قضاء الشطرة بمحافظة ذي قار المعروف سابقاً باسم "موسكو الصغيرة" وللتسمية دلالاتها في الإشارة الى اتساع تنظيم حزب عراقي. أبناء القضاء الذي فقد تسميته القديمة مازالوا يحتفظون بذكريات عن سفترخان وغيره من الهنود الذين تركتهم القوات البريطانية بعد رحيلها من البلاد ، ومنحتهم امتياز امتلاك معدات وسيارات تركها الجيش البريطاني ، بوصفها خردة وليست ذات قيمة تستحق إعادتها الى مكانها الأصلي .
سفترخان الهندي كانت حصته الحصول على سيارة " قجمة" كثيرة العطلات ، استخدمها في نقل أبناء العشائر من قراهم الى الشطرة ، لبيع منتوجاتهم الزراعية ، وتناول نفر الكباب ، والجلوس في احد المقاهي لاحتساء الشاي ، والاحتكاك بالأفندية. وبعض الفلاحين طالتهم رياح "موسكو الصغيرة" فانضموا الى الحزب صاحب النشاط الواسع في القضاء ، لاستجابتهم لأفكاره وبرنامجه في تشريع قانون الإصلاح الزراعي ،والقضاء على الإقطاع ، وإلغاء الفوارق الطبقية، وكهربة الريف ، وتشكيل الجمعيات الفلاحية ومكافحة الأمية ، وغيرها من الأحلام التي سرعان ما تبددت بفعل عوامل عديدة شهدتها الساحة العراقية على مدى عشرات السنين.
الرجل الهندي استطاع الاندماج مع مجتمع "موسكو الصغيرة " ، وتعلم قراءة سورة الفاتحة فحصل على تأهيل بشهادة الآخرين لحضور مجالس الفاتحة ، ومن مؤهلاته الأخرى انه أجاد لهجة الأهالي وابدى حرصه على احترام عاداتهم وأعرافهم ، وقلدهم حتى في القسم بأسماء الأئمة في في تأكيد حقيقة ما ، ومنها ابتعاده عن أي توجه سياسي ، ومنع استخدام "القجمة " وتسخيرها لأغراض حزبية بنقل الفلاحين مجاناً للمشاركة في تظاهرات احتجاجية ضد السلطة في ذلك الوقت.
مع تنامي الصراع السياسي في العراق ، وبروز قوى تهدف للوصول الى السلطة بأية وسيلة ، وعملت على الغاء تسمية موسكو الصغيرة ، توجهت الاتهامات الى سفترخان بوصفه كان يقدم الدعم اللوجستي لتنظيم سياسي ، وهو بريء من التهمة ، لان سيارته القجمة تعمل يوماً واحداً في الأسبوع ، وبقية الأيام تكون زبوناً دائماً للفيتر ، لان صاحبها جعل مصيرها بيد "دريول " اي سائق لا يقدر أهميتها الوطنية في خدمة الفلاحين ، ومعظم هؤلاء ، ونتيجة تعرضهم لتداعيات الصراع السياسي ، قدموا شهاداتهم في المحاكم ضد من علمهم حتمية تحقيق النظام الاشتراكي بقيادة العمال والفلاحين ، وقد ذكر الباحث محمود العكيلي المختص بكتابة التاريخ السياسي في مدينة الناصرية انه وبعض مسؤولي تنظيم سياسي في مدينة الشطرة ومنهم الراحل شهاب التميمي ، وحسن العتابي ، وعبد جياد العبودي وغيرهم، صدرت بحقهم أحكام بالسجن ، وكان شهود إثبات التهم الموجهة اليهم من فلاحي "قجمة سفترخان" .
في كل الأحوال يرى الجيل الجديد من أبناء الشطرة التي تخلت عن تسميتها السابقة، وجود علاقة بين القجمة وماشهدته المدينة من أحداث سياسية ، وتداعياتها مستمرة حتى الوقت الحاضر ، لاعتقادهم بوجود اكثر من "دريول "يرغب في التصدي لقيادة "القجمة " بعد ان سمع الهتاف العراقي الشهير بالروح بالدم نفديك ياسفترخان الهندي.
قجمة سفترخان
[post-views]
نشر في: 27 سبتمبر, 2013: 10:01 م