقى الجوائز؛ في الوقت نفسه فإن المعجبين والمحبين للفيلم البريطاني رحلوا عائدين عبر القناة بذعر معتدل. فهل أصبحت هذه السنة مخيبة؟
لكن الانطلاق بدأ بعد بضعة أشهر، فقطار المهرجانات العالمية رحل من "كان" عبر "لوكارنو" و"البندقية "و"تلورايد" و"تورنتو" وبدا كل شيء مختلفاً. الفيلم البريطاني في تصاعد، الحدث الساخن من بين أحداث الخريف- مجموعة من المخرجين في أفلامهم الثانية أو الثالثة بالأخص قد أغدق عليهم كبار النقاد. في مهرجان البندقية الشهر الماضي قالت مجلة "فاريتي" عن فيلم " تحت الجلدUnder the Skin"، وهو فيلم كئيب مخمر طويلا أخرجه لوندونر جوناثان غليزر، " من أحسن الأفلام الداخلة في المنافسة". كما أن فيلم "معرضExhibition" وهو الفيلم الثالث للمخرجة البريطانية "جوانا هوغ" عرض مبكراً في مهرجان لوكارنو في سويسرا وقالت عنه مجلة "فاريتي" أيضاً بأنه دراسة "متقنة" عن الزواج.
في مهرجان تورنتو السينمائي الذي انتهى تواً وصفت صحيفة "الغارديان" فيلم "القرين The Double" ، وهو كوميديا سوداء من تمثيل "جيسي أيسنبرغ" كونه "لامعا ًو دراسة محكمة عن الهوية الذاتية" بعد أن عرض الأسبوع الماضي. وحصل "رالف فينس" على أصابع القبول من كل الجهات عن فيلمه السيري عن جارلس ديكنز " المرأة اللامرئية Woman The Invisible". أما "ستيف ماكوين" فقد سحر الجمهور تماماً عن فيلمه الدرامي التاريخي "12 سنة من الرق12 Years a Slave" وهو دراسة قوية عن الرق الأمريكي بطولة "جيوتل أجيوفور" وسبق لهذا الفيلم أن عرض في مهرجان "تلورايد" السينمائي في كولورادو في آب الماضي وسحر الجمهور. وتوقعت مجلة "أنترتينمنت ويكلي" أن يكون "ضمن ترشيحات الأوسكار بالتأكيد". وكتبت صحيفة "نيويورك" بأنه "جدير بالملاحظة وينطبع في الذهن".
فكان ثمة ارتياح بعد مهرجان "كان" . سوف تجول الأفلام أعلاه في دور السينما في الأشهر القادمة وتلحقها أفلام واعدة من "إيما أسانت" مخرجة تسكن لندن يتحرى فيلمها الثاني" جميل" العرق والطبقة في إنكلترا القرن الثامن عشر؛ والمخرج "دكستر فليشر" الذي يقدم الآن فيلمه " شروق في ليث Sunshine on Leith " بعد فيلمه الذي أثار الإعجاب "بل المتوحشWild Bill"؛ والمخرج من مدينة مانشستر "جوستين جادويك" الذي جاء فيلمه السيري "مانديلا الرحلة الطويلة نحو الحريةMandela: Long Walk to Freedom" في الوقت المناسب وهو من تمثيل "أدريس ألبا" في الدور الرئيس.
لا يقتصر الخريف على المخرجين الماهرين أصحاب الفيلم الثاني أو الثالث أيضاً. فنظرة على الجيل سوف نجد روجر ميشيل ( فيلمه الكوميدي" نهاية الاسبوعLe Week-End" تمثيل جيم برودبنت يظهر في تشرين الأول) وستيفن فريرز الذي لف فيلمه " Philomenaالنظر إليه في مهرجاني البندقية وتورنتو وشخصيته الرئيسة تؤديها جودي دنش التي أثارت الحديث حول ترشيحها لجائزة الأوسكار. وستسمر هذه الأحاديث حتى شهر تشرين الثاني حين تبهت المهرجانات وتتيح المجال إلى "موسم الجوائز". ويتوقع أن يحتل اسم فيلم بريطاني في كل صنف.
ما الذي حدث؟ لماذا فجأة الآن يجيء مثل هذا المحصول المحلي؟ ثمة أسباب إدارية مملة. يقول روجر ميشيل:" تحتشد الأفلام البريطانية في غالب الأحيان معاً في الخريف لأنها لا تريد أن تتنافس مع الأفلام الأمريكية الكبيرة في الصيف". ويبدو أن راسمي ستراتيجية صناعة الفيلم البريطاني أوضحوا بأن مهرجان تورنتو بالأخص يعد خزانة عرض تعرض فيه بضاعته الواعدة لهذا يكبر العرض ويخلق بالضبط نوعاً من إشاعة الصناعة والحماسة النقدية التي تنبعث من كندا.
ومن وجهة نظر الجمهور هل يهم إن كان ثمة احتيال في الأمر حول التوقيت؟ إن مرتادي السينما بالتأكيد يهتمون بنوعية ومجال العمل. وهذه القائمة من الأفلام البريطانية البارزة لا تبدو كثيراً أفضل أو أكثر اتساعاً. تقول كليو برنارد:" يبدو الأمر مثيراً بالنسبة لي وهذا شيء أكيد".
إن فيلم "العملاق الأناني" لبرنارد يتتبع العلاقة الشبابية ما بين اثنين من كسالى يوركشاير. تشير برنارد إلى أننا لو اعتبرنا المخرجين البريطانيين للأفلام الجديدة على الطريق، فإن هوغ ومكوين وأيواد وغلزر "إنهم مختلفون جداً كل منهم عن الآخر. لا يوجد نوع من الأسلوب البيتي في الفيلم البريطاني. وذلك جزء مما هو في غاية الإثارة".
يقول المخرج بول رايت المخرج الذي صور فيلم "لأولئك الذين في خطر" – حول عواقب حادثة في مجموعة لصيد السمك في ساحل أبردينشاير في اسكتلندا:" ثمة ثقة في صناعة الفيلم البريطاني. متابعة الحدود. الارتباط مع الجمهور. لا محاولة خالصة لجمع المال في شباك التذاكر. وثمة رغبة للجمهور في رؤية ذلك أيضاً. وهو أمر مشجع جداً".
وتتفق المخرجة جوانا هوغ التي تبلغ الثالثة والخمسين حول اتساع الإنتاج:" يبدو أن هناك العديد من الأنواع المختلفة للأفلام التي تظهر في المملكة المتحدة". لكنها تحذر من المزيد من الكلام عن فصل المحصول الوفير عام 2013:" هناك ميل نحو محاولة العثور على "حركة". الحقيقة أنه توجد فقط تلك الأصوات الفردية التي تتكلم عن أمور مختلفة في أساليب مختلفة. من الصعب تجميع كل شيء معاً".
اتفق المخرجون البريطانيون الذين تحدث معهم محرر صحيفة "الأوبزرفر" على أن دعم الصناعة- المالية والعاطفية- كانت متماسكة لا تقيم بثمن، مع أفلام في قنوات "فيلم4" و"أفلام البي بي سي" و"معهد الفيلم البريطاني" قد جرى إطراؤها بشكل متكرر.
تلقي جوانا هوغ الضوء على المساهمة المالية لمعهد الفيلم البريطاني وبي بي سي فيلم. وتكلمت برنارد عن "شجاعة" "فيلم4" ومعهد الفيلم البريطاني اللذين أتاحا لها كل المتطلبات من مال وإذن صاغية "ثروة من المعرفة"). تقول برنارد التي تعمل الآن على فيلمها الثالث:" من أين آتي فإن الأمور جيدة على الرغم من أنني واعية بأن هذه الحالة لا تتاح لأي شخص".
إنه تحذير مهم: بينما يبدو جيل محدد يزدهر في هذا الوقت بالذات فثمة محبطات واضحة مع ذلك ضمن الصناعة وخارجها. ناقش مايك فيجيز في هذه الصحيفة في حزيران بأن صناعة الفيلم البريطاني كانت منهزمة وخارج الطراز (مهجورة) وذلك ساقه إلى النظر إلى أمريكا من أجل المساعدة التي يحتاجها.
لكن بالنسبة للأشهر القليلة القادمة على أية حال نستطيع أن نكون إيجابيين وننعم باندفاعة من الفيلم البريطاني اللامع. إن أفلامنا هو صناعة الفيلم الذي طاردها إعلان "كولين ويلاند" حين فاز فيلم "عربات النار" بجائزة الأوسكار عام 1981 بقوله:" البريطانيون قادمون!". وكان "ويلاند" يعني بأنهم كانوا قادمين إلى هوليوود كي يتولوا سيطرة مبدعة. البعض فعل. والعديد لم يفعلوا. إنه قليل من الاندفاع لأن التصريحات تذهب وفي غالب الأحيان يبدو الفيلم البريطاني قد مرّ في سلسلة غير منتهية من النهضة والتدهور.