TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مزاجُ الناخبين

مزاجُ الناخبين

نشر في: 1 أكتوبر, 2013: 10:01 م
يوم كانت ممارسة العملية الديمقراطية في العراق "تتلخص بانتخاب الطالب القدوة" في جميع المراحل الدراسية، كتب محرر يعمل في قسم المحليات في احدى الصحف مادة سلطت الضوء على الابتكار العراقي في خوض تجربة ديمقراطية جديدة فريدة من نوعها، لأنها منحت جميع الأعمار حق اختيار نموذجهم الأفضل ليكون قدوتهم في الصف الدراسي، وصاحب الشرف في حمل اللقب لا يمتلك امتيازات وصلاحيات وليس من واجبه الدفاع عن حقوق الطلبة. المحرر ذكر في مادته ان العرس الديمقراطي الذي شهدته "مدارس القطر" كافة كان يرتدي اللون السرمدي وعندما وجه له السؤال من قبل مسؤول الصفحة عن معنى "اللون السرمدي" قال انه قريب من اللون البنفسجي، وانه استخدم المفردة للتعبير عن حالة الفرح العراقية، وخاصة لدى الطلبة في اختيار ممثليهم.
مسؤول الصفحة في الجريدة استعان بشيخ المصححين في ذلك الوقت الراحل حسين غائب، وطلب منه توضيحاً لمعنى السرمدي لكي يقدم درساً للمحرر "الفلتة" في اختيار المفردات المناسبة، وبعد حوار وجدل واستعانة بالمعاجم، رفض المحرر التخلي عن المفردة لأنها من وجهة نظره تعبر بشكل حقيقي عن التوجه العراقي نحو الديمقراطية، و"اللون السرمدي"، سيوجه صفعة لأعداء العراق المشككين بخطواته الجادة نحو تحقيق الديمقراطية بانتخاب الطالب القدوة، وبتدخل مدير التحرير حسم الموقف لصالح مسؤول الصفحة بحذف مفردة السرمدي واختيار أخرى بديلة، مع توجيه الشكر والثناء للمحرر لجهده الميداني.
المحرر ربما كان يقصد مزاج الناخبين فلجأ الى الألوان لتصوير مزاجهم الرائق أثناء الإدلاء بأصواتهم لانتخاب ممثليهم، ولاسيما ان العراقيين اعتادوا في كل الظروف والأحوال على استخدام اللون في التعبير عن حالة ما، فهذا الشخص حظه اسود مصخم في الإشارة الى تعاسة الحظ، و"سوّاها علينا سودة مصَخُّمة" عندما ينشب شجار داخل الأسرة الواحدة، و"رايتك سودة" تقال لمن يرتكب حماقات متكررة، و"رجلك خضرة"، لمن يكون مَقدمُه فاتحة خير على الآخرين بتحقيق تمنياتهم في شفاء مريض، او الاعلان عن منح طبقة بيض ضمن مفردات البطاقة التموينية.
مع انشغال مجلس النواب هذه الأيام في بحث تعديلات قانون الانتخابات، يتوجه مزاج الناخب الى اختيار وجوه جديدة لشغل مقاعد البرلمان المقبل، عن طريق حصولهم على أصوات ناخبيهم، ولا يجوز منحهم أصوات رؤساء قوائمهم. ويجب ان يكون البرلماني الجديد معروفاً بنشاطه السياسي وبرنامجه في إرساء قاعدة بناء دولة مدنية، ينبذ الطائفية وصاحب دعوة لتوطيد السلم الأهلي، ذو مواقف شجاعة في الكشف عن المفسدين بالأسماء والوثائق، وليست له إطلالة يومية على شاشات الفضائيات ليوجه الاتهامات للخصوم، يؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع ويرفض اللجوء الى السلطة القضائية ليكون مرشح كتلته صاحب الحق الشرعي في تولي المنصب. هذه المواصفات وغيرها عندما تتوفر في المرشحين سيحقق العراق عرسه الديمقراطي ذا "اللون السرمدي" والليموني وربما الزيتوني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram