في ذكرى حرب أكتوبر، التي أبدع فيها الجيش المصري انتصاراً مُذهلاً، حاولت جماعة الإخوان تشويه المناسبة وتقزيمها، بحشد أنصار الرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي، والمطالبة بإعادة تنصيبه، بالضد من إرادة الشعب المصري، وقد بدأ التحشيد مُبكراً، وبعد فقدان الأمل بشباب العاصمة اتفق مسؤولو الإخوان بالمحافظات، على تجمع مؤيدي مرسي فى المساجد الكبرى، والتحرك باتجاه الميادين العامة لبدء التظاهرات، فيما تقوم مجموعات أخرى بقطع الطرق الرئيسية، وإرباك الحالة المرورية وشل مترو الأنفاق، ومحاولة احتلال ميدان التحرير، حيث الاحتفال الرئيسي الذي تقيمه قيادة الجيش، الذي خاض معركة اكتوبر وانتصر فيها.
تأتي تحركات الإخوان لتؤكد تمسكهم بالعنف المنهجي، في محاولة جديدة لإثارة البلبلة فى الشارع المصرى، بعد انفضاض تجمعهم في رالبعة العدوية والنهضة، وإدراك المصريين لحجم الخديعة التي تعرضوا لها، بايصالهم هذه الجماعة إلى سدة الحكم، حيث أثبتت فشلا ذريعا في إدارة الدولة، وقسمت المجتمع المصري بين فسطاطين، الأول للمؤمنين بتعاليمها، والثاني للكفرة والملحدين ، غير أن تراجع قدرتهم على الحشد والتظاهر، باتت ضعيفة مع انخفاض مستوى شعبيتهم، وظهر ذلك بشكل واضح في عدم التفات الشارع لدعواتهم الأخيرة، التي لم تلق الاستجابة التي كانوا يأملونها.
لجأت جماعة الإخوان إلى الحشد التنظيمى، بعد أن فشلت في حشد الجماهير، عقب فض اعتصام رابعة، وهي تعتمد هنا مبدأ السمع والطاعة، وتطبق مبادئ سيد قطب، التى تقوم على ممارسة القوة والعنف والإرهاب، لإقامة الدولة الإخوانية وفرض شريعتهم على الشعب المصرى، وكان لافتاً تحديدهم لموعد يحمل الطابع الوطني، لإعادة إطلاق تظاهراتهم، رغم أنهم احتفلوا حين تسلمهم السلطة بقتلة الرئيس السادات، الذي خاض الجيش المصري في عهده معركة العبور، وهم في تظاهراتهم الأخيرة وضعوا أنفسهم في مواجهة الشعب المصري، وليس أجهزة الدولة التي حاربوها منذ نشأتهم، بداية من الملك فاروق وحتى الرئيس مبارك، ما يعني أن هذه المواجهة ستكون الأخيرة، قبل بلوغ نهاية الجماعة، التي انتحرت سياسياً فى الشارع المصري.
القاهرة عاصمة الثورة، شعار لم يكن من حق الإخوان رفعه، فهو مملوك لمن أسقط حكم مبارك، وليس لمن سرق النتائج، ونصر أكتوبر ملك للجيش الذي صنعه، قبل الإخوان الذين يخوضون اليوم الحرب ضده في سيناء وغيرها، بعد استجابته لنداء المصريين واحتجاجاتهم الشعبية، وتخليصهم من حكم المرشد ومن معه ، ولايساورنا الشك في أن المتظاهرين ضد هذا الجيش في ذكرى النصر، أنما ينقلون الصراع على السلطة إلى الصراع مع الوطن، وليس مقبولاً قولهم إنهم يحترمون الجيش لكنهم يعترضون على قيادته، ويتهمونها بالتدخل في السياسة، مع أن هذا الجيش تدخل لمنع وقوع حرب أهلية في البلاد بعد تصاعد الاحتجاجات ضد مرسي والتي بلغت الذروة في تظاهرات شارك فيها ما يقارب العشرين مليون مصري.
مرت ذكرى حرب أكتوبر، واحتفل بها المواطن المصري المؤمن بوطنه وجيشه، وأضاف الإخوان فشلاً جديداً إلى سجلهم الحافل بالتخبط وفقدان القدرة على القيادة، وسيظل من حق المصريين وجيشهم الاحتفال بالذكرى بعيداً عن الإخوان ورغم محاولاتهم تسقيط ذلك الحدث الكبير في صراعهم المحموم للقفز إلى الحكم والسلطة التي فقدوها مرةً واحدةً وإلى الأبد.
