TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الأسد المحظوظ بأعدائه

الأسد المحظوظ بأعدائه

نشر في: 5 أكتوبر, 2013: 10:01 م

جاء إعلان قيادة الجيش السوري الحُر، عن سحب اعترافها بالائتلاف الوطني المُعارض، نتيجة الفشل الذريع لبعض شخصيات الائتلاف وهيئة الأركان، وانحرافها عن مسار الثورة، واللعب بدماء السوريين، وتهميش القوى الثورية الفاعلة على الأرض، وهي التي تحمي مطالب الشعب، وتعمل لتحقيق إرادته ومبادئه التي ضحّى ويُضحّي لبلوغها، إضافةً لعدم تحقيق الوعود، بتقديم السلاح والدعم لجميع فصائل المُعارضة المسلحة، ليؤكد عمق الاختلافات بين معارضي الأسد، إلى درجة انحياز بعضهم إلى جانب النظام، والبحث معه عن حل سلمي للأزمة، التي تكاد تفتك بما تبقّى من الدولة السورية.
في هذا الصدد، كشفت صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية، عن محادثات بين مسؤولين كبار في النظام وفئات من الجيش الحر، قدّموا مبادرةً لإجراء محادثات مع الحكومة، تحمل أربع اقتراحات هي الدعوة إلى حوار داخلي، والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة، ووضع حد للصراعات الطائفيّة والإثنيّة وإدانتها، ومشاركة جميع الأطراف في العمل على إقامة سوريا ديموقراطية، ويبدو أن الحكومة وافقت سريعاً على الحوار بلا شروط مسبقة، مع تعهد من الرئيس، بضمان أمن أيّ عنصر مُعارض يشارك في الحوار.
 لا يقف "مناضلو الخارج" مُتفرجين، فقد سارع رئيس الائتلاف إلى الداخل السوري، بعد أن سبقه رئيس هيئة الأركان، لمعالجة تداعيات الأزمة، التي تتفاقم على وقع التوقعات بدخول كتائب "الحر"، في مواجهة أكثر ضراوة مع تنظيم "داعش" الذي يطالبهم بتسليم أسلحتهم وإعلان التوبة، وبديهي وقوف الائتلاف ضد التنظيم المرتبط بالقاعدة، والمرفوض من أغلبية السوريين، حيث من المنتظر أن تبحث قيادة الائتلاف، رفع مستوى الدعم لمقاتلي الجيش الحر وفصائله، مع طلب الدعم في هذا الإطار من أصدقاء سوريا.
مع هكذا معارضة، غير قادرة على موقف موحد، أو استيعاب المُتغيرات الدوليّة تجاه الأزمة، يُمكن تفهم تصريحي وزيري الإعلام والخارجية السوريين، وهما يؤكدان أن ترشح الأسد لولاية ثالثة أمرٌ مفروغ منه، رغم أنف كل الرافضين، وخصوصاً من كان يدعو لتنحيته قبل انقضاء فترته الحالية، ويُمكن أيضا تفهم ما كان الأسد نفسه أعلنه، حول أن الاستقالة أو عدم الترشح، يعادل الخيانة الوطنية، ذلك ينفي بالطبع أن النظام، وإن أعلن ذهابه إلى جنيف بغير شروط، بات أشد تمسكا بشروطه القديمة، وأبرزها بغير شك، استمرار الرئيس في موقعه إلى أن يشاء الله.
كل ما تقوم به المعارضة، يصب الحب تحت رحى طاحونة النظام، فهي منقسمة على ذاتها، والخلافات تستعر بين مُعارضة الخارج ومُقاتلي الداخل، بينما الجهاديون يؤكدون هدفهم في بناء دولة الخلافة، مستقطبين الظلاميين من أربع جهات الأرض، وهؤلاء كما ينبغي القول، غير معنيين بمطالب الشعب السوري، وربما حارب بعضهم في سوريا، انتقاماً من روسيا وإيران، بينما يلعب النظام ببراعة، فيقدم سلاحه الاستراتيجي على مذبح ديمومة النظام، ويقطع كُل الطرق على من كان يعدّ الأيام الأخيرة للرئيس الأسد.
مؤخراً تسربت من دمشق أنباء، تُشير إلى اتفاق أميركي روسي على تأجيل الانتخابات الرئاسية لمدة عامين، يواصل فيهما الأسد رئاسته  دستورياً، لاستكمال تفكيك ترسانته الكيمياوية، والقضاء على  الجهاديين المرفوضين غربياً، وذلك لتعذر إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، نتيجة تردي الأوضاع الأمنية، وانعدام السيطرة على بعض الجغرافيا السورية، إضافة لانعدام البديل، خصوصاً وأن الدستور يجيز ذلك وينظمه، سيعني ذلك أنّ المعارضة وقعت في شرّ أعمالها، وأنّ الأسد محظوظ بهكذا معارضين، كما كان محظوظاً بمؤيديه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. منتصر ابو سحاد

    لااعتقد ان اميركاتجد افضل من بشار اسالك بالله مذا فعل بشار لاميركا او اسرائيل غير الخدمة الجليلة لقد حافظ على امن اسرائيل منذ بداية الاحتلال الى هذه اللحظة لكن اسرائيل لاتطمئن مئة بالمئة فارادة سحب السلاح الكيمياوي حتى تطمان كثيرا كان يتحدى احدا يصل الى ا

  2. منتصر ابو سحاد

    لااعتقد ان اميركاتجد افضل من بشار اسالك بالله مذا فعل بشار لاميركا او اسرائيل غير الخدمة الجليلة لقد حافظ على امن اسرائيل منذ بداية الاحتلال الى هذه اللحظة لكن اسرائيل لاتطمئن مئة بالمئة فارادة سحب السلاح الكيمياوي حتى تطمان كثيرا كان يتحدى احدا يصل الى ا

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram