تطرح المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الأميركي والإيراني، والاجتماع بين وزيري خارجيتهما، سؤالاً عن إمكانية حدوث تقارب واختراق في الملفات الخلافية بين بلديهما، كالبرنامج النووي والأزمة السورية، وإذ يظن البعض أنّ من المبكر الحديث عن فتح صفحة جديدة بين البلدين، لأن الأمر لا يتعلق بالشخصيات بقدر ما يتعلق بالسياسات، التي يتولاها في طهران المرشد الأعلى للثورة، فإن الآخرين يؤكدون أن روحاني لم يتصرف من عندياته، وإنما بتنسيق مع المرشد أو تنفيذاً لتوجيهاته، وإذ يفسر البعض الغزل الإيراني برغبة طهران برفع العقوبات الاقتصادية عنها، فإن واشنطن لا يمكنها منحها ما تتمنى وتريد في الظرف الراهن.
يتوجّب على الرئيس روحاني، مع أن البعض يعتبر أن انتخابه يطرح مقاربة جديدة في السياسة الخارجية الإيرانية، ستكون أساس الإنطلاقة الجديدة بين واشنطن وطهران، وهو يسعى لاستنساخ تجربة خاتمي، ولأن يكون طرفاً إيجابياً في القضايا الإقليمية، مُعتمداً أنه انتخب على أساس برنامج، وليس على أساس شخصي، يتوجب أن يعترف بحجم قدرته وتأثيره في السياسة الخارجية، على اعتبار أن الملف السوري بيد الحرس الثوري ولواء القدس، فيما تطالب واشنطن أن تنأى إيران بنفسها عن الملفات الإقليمية، حتى يشكل هذا أرضية لانطلاقة جديدة نحو حل الملف النووي الإيراني، في حين تستند السياسات الإيرانية على محورين، هما الحوار مع الغرب والتأثير الإقليمي، مع رغبة جامحة في أن لا تكون تفاهماتها مع الغرب على حساب علاقتها وتأثيرها في دول الإقليم.
تاريخياً كانت العلاقة التحالفية بين واشنطن وطهران، قد نمت بعد الاعتراف الإيراني بتأسيس دولة إسرائيل، وكانت الأولوية الغربية بناء علاقة متميزة بين الدولة الجديدة ودول الشرق الأوسط غير العربية، ومنها إيران، وهو الأمر الذي لم يتغير إلاّ بعد إطاحة حكم الشاه، وقيام الجمهورية الاسلامية عام 1979 حيث تغيرت ظاهرياً خريطة التحالفات، في حين واصلت إيران سياسة الشاه تجاه المنطقة، وبما يتناسب مع مصالحها، حد شرائها أسلحة اسرائيلية والتشبث بضم الجزر الإماراتية التي احتلها النظام السابق، ولاحقاً توترت العلاقة مع الغرب بسبب الملف النووي، والموقف من إسرائيل والعلاقة مع حزب الله.
روحاني في الواقع، يمتلك رؤية مختلفة عن كيفية تعامل إيران مع المجتمع الدولي، بما يعني الانفتاح على العالم، وفق قاعدة المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وهو يُدرك عدم إمكانية تحسين اقتصاد بلاده، بغير تخفيف أو رفع العقوبات ولو بشكل تدريجي، ويرتبط ذلك حتماً بإحداث اختراق في محادثات ملفها النووي، وبات واضحاً أنه يسعى إلى تخفيض الأثمان، التي تدفعها بلاده بسبب سياستها الخارجية، وهي تكاد تخسر حليفها السوري، كما أن خطابها المذهبي نحو البحرين دفع إلى خسارتها قاعدة عريضة من الرأي العام العربي، كانت رصيداً هاماً لدعم سياساتها.
أيّ غزل بين طهران وواشنطن؟
[post-views]
نشر في: 4 أكتوبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
منتصر ابو سحاد
لااعتقد ان يفعل السيد روحاني اكثر ممافعله السيد خاتمي خرج من الحكومة خالي الوفاض لكون القرار يد الولي الفقيه فالوضع يقى على ماهو عليه ولربما يزداد ان احتكاكنا ببعض القربين من النظام الايراني التمسنا ان الامر اكبر مما مطروح على ارض الواقع سلامي استاذ مبيض