بلهجة لبنانية ناعمة جدا ، ومزاج رائق ، استفسر سكرتير تحرير نشرة إخبارية في محطة إذاعية دولية من مراسلها في بغداد عن ابرز المستجدات ، والأحداث في الساحة السياسية العراقية ، ومناسبة الاستفسار جاءت على خلفية الاستعدادات والتحركات لتشكيل مجلس الحكم. الزميل رد على صاحب السؤال بالقول بانه حصل على تصريح خاص للإذاعة من زعيم سياسي، يذكر فيه أسماء الشخصيات المرشحة لعضوية المجلس ، فوجه سكرتير النشرة استفساراً بالقول " الزعيم شو بيشتغل " فاضطر الزميل الى تقديم سرد تاريخي مفصل ، عن صاحب التصريح، لكن الجانب الآخر كان يريد الحصول على تصريح من السيد بريمر ، ليتحدث بهذا الموضوع ، ولصعوبة الحصول على تصريح من المستر الأميركي طرحنا أسماء بديلة، ومع ذكر اسم عدنان الباجه جي او غيره يأتي الرد: وهايدا شو بيشتغل"، وانتهى السجال بين الطرفين عبر الاتصال الهاتفي من دون الحصول على معلومات جديدة ، وانتقل السؤال الى العاملين في مكتب الإذاعة في بغداد ليتحول الى لازمة عند طرح أي استفسار حول شخصية سياسية " شو بيشتغل" .
الساحة العراقية بعد العام 2003 شهدت بروز مئات الشخصيات السياسية ، كان حضورها في الفندق المقابل لساحة الفردوس وسط العاصمة ، على مدار الساعة لوجود وسائل الإعلام ، واستعدادها لنقل التصريحات ، فاعلن احدهم انه كلف بتولي منصب محافظ بغداد ، واصدر أمراً باستدعاء محافظ البنك المركزي ، تبين في ما بعد انه كان يريد الاستحواذ على "الدخل " ولفشل مخططه توارى عن الأنظار ، أما الآخر فقال انه اصبح مدير شرطة العاصمة ، وطالب قوات الاحتلال بمنحه المبالغ المالية الكافية لإعادة عناصر الشرطة لعملهم، لمطاردة المتورطين بحوسمة دوائر الدولة وبسط الأمن في المدينة، والثالث ادعى انه المرشح لشغل منصب رئيس الجمهورية ، لتقدم حظوظه لدى أصحاب القرار في الولايات المتحدة، وهناك من صدق هذه الادعاءات ومنهم صاحب مطعم قريب من ساحة الفردوس مازال يحتفظ بفواتير بملايين الدنانير ثمن تناول وجبات الطعام للسيد الرئيس وبطانته وعناصر حمايته ، وصنف اخر ممن يدعي انه من ابرز السياسيين الجدد كان يحمل تلفون الثريا ويجري اتصالات وهمية مع مسؤولين خليجيين، ويتحدث بصوت مرتفع ليسمع الإعلاميين بانه يمتلك علاقات إقليمية واسعة سيسخرها لخدمة العراق وشعبه ، ولا احد من الصحفيين يسأل عن الرجل "شو بيشتغل ".
من سمات العملية السياسية في العراق بمرحلتها الاولى ، انها كشفت عن "القفاصة" فغادروا المشهد تلاحقهم تهم النصب والاحتيال ، لان سؤال "شوبيشغل" كان المعيار الحقيقي لمعرفة الأشخاص ، وتاريخهم السياسي ، وتكون له فاعلية عندما تستخدمه وسائل الإعلام، وتنقله الى الرأي العام ، والسؤال من شانه ان يحدد توجهات الناخبين ،عندما يقفون أمام صورة المرشح ويستفسرون "وهيدا شو بيشغل"؟
شو بيشتغل؟
[post-views]
نشر في: 29 سبتمبر, 2013: 10:01 م