طوال سنوات حكمها لقطاع غزة، البالغ عدد سكانه ما يقارب المليوني نسمه، نجحت حكومة حماس في تخطي أزماتها الاقتصادية، مُعتمدة على دعم واضح من إيران والنظام السوري، وفي مرحلة لاحقة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، لكن تخبّطها السياسي، أو التزامها التنظيمي، أفقدها حليفها السوري بعد تأييدها معارضيه من الإخوان، ما أدّى إلى قطع طهران معوناتها المالية عنها، وتعقدت أزمتها بعد إطاحة الرئيس الإخواني محمد مرسي العياط، وكسر شوكة إخوان مصر، وما تلا ذلك من تدمير لأكثر من 90 % من الأنفاق، التي كانت الضرائب المفروضة على البضائع المهربة خلالها، تُشكّل مصدراً مهما للدخل ، يشكل 40% من ميزانية الحكومة.
من نتائج الأزمة المالية للحركة، إضطرارها لصرف نصف راتب لموظفي حكومتها، البالغ عددهم نحو 42 ألفاً خلال تموز الماضي، وهي أزمة تهدد بوقف تمويل المشاريع الإغاثية والتي تحتاج إلى ميزانية ومواد خام ومستلزمات لم تعد متوفرة، إضافةً لتوقف تمويل مشاريع البطالة التي أعلنت عنها مؤخراً، ولن تكون كافيةً "النجدة" الإسرائيلية، بإدخال ما يقارب 70 شاحنة محمّلة بمواد البناء يومياً إلى القطاع، وهي لن تعوض الدعم الخارجي وخسائر الأنفاق، ولن تخفض الحاد في مواد البناء، الذي أدى إلى ارتفاع أسعارها وانخفاض حركة العمران، وتقدّر وزارة الاقتصاد في غزة الاحتياجات اليومية بقرابة 6 آلاف طن من الحصى و4 آلاف طن من الأسمنت و1500 طن من الحديد.
حماس تكابر، فيؤكد نائب رئيس حكومتها أنها "واجهت الكثير من الأزمات وتخطتها، وهي قادرة على تخطي الأزمة الحالية"، ولايلغي قوله إن حكومتة اتخذت كافة التدابير والخطط اللازمة، الحاجة إلى دفع 37 مليون دولار شهرياً كرواتب لأكثر من 50 ألف موظف، ما يعني حاجتها للبحث عن حليف وممول بديل، لأن المؤكد أن فقدانها لحلفائها سبب أساس لأزمتها، وأمامها اليوم إمّا إصلاح علاقتها مع إيران أو مصر، مع ما يعنيه ذلك من تخريب لعلاقتها بمشيخة قطر، مع ملاحظة أن الوقت بات مُتأخراً جداً للبحث عن حلول مريحة، قد يكون أسهلها الامتناع عن أي تصعيد مع القاهرة، وهي المُتحكم الوحيد في شرايين حياة القطاع وحماس، والمنفذ الوحيد لعيش أهل غزة واتصالهم بالعالم.
عزل حماس يديم الركود على الساحة السياسية الفلسطينية، ويمنع الوصول إلى سلام يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية، فيما تعني نهاية الانفصال وإعادة ربط غزة مع الضفة الغربية، الخطوة الأولى لإعادة المؤسسات الوطنية المشروعة، وتقوية موقف المفاوض الفلسطيني، لايعني ذلك الدعوة لتمكين حماس، عبر فك عزلتها، بقدر ما يعني السعي لدمجها في المشروع الوطني الفلسطيني، وتشجيعها على المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي تُضفي المزيد من الشرعية على المؤسسات الفلسطينية، ، خصوصاً وأن التجربة أثبتت أن عزل غزة لم يدفع سكانها لإسقاط حكم حماس، التي اكتسبت مزيداً من القوة، بعد إحباطها مخطط إسرائيل عام 2006 لإطاحتها، وهي تخطط اليوم لتفجير أعمال العنف، كلما بات ممكناً الوصول إلى اتفاق بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى منح رافضي السلام فرصة التشكيك بإمكانية قيام الدولة، ما دامت عاجزة عن فرض سلطتها على كامل جغرافيتها.
وبعد، أليس من حقنا التساؤل، إن لم يكن واحداً ومتوافقاً هدف مؤيدي حماس، مع أهداف من يعزلونها، وهو منع قيام الدولة الفلسطينية، أو تأخير إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني.
عزل حماس أم دمجها؟
[post-views]
نشر في: 25 سبتمبر, 2013: 10:01 م