بغداد/ كريم الحمدانياثناء مروري المعتاد بأحد الاسواق حيث يباع فيه كل شيء، استوقفني ما دار من حديث بين مواطنة شابة واخرى تجاوزت الخمسين كانت تفترش الارض في احد فضاءات السوق ببسطتها الدوائية التي تحتوي على حبوب وشرابات وعلب مختلفة! كانت المواطنة التي وصفتها تبحث عن حبوب خاصيتها تحد من نسبة الدهون في الدم والشرايين تلائم المرضى المصابين بضغط الدم.
ولأني اتعاطى هذا النوع من العلاج منذ عدة سنوات وأعرفه جيدا وما مقدار ما يترتب على متعاطيه من خطورة ان هو استخدمه دون ارشادات طبيب مختص, أصغيت للحديث بين المشترية والبائعة التي تناولت اول علبة من (البسطة) مع تأكيدها انه علاج اجنبي! ولاني اعرف العلاج واعرف مناشئه ويطلق عليه (الزاكور) ومتوفر في الصيدليات من مناشئ هندية، وسورية، واردنية، ونادرا مايوجد منه الامريكي المنشأ، العلبة التي اقتنتها المواطنة من صيدلية الرصيف جعلتني استوقفها لتفحص ما حصلت عليه من دواء كوني جربت جميع الماركات الدوائية لهذا النوع من الامراض ولم يصادف ان رأيته في مستشفى او صيدلية. كانت العلبة بلون احمر، و لا تحمل اسما أو ماركة شركة دوائية عندها طلبت منها ان نعرض هذا الدواء الذي حصلت عليه على احد الصيادلة فكان لي ذلك وكانت المفاجأة كما توقعت ان العلبة تحتوي على حبوب (مسكنات) للقرحة منتهية الصلاحية ولاعلاقة لها من قريب او بعيد باعراض المرض الذي تشكو منه. هذا الموقف جعلني اتخوف على الناس البسطاء من ظاهرة تعاطي الدواء في غير القطاعات المتخصصة بغياب المتابعة والرقابة الدوائية، سواء من قبل نقابة الصيادلة او وزارة الصحة التي صدر منها تصريح تناقلته وسائل الاعلام قبل فترة منسوب الى المفتش العام او دائرته مفاده ان وزارة الصحة غير مسؤولة ولا معنية بتوفير الأدوية والعلاجات كافة التي يحتاجها المواطن!اضافة الى ان المواطن نفسه لم يتحصن بعد بثقافة صحية يمكن ان تبعده عن مكامن الخطورة المتمثلة بباعة البسطات المتعاملين ببيع الادوية . وهنا نتساءل اذا كانت وزارة الصحة غير معنية بتوفير دواء الانسان، مسؤولية من اذن ؟ هل هي مسؤولية التجار؟! فان كانت كذلك فمن باب اولى ان تخضع بضاعتهم الى الفحص والتدقيق خاصة اذا كانت دواء او غذاء وليست أدوات احتياطية او ملابس وبعض تجارنا لهم صولات وجولات في استيراد البضاعة الرديئة كونها قليلة الكلفة وتدر ارباحا، والملاحظ انه ليس هناك اي فحص وتفتيش لهذه الادوية التي تباع على قارعة الطريق نهارا جهارا في سوق الباب الشرقي المحاط بدوريات الشرطة اكبر دليل حيث تباع مختلف الادوية والمنشطات الخطيرة على صحة الانسان (على المكشوف) كما يقال ومنذ خمس سنوات دون متابعة تذكر من الرقابة الدوائية التي نسمع عنها فقط في تصريحات المسؤولين الذين لم يكلف احدهم نفسه يوما بالمرور في هذا السوق الدوائي العجيب والكثير من هذه الادوية مسرب من المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية او مهرب من دول الجوار . العديد من المراجعين الى المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية يجرون له الفحص وعليه شراء الدواء من صيدليات السوق وبأحسن الاحوال موجود جزء من العلاج . يقول احد المواطنين: أدخلت زوجتي أحد مستشفيات الولادة الحكومية ابلغني احد الاطباء ان اجلب ابرة معينة ضرورية في حالات الولادة وانها غير متوفرة في المستشفى وقصدت الصيدليات الاهلية ولم اجدها حتى في بعض المذاخر وعدت يائسا الى المستشفى،احد الحراس في المستشفى عرف حاجتي وقام بأجراء اتصالات بالموبايل مع احدهم وقال لي ان حاجتك موجودة عند المضمد كذا ولكن بسعر (75) الف دينار ولاني كنت مضطراً وافقت علما ان سعرها في الصيدليات(2000) دينار فقط كما ابلغني احد الصيادلة . باعة الدواء على الارصفة يروجون لبضاعتهم كما يروج باعة الخضروات والفواكه في الاسواق فيجد احدهم ينادي بأن لديه افضل علاج للقلب واخر للضغط والسكر وهكذا بقية الامراض مستغلين عدم المتابعة وجهل بعض المواطنين الذين يصرون على شراء دوائهم من هؤلاء بسبب رخص الاسعار ولكن يجهلون العواقب الوخيمة حتى بلغ الامر بأحد هؤلاء الباعة ان علق على جنبره الدوائي قطعة تشير إلى إمكانية توفير علاج انفلونزا الخنازير للمحتاجين !! نعرف بأن وزارات صحة ومنظمات انسانية ما زالت لا تستطيع توفير امصال هذا المرض الوبائي .
عنـد المضمـد والحـارس.. ابحـث عن الـدواء!
نشر في: 9 نوفمبر, 2009: 05:15 م