TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من رصيد الحكومة إلى رصيدنا

من رصيد الحكومة إلى رصيدنا

نشر في: 6 أكتوبر, 2013: 10:01 م

برغم كل شيء، تقدّم لنا الحكومة وقواتها المسلحة خدمة كبيرة، بإظهار كل هذا الضيق في التظاهرات السلمية وكل هذا العداء للمتظاهرين السلميين في بغداد خصوصاً.
الحكومة وقواتها المسلحة انما تسهّل علينا بهذا الموقف من التظاهرات والمتظاهرين أمر مواصلة انتقادها ومعارضة سياساتها، وتبرّر لنا هذا الانتقاد وهذه المعارضة. فهي تقدّم الدليل على أننا على حق في ما ننتقد ونعارض، وتفشل في المقابل في تقديم ما يثبت دعواها، أو يسوّغ مخاوفها، من ان التظاهرات غير سلمية وان المتظاهرين تحركهم أجندات داخلية أو خارجية.
الذين تابعوا مشاهد المعاملة السيئة غير المبررة بالمطلق من قبل قوات (سوات) لمتظاهري بغداد يوم السبت ازدادوا نقمة على الحكومة ورئيسها وكبار مسؤوليها المعنيين بشؤون الأمن، فلم يكن هناك أدنى سبب لمنع التظاهرات وللقسوة حيال من أراد أن يتظاهر في ساحة التحرير أو ساحة الفردوس أو ساحة الأندلس. لم يحدث أبداً هذه المرة أيضاً، في بغداد وفي غيرها، أن أساء متظاهر التصرف حيال القوات الأمنية أو خرج على القانون.
في المرة السابقة (31 آب) برّر رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة منع التظاهرات وتشديد الاجراءات الأمنية باحتمال توجيه ضربة عسكرية الى سوريا.
أجزم ان رئيس الحكومة لم يكن صادقاً، فالموقف العدائي تجاه التظاهرات يمتد تاريخه الى ما قبل اندلاع الأحداث في سوريا، وتواصل الى يوم السبت الماضي حيث تراجع كثيراً احتمال الضربة المفترضة لسوريا. ومما يلاحظ ان بعض القوات الامنية وضباطها وعناصرها بدأوا يدركون هذا جيداً، فهم يحرصون دائماً على ابلاغ المتظاهرين بانهم مرغمون على ما يفعلون، وانهم يتفهمّون دواعي التظاهر، ولكن "ما في اليد حيلة"، فالأوامر الصادرة "من فوق" غير قابلة للنقاش والعصيان.
حقيقة الأمر ان الحكومة لا تُطيق فكرة حرية التعبير ولا تريد ممارستها. هذا ما تشهد به مشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة الى مجلس النواب خلال السنتين الأخيرتين.. كلها قاطبة ترفع أكبر الهراوات في وجه وسائل التعبير عن الرأي بأنواعها وأشكالها المختلفة. قانون حقوق الصحفيين كان في غاية السوء، ومشروع قانون حرية التنظيم والتعبير سيئ جداً هو الآخر، ومشروع قانون جرائم المعلوماتية أشد سوءاً ولا نظير له ابداً. وبينما اضطر مجلس النواب الى ردّ المشروعين الأخيرين فانه ارتكب خطأ جسيماً بتمريره القانون الأول الذي يظهر كل يوم تقريباً الدليل على سوئه. فمنذ تشريع قانون حقوق الصحفيين حتى اليوم ارتفع عالياً معدل الاعتداء على الصحفيين والمؤسسات الاعلامية، فيما لم يتراجع معدل قتل الصحفيين.
شكراً للحكومة عن موقفها حيال التظاهرات السلمية والمتظاهرين السلميين، فهو يأكل من رصيدها، وفي المقابل يضيف إلى رصيدنا الانتقادي لها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. منتصر ابو سحاد

    استاذ عدنان انت تتحدث عن رئيس سلطة تنفيذية اليس هو جزء من الاتلاف اللاوطني الذي يحلو لي ان اسميه بهذا الاسم ماهو دورهم هل هم مؤيدين له ام مختلفين معه اننا لانعرف بالضبط هل يهابوه ام هناك احد طلب منهم الصمت عليك ان لاتنتقد المختار وحده بل هذا الاتلاف المتخ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram