TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انقلاب وشيك

انقلاب وشيك

نشر في: 4 أكتوبر, 2013: 10:01 م

على ضفة نهر دجلة في شارع أبي نؤاس، لجأ الكثير من الأشخاص بأعمار مختلفة إلى استخدام السنارة لصيد السمك لاعتقادهم ، بأن هذا النوع من النشاط ، يمنحهم الاسترخاء ويوفر لهم فرصة الابتعاد عن متابعة الأخبار للتخلص من تأثير ضغوط الأوضاع السياسية والأمنية ، واستعادة ذكريات قديمة مع النهر ، غير معنيين بما يجري في الضفة المقابلة من النهر حيث تقع المنطقة الخضراء المحصنة مقر الحكومة ومنازل كبار المسؤولين وأبرز القادة السياسيين .
قبل الاحتلال الأميركي للعراق ، كانت الضفة الأخرى من نهر دجلة محظورة ، ومازالت محتفظة بهذه الصفة ، ومن يحاول الاقتراب منها من "البلامة " سابقا ولاحقا يتعرض لإطلاق نار من سلاح رجال الأمن ، فالأوامر واضحة ولا تحتاج إلى توضيح ، فمن يرغب في الوصول إلى الضفة الأخرى قد يكون بنظر الحرس مدفوعا من جهات خارجية لتقديم معلومات دقيقة عن موقع القصر الجمهوري ومداخله ، ومخارجه يقدمها للأعداء لتنفيذ مخطط نسف أو قصف القصر تمهيدا لإعلان انقلاب عسكري ، وبث بيان رقم واحد ، ثم يصبح البلام صائد السمك رئيسا لمجلس قيادة الثورة الجديدة .
هواة صيد السمك لطالما تعرضوا إلى مضايقات رجال الأمن عندما يصدرون الأوامر بترك المكان فورا ، لأن أحد المسؤولين سيقوم بنزهة نهرية مع أفراد أسرته ، وفي بعض الأحيان ، يشن عناصر حماية شخصية سياسية صولة خاطفة لإخلاء المكان ، لتوفير الأجواء الأمنية المناسبة أثناء وقوفه على ضفة النهر ، وقت الغروب مقابل مبنى السفارة الأميركية .
وصف المنطقة الخضراء بالمحصنة ، من قبل وسائل إعلام عراقية وأجنبية ، أثار اعتراض أحد النواب من أصحاب الإطلالة اليومية على شاشة فضائية حزبه ، وقال بالحرف الواحد" بغداد كلها مدينة محصنة" ، ولا فرق بين منطقة وأخرى في حماية سكانها من الاعتداءات الإرهابية بجهود الأجهزة الأمنية ، وصاحب التصريح معروف بين زملائه البرلمانيين بأنه يسكن في المنطقة الخضراء ، وعائلته مقيمة في دولة أوروبية ، و طوال وجوده في الدورتين التشريعية السابقة والحالية ، لم يتعرف على معالم بغداد وأحيائها ، باستثناء الشارع المؤدي إلى المطار !
عتاب البرلماني الذي يدّعي أنه صاحب قاعدة شعبية واسعة منحته حق شغل مقعده في مجلس النواب ، الموجه إلى وسائل الإعلام لاستخدامها صفة المحصنة عند ذكر المنطقة الخضراء ، ربما ينطلق من حرصه الشديد بوصفه عضوا في لجنة الأمن والدفاع النيابية ، على التمسك بالعرف السائد في السوق "الدين ممنوع والعتب مرفوع" والبرلماني طبّق الشعار أثناء نزهته في شارع أبي نؤاس ، وقد تكون هي الأولى له منذ مجيئه إلى العراق ، فأصدر الأوامر لعناصر الحماية بطرد هواة صيد السمك ، لأنهم يهددون أمن المنطقة المحصنة .
النائب صاحب العتاب ذو القاعدة الشعبية الواسعة كما يزعم ، يبدو غير معني بسلسلة التفجيرات التي تتعرض لها العاصمة بغداد بشكل شبه يومي ، فهي من وجهة نظره لا تهدد النظام والأهداف الحيوية ، ومخاوفه تتمثل بإمكانية قيام هواة صيد السمك بتنفيذ انقلاب عسكري واحتلال المنطقة الخضراء!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. منتصر ابو سحاد

    لاياستاذي العزيز الرجل لايفكر بما تفكر به لاقسما بالله ولايخطر ببالهم من هذا الشى ان هؤلاء محظوظين انهم جاؤاووجدوا كل شى جاهز واريد ان اختصر خصوصا من شعب مسلوب من القوة والارادة حيث قال احد هؤلاء الاوباش من المسؤولين حاليا هل هذا يسمى شعب انه شعب ميت وبلا

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram