بعد أكثر من فيتو، تمكّن مجلس الأمن الدولي من الاتفاق على قرار مُلزم حول الأسلحة الكيماوية السورية، اعتبره أوباما نصراً عظيماً للمجتمع الدولي، والأبرز في القرار، أن المنظمة الدولية أصدرته مع الإشارة للفصل السابع، ما يعني أنه اشترط العودة إلى مجلس الأمن ثانيةً، في حال تم خرق بنوده، وقد حذّرت واشنطن النظام السوري مُسبقاً، من تداعيات عدم امتثاله للقرار، وهددت المسؤولين عن استخدام الكيماوي في الغوطة بالمحاسبة، بينما أبدت موسكو استعدادها لإنجاح عملية التخلص منه، وحمّلت المسؤولية الرئيسية لكافة أطراف الصراع، وخصوصاً من يؤيد ويرعى المعارضة، وطالبتهم بضمان عدم وقوع الأسلحة بأيدي المتطرفين.
سوريا اعتبرت أن القرار يُغطي معظم مخاوفها، ورأت فيه مقدمة لعقد مؤتمر جنيف 2، لإنهاء الحرب الأهلية، وأكدت التزامها الكامل بحضوره، لكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم رأى أن من السابق لأوانه، الحديث عن التوصل إلى اتفاق سلام، في ظل استمرار المعارك على الأرض، في حين رأت أطرافٌ سوريةٌ أخرى في القرار انتهازية دولية، وتسوية لا يستفيد منها أحد غير إسرائيل، التي قطفت وحدها ثمرة معاناة السوريين، وأنهت قلقها الاستراتيجي مما يسمى ( توازن الرعب)، وشددت وجوب معاقبة مرتكب الجريمة، وليس أداتها، ورأت أن القرار أعطى مشروعية أممية، لقتل السوريين بكل الأسلحة ماعدا الكيماوية ، وأبدت مخاوفها أن يكون تفريغ سوريا من أسلحتها، خطوة تتبعها خطوات خطيرة تغرقها في حرب أهلية طويلة، تتحول فيها الثورة إلى حرب على الإرهاب، وأشارت الى أن القرار خلا من أي ذكر للشعب السوري ومعاناته وعذاباته الأسطورية، وحقه في مطالبه بالحرية والكرامة والديموقراطية .
يعتبر الكثيرون أن القرار الأممي حسم مصير مستقبل الأسد، وإذا كان وزير الخارجية السوري، يؤكد أنه لا أحد يستطيع الحديث عن دوره، لأنه محدد في الدستور، فإن معارضيه ينقلون عن موسكو أن ترشّحه لفترة رئاسية أخرى أمر غير وارد، لكن الخلاف مع واشنطن يدور حول موعد تسليمه السلطة، وإذ تريد روسيا أن ينهي ولايته ويخرج بشكل رسمي وبروتوكولي، مع ضمان عدم محاكمته لاحقاً، تُصرّ واشنطن على رحيله مع نهاية العام الجاري، وترك مسألة محاكمته أو تقديمه للقضاء للحكومة الانتقالية، المفترض تشكيلها كنتيجة لمؤتمر جنيف 2، كما أن هناك خلافاً آخر يتعلق بصلاحيات الرئيس، حيث تطالب روسيا ببقاء الجيش تحت إمرته خلال الفترة الانتقالية، وأن تستلم المعارضة وزارة الداخلية بما فيها الأمن والاستخبارات، وتعيد الحكومة الانتقالية هيكلة هذه الوزارة والأجهزة الأمنية.
قرار الأمم المتحدة، الذي أشار باستحياء إلى الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة، وإن اعتبر أمينها العام، أنه أكد أن المجتمع الدولي أنجز مهمته، ورأى فيه بارقة الأمل الأولى في سوريا منذ زمن طويل، لن يكون أكثر من حبر على ورق، إن لم يلتزم ببنوده كافة المعنيين بالصراع، ابتداءً بالنظام ومعارضيه، ومروراً بالقوى الإقليمية الداعمة لكليهما، وانتهاءً بعواصم القرار العالمي، على أن يكون الخطوة الأولى لحل جذري للأزمة المستمرة بحصد أرواح السوريين، وتدمير كل ما أنجزه الشعب السوري من تقدم، ويقضي مرةً واحدةً وإلى الأبد، على كل ما أثارته التدخلات الخارجية من توترات طائفية، كانت بعيدة عن أخلاق السوريين وطرق معيشتهم.
الكيماوي السوري تحت الفصل السابع
[post-views]
نشر في: 29 سبتمبر, 2013: 10:01 م