اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > تجليات – نحات .. (علوان العلوان)... شفرات التلاشي

تجليات – نحات .. (علوان العلوان)... شفرات التلاشي

نشر في: 27 سبتمبر, 2013: 10:01 م

تكرار الرمز يمثل أبسط طريقة لتأكيد معناه، كما أن الفعل هو بداية الوجود ومنه بدأ الفكر بإنتاج النظم والرموز والدلالات الخاصة وتحولاتها بحكم آليات التفكير الجمعي بتنوع الميول والاتجاهات وأثر أهمية الاختلاف بغية تفرد الانسان-الفنان في الوصول الى أسلوبه

تكرار الرمز يمثل أبسط طريقة لتأكيد معناه، كما أن الفعل هو بداية الوجود ومنه بدأ الفكر بإنتاج النظم والرموز والدلالات الخاصة وتحولاتها بحكم آليات التفكير الجمعي بتنوع الميول والاتجاهات وأثر أهمية الاختلاف بغية تفرد الانسان-الفنان في الوصول الى أسلوبه الخاص، برغم قدرة تماهيه مع العام في تبني الاشارة كنسق لعلاقات ورموز أضحت هي (اي الاشارة)،وفي حالات كثيرة، أهم من الفرد نفسه، فضلا عن أثر تفويض العلامات المهيمنة داخل المنجز الفني - في مجتمع ما- كمؤشرات وليس احالات لظواهر كالثور والشمس والحروف أو الآيقونات وغيرها، كما في عموم منجزات الوعي الحضاري في مختلف الأجناس البشرية.
واذا كانت ثوالث مرموز منحوتة (الثور المجنح) في حضارة العراق القديم - مثلا- تثق برأس الانسان على أنه مصدر للأفكار وجسد الثور يعني القوة والجناح بمثابة التحليق والسمو، فأن منحوتات(علوان العلوان)- كمثال فكري معاصر- تنحو باتجاه بث تجليات وعيها الراهن وغزارة ادراكها كثافة اللبس المتوالد في بنية تلقيها لرموز ودلالات ونظم توارثناها منذ أزمنة وعصور خلت، قد استغنت عن الرأس واستفردت بإمكانية تلاشيه والاستغناء عنه واقصاءه عنوة عبر ترحيله من ملاك تلك الاعمال التي أستجارات بمخلوقات خرافية وكائنات أسطورية وأشكال وانحناءات بعد أن وجد عدة موجبات لخلق تعالق أمثل مع نواتج تلك المنحوتات بالأخذ بها رهن فضاءات معاصرة، شاء لها أن تتصاهر مع ما يتلاءم ويعتمل في دواخل (علوان) من ارادة تلقائية أعطت فسحة للتأمل بغية الاستمكان من تأنيب عقوق الانسان ونبذ ذنوبه الدنيوية وشراسة افعاله واحقاده ومثالبه وجميع حماقاته بما جعل تأريخ البشرية تأريخا لا انسانيا بامتياز- على حد تعبير أحد الكتاب المعاصرين-،فيما تبقى الخبرة البشرية-الى الآن- ناقصة في فهم دواخل وأعماق النفس ودوافعها وأهدافها.
لعل تأرخ اعلان الانعتاق من أسار تقديس الانسان جراء مرض العنف وشهوة العدوان التي تسكنه، لا يغلق باب الصعود والارتقاء به رمزا ومركزا للكون حسب مرآى حكمة (أبن عربي)بنصوع قوله المعروف والمتداول:(وتحسب نفسك جرما صغيرا وفيك أنطوى العالم الأكبر)،وبنسب مفهوم الحرية الواسعة بوعيها الكوني كتلك التي نادى بها(سارتر)حين أفاد:(الحياة لا تساوي شيئا...لان لا شيء يساوي الحياة)،وفي وقت تفوز فيه رؤى تعليل عذابات الانسان على نحو مماثل للتعبير عن مقومات الدفاع عن تلك العذابات أو تخفيف وطأتها بالفن، كما يجري في تطبيقات ما نحن عازمون عليه في تطويع تجربة النحات(العلوان) كمثال حي، قادر على توضيح محاولات الفرد في تجاوز مصدات الاعتراض على السائد والمثوارث، ثم قدرة الافادة من مفهوم الارادة التقائية للتأمل، كونها مزيجا من مشاعر واحتكامات ذهنية ،تنحني الكثير من التبريرات، مقابل ذلك الفوز الافتراضي للرؤى الوارد ذكرها، حين نؤمن جميعا بأن كل شيء آيل للزوال، والفرق كبير جدا ما بين(التلاشي)وما بين معنى (الزوال)،الذي يعاكس ويضادد مفهوم(البقاء للاصلح)،بل يميل(هو) نحو مفهوم(البقاء للعدم)،ومن خرم باب هذا الاجتراح تقاوم منحوتات(علوان العلوان تولد/بغداد1962بكالوريوس فنون جميلة/جامعة بغداد1999أقام العديد من المعارض الشخصية الاول بعنوان(كيانات)/قاعة مدارات/ 2007والثاني (طقوس النحت وتشفيراته)/قاعة أكد/2010 ثم المعرض المشترك(بغداد/عمان/سدني)على قاعة دار الأندى/عمان2o10 ومعرض(اختزالات اوجاع) لثلاثة نحاتين مع(محمد مراد العبيدي ومحمد عزيزية)على قاعة مركز العزم الثقافي-طرابلس/لبنان نهابة عام/2011)الكثير من تلك المصدات، وهي تنجو بنفسها نحو ترسيخ مبدأ التلاشي، عبر ضمر الرأس في ملاك أغلب اعماله البروزية على حساب فكرة موائمة العدم مع تهيئات ذلك المبدأ، الذي أشتغل عليه (علوان) في تعميق فكرته الوجودية من خلال الارتقاء بالانسان متجاوزا محنه...مخاوفه... اندحاراته... وحاصل جمع كل عذاباته وتطلعاته، فاردا لغة التعبير بمادته الأثيرة الى نفسه (البرونز)،فارضا هيبة استطالات أبطال مجسداته (الجايكوميتية)نسبة الى النحات العالمي(جايكوميتي)،لكنها تبقى لصيقة، غارقة في ثنايا تماثلات شخوصه وحيواناته الخرافية ومخلوقاته الغريبة والسحرية الخاصة والملازمة لنبض وروح افكار وعوالم(علوان العلوان)حتى حين يبغي مدها وتدعيمها بذلك النوع الحاذق من الاستطالات، عبر تفاقم مساعيه الفكرية والنفسية وقدرته الفائقة في تأكيد محنة ضمور الرأس حتى حدود التلاشي، مع نزعة اعتماد كل ما يبرر منحها صفات ومواصفات أسطورية قادرة على خلق الدهشة والاستفزاز معا، في ذات لحظات منح مساحات واسعة للتأويل الذي تفرضه طبيعة تلك الاعمال، سواء أكانت على شكل حشود أو مجاميع ،أو جاءت على شكل(فكر) واحد يسعى لان يعاضد طرح موضوع الشعور بالوحدة أو العزلة أو الاغتراب، كما أنه يطلق العنان لمنحوتاته في أن تحلق،حتى وان كانت في مكانها،او مغلقة ومحاطة بدوائر ومنحنيات تزيد من وهج الحركة من رحلة البحث عن ذاتها القلقة المحركة، حتى لمن يتطلع بها أو يهيم في تتبع مقاصد تجليات زحفها في ركاب تلك الرحلات المرهونة بالحث والبحث عن كل أنواع وتدفقات ذلك القلق المجدي الذي يسكن أرواح مخلوقاته اللائبة وصراعات أسئلتها الكونية عن أسباب ذلك الضياع ومشقات البحث عن الذات في خضم ما كانت تعاني، وعتمة الانجرار الى ذلك التيه واللاجدوى التي قد تبدو واثقة من تعبيد طرق الوصول الى حلول كونية، هي الأخرى، عبر نوافذ ومسارب الخلط المتقن في خلق هيئات وسلوكيات معينة لتلك الشخصيات التي هي مزيج معاصر-حداثوي من رؤى وأفكار لاتفرق ما بين الانسان وما بين أي مخلوق اخر، سوى بقدرة ما يملك من قوة تفويض الأحلام وتوريد أنشطة المخيلة اليقظة، في تسبيب مواقفه جراء جور الزمن وظلم الانسان لنفسه وتجاوز مقدرات محيطه ونواتج ما توصلت اليه الحضارة الحالية من تزايد ملحوظ لمعادلات ذلك التجاوز ولفرط ما يعانيه الانسان من ظمأ روحي شديد على حد تعبير (جلال الدين الرومي)،وما تتداخل في خلجاته من خوف وغموض وهواجس عائمة، نلمس الكثير منها في جوانب عديدة من متممات ومجسدات (علوان العلوان)وهو يناور في الدفاع عن وجوده بالنحت ومكملات الفن من خلال الاحتماء- مجددا- مثلما كان الانسان القديم يرسم هواجسه على جدران الكهوف، بيد أن أعمال(علوان)-هنا- تقترب من الأسطورة، أكثر مما تقترب من الواقع، كما لو كان يعيد جوانب من أفكار ما كان يطرحها(هربرت سبنسر)في خلاصات كتاباته عن(فلسفة التطور)التي تشير الى أن (الأساطير ليست سوى نصوص من عبادات الأسلاف).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

واشنطن تحذر بغداد من التحول الى "ممر" بين ايران ولبنان

تقرير أمريكي: داعش ما زال موجوداً لكنه ضعيف

انتخابات برلمان الاقليم..حل للازمات ام فصل جديد من فصولها؟

صورة اليوم

المباشرة بتطبيق الزيادة في رواتب العمال المتقاعدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram