نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي غادر مقر إقامته في نيويورك، وقطع عشرات الأمتار ليستقر في مقر إقامة أمير قطر الشيخ تميم، ليتكتب من هناك معلقة غزل في مديح قطر التي اكتشفنا مؤخرا انها لا تتآمر على العراق.. وقد بشرنا الخزاعي أن أجواء اللقاء" العاطفي " كانت إيجابية وتخدم مصالح البلدين، فيما نحن كنا وما زلنا نعيش مع السيد المالكي وأركان ائتلاف دولة القانون في بغداد حكاية أخرى عن قطر، لكن دعونا نصدّق أن العراق لم يعـد له خيار سوى أن يجلس الخزاعي أمام أمير قطر الذي بدا في الصورة " متبختراً "، فننسى مثلما يراد منا دوما أن رئيس مجلس الوزراء أثار الشبهات والاتهامات حول دور قطر في التآمر على العراق، وأنه أخبرنا قبل أسابيع أن قطر وحكامها يكرّسون للفتنة الطائفية،مؤكداً بالحرف الواحد " أن قطر تصرف الأموال وتعقد اجتماعات وتحركات وتنفق ساعات من الوقت من أجل أن يُقال إن في العراق نظاماً طائفياً ".
دعك من ذلك وانسَ أن قادة بارزين في ائتلاف السيد الخزاعي من أمثال محمد الصيهود وحنان الفتلاوي وعلي الشلاه، لايزالون يتهمون قطر بأن " لها أصابع فتنة في العراق، وبالضلوع في التفجيرات التي ضربت بعض مناطق البلاد "!
وافترض معي أن السيدة حنان الفتلاوي كانت قد أخذتها الحماسة الخطابية وهي تنتقد زيارة أسامة النجيفي الى قطر قبل أشهر حين اتهمته بالإساءة للسلطة التشريعية لأنه ذهب ليتباكى عند أسياده حسب قولها.. طبعاً فصل "الردح" السياسي لم يخلُ من مقال " رنّان " كتبه المقرَّب جداً ياسين مجيد كشف لنا فيه سراً" مخابراتياً " عن وجود مخطط تدعمه قطر يقضي بتنفيذ عمليات إرهابية يهدف إلى إسقاط العملية السياسية برمتها".. ويدهشك في الموضوع أيضا حالة الفزع التي أثارها مقال مجيد حين طالب بتقديم رئيس البرلمان العراقي إلى القضاء لأن زيارته تلك كانت تآمرية،متسائلا: كيف لمسؤول عراقي كبير أن يزور دولة تحرِّض على العنف؟ في ذلك الحين تصورنا أن قطر جهزت اسطولها الحربي وغواصاتها النووية وقررت احتلال العراق.
وظل أصحاب فزاعة المؤامرات الخارجية يمارسون معنا نوعاً من "الاستغباء " ذلك أنهم ظلوا حتى قبل ساعات من لقاء الاحضان بين الخزاعي وتميم، يواصلون افتعال الحرائق مع قطر وغيرها، للتغطية على الفشل المتواصل فى إدارة حكم البلاد، أو تقديم مشاريع سياسية أو اقتصادية، أو التعامل بجدية مع مشكلات المجتمع والناس.
لقد كان من الممكن تفهّم هذا التغيـُّر المفاجئ في موضوع السيادة والكرامة من قبل كتائب مقاومة الغزو القطري، لو أننا رأينا تغيـُّراً في موقف شقيقتنا "الكبرى" قطر من أوضاع العراق الداخلية.. لكنه الضمير السياسي عندما يُصاب بالعمى، يرى في قطر خطراً داهماً على العراق إذا استقبلت رئيس مجلس النواب، وهو " العمى " ذاته الذي يجعلها اليوم شيئاً جميلا ورائعاً لأن أميرها وافق أخيراً على استقبال نائب رئيس الجمهورية وابتسم في وجهه!
هذا التغيـُّر في اللسان يتصور دهاقنة الائتلاف الوطني أنه عاديّ، أو من قبيل أن السياسة كذب، لكنه الآن يدخل مرحلة الخطر حين تصبح اللعبة أكبر من تجييش جمهور ضد عدد من الدول، أو الضحك على هذا الجمهور نفسه بشعارات، مثل "تقوية العلاقات الأخوية مع قطر" وهي لعبة تقود البلاد إلى ما يشبه الخراب من خلال استخدام سلاح الكذب والخديعة، في سبيل خطف الدولة بأكملها.
المالكي ومعه أركان حربه خاضوا كل حروبهم تحت شعار: قطر تهدد الأمن الوطني العراقي، وأنها تضخ الأموال لخراب البلاد والعباد.. لكنها اليوم بمباركة الخزاعي تحولت إلى دولة ستمنحنا مسكّنات لتنظيم الأحوال، وهي ستكون مفتاحنا الى السعادة والامان
لكن الحقيقة التي لا يريد أن يعرفها البعض أن الشقيقة الكبرى قطر تلعب على أكثر من طرف لتبدو بحجمها الصغير، وبخفتها التاريخية، عنصراً مقلقاً لكيانات كبرى مثل العراق،حيث يُراد له أن يقفد موقعه في إطار عملية تفكيك تطلب من العراق أن يبقى من دون فاعلية.
حالة الحب التي انتابت الخزاعي تدعونا لنسأل: هل ستظل دول الجوار ومعها "قطر" سيدة مصائرنا، ولها وكلاء على كراسي الحكم؟ سؤال قاسٍ، لكنه يجب أن يُطرح الآن.
الحب في زمن " الخزاعي "
[post-views]
نشر في: 28 سبتمبر, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
منتصر ابو سحاد
الاستاذ العزيز ابو حسين دع الخزاعي يتحاور وع قطر قد يكون يشعر الرجل هناك حل معها لاتستهين بنمله لعلها تلسعك وتؤذيك ولو اني يائس من هذا الرجل لان كل انفاسه طائفية وفاشل بادارة حتى وزارة لاننسى حينما فشل بادارة وزارة الترية وطرد شر طردة واذا جاء الحل على هذ