زعمت عالِمة استرالية بارزة تدعى جيني غريفز أن الرجال يعيشون حالياً في الوقت الضائع، وأنهم من الأنواع التي تمضي في طريقها نحو الانقراض، وأنهم سينقرضون في غضون 5 ملايين سنة من الآن. ومضت تقول إن عملية الانقراض هذه ربما بدأت بالفعل. لابد ان مثل هذا الخبر لن يفرح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لأنها حظيت أصلاً بانتخاب الأكثرية لها وحازت على دورة انتخابية ثالثة ولن ترقص له قلوب ملكات العالم وأميراته ونساء السياسة فيه فحقوقهن مضمونة ووجودهن ملموس في خرائط السياسة العالمية، أما لدينا فسيدغدغ هذا الخبر أحلام نساءعديدات ليس في مجال السياسة فقط بل في جميع المجالات اذ ثبت (عراقياً) ان اغلب الرجال بلغوا مرحلة العجز في تحقيق إنجازما، وحين يصبح الرجل عاجزاً أمام نسائه يصبح حضوره كغيابه ولايعود له نفس التأثير والقوة فكيف يكون الحال اذا انقرض فعلاً؟... قد يتصور البعض ان المرأة العراقية تتحين الفرص للخلاص من الرجل لكن العكس هو الصحيح فهي تبحث عن ظل الرجل ان لم تجد الرجل نفسه لكنها اعتادت على فقدان الرجال في ساحات القتال او العنف والتفجيرات او بقائهم حولها عاجزين عن الحصول على فرصة عمل او سقف منزل او تنفيذ وعودهم بالارتباط بالزواج وربما يعجزون أحياناً عن حمايتها او حماية انفسهم من بطش اقوى منهم، وهي في كل هذه الظروف لن تشعر بوجود الرجل كما تريده فعليا.. وربما يتمنى البعض ان تتحقق نظرية تلك العالمة قريباً جداً وان ينقرض رجال السياسة قبل غيرهم على افتراض انهم رجال بحق لحملهم مسؤوليات وأعباء بلد يئن تحت وطأة الأزمات والأطماع والحقد الدفين عسى ان تخلو مواقع اتخاذ القرار منهم وتصبح الفرص سانحة لصعود غيرهم اليها لكن الفرحة لن تكتمل فلكل مسؤول أذناب ومريدون ومقلدون يأكلهم الطموح لبلوغ منصبه لذا سيستولون عليه حالما ينقرض الرجل ويصبحون بالتدريج نسخا شبيهة به وسيعجزون عن هزيمة رغباتهم بالتسلط والبطش والالتصاق بمقعد المسؤولية أطول فترة ممكنة وممارسة كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق ذلك وهكذا سيعلنون عن بداية عصر سياسي جديد فاشل ايضا فمن يهزم رغباته اشجع ممن يهزم اعداءه لأن اصعب انتصار هو الانتصار على الذات كما يقول ارسطو ومثل هؤلاء لن ينتصروا على ذواتهم ويستحقون بالتالي ان ينقرضوا ايضا.... علينا إذن ان نبحث عن رجال حقيقيين يقودون البلد الى ضفة الأمان وينقذونه من رعب آت وموت ينبت في كل مكان كالأعشاب الضارة ويفترس براعمنا الغضة وزهورنا الملونة وحين يأتي دورهم بالانقراض فسيكفيهم فخرا انهم انقذوا البلد وكانوا رجالا بحق، لكن البحث عن الرجال في هذا الزمن اصعب شيء يمكن تصوره فنحن نعيش في زمن أنصاف الرجال الذين يضيقون الخناق على كل من يجدون فيه ملامح إخلاص وقوة ووطنية ورجولة حقيقية فيسعون الى وأده او اقتلاعه من جذوره والقائه بعيدا عنهم وبالتالي، ينقرض يوميا عشرات المخلصين والوطنيين من دوائر الدولة ومواقع المسؤولية فيها وتبقى الساحة مفتوحة لأنصاف الرجال او العاجزين تماما عن حمل سمات الرجولة بينما ظل وسيظل الشعب يئن تحت وطأة القهر والخوف والموت بانتظار ان ينقرض قادته وأشباههم جميعا...
أنصاف رجال
[post-views]
نشر في: 30 سبتمبر, 2013: 10:01 م