TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اعتقال عبد الستار ناصر وصراخ بثينة الناصري

اعتقال عبد الستار ناصر وصراخ بثينة الناصري

نشر في: 8 أكتوبر, 2013: 10:01 م

المهم الأصالة بالكتابة والمثابرة والإخلاص للنفس. فمن أجل كتابة قصة، لا يحتاج المرء أكثر من موضوع جيد ورغبة بالقصّ. امتلاك الإثنين هو موهبة نادرة طبعاً، ولكي يطور القاص صنعته "الفطرية" تلك، يحتاج المواصلة، الإخلاص للنفس، والثقة بالحواس. نعم الثقة بالحواس، هي شرط الإبداع في كل زمان ومكان. وأظن ذلك هو ما يجمع الكتُاب المبدعين مع بعض، لايهم اللغة التي يكتبون بها، وفي أي مكان يعيشون. ذلك هو طبعاً موضوع آخر، وأنا لست هنا بصدد تقديم عمل نقدي للقصة العراقية، بقدر ما أردت ذكر مثل واحد للحديث عن بدايات وتطور القاص عبدالستار ناصر، والإنسان!
بعد تلك الليلة التقيت بعبد الستار ناصر من فترة إلى أخرى، لكن بفترات زمنية متقطعة، على الأقل في السنتين اللاحقتين، حتى مجيئي للدراسة في جامعة بغداد عام 1974، وفي كل تلك اللقاءات التي هي شحيحة حقيقة، جمعنا بعض الودّ، (أصبحنا صديقين حميمين بعد إطلاق سراحه أولاً)، كما أنني بقيت أتابع ما يكتبه من تحقيقات صحفية في مجلة ألف باء، سواء ريبورتاجات رحلاته، أم تحقيقاته الجميلة، تحقيقه الصحفي عن مقابر بغداد مثلاً، إلى حين اعتقاله عام 1975 (على ما أظن) بسبب نشره قصة "سيدنا الخليفة" في مجلة الموقف الأدبي السورية، في زمن كان وحده نشره قصة في دمشق، العاصمة عدو رقم واحد لبغداد، دمشق، شكل تهمة لا تُغفر. ما أزال أتذكر مشهد دخول القاصة بثينة الناصري، شريكة عبدالستار ناصر (وإن لم تكن زوجته رسمياً آنذاك)، إلى مقهى البرلمان وقت العصر، وهي تستنجد بنا، تطالبنا بالخروج والتظاهر للمطالبة بإطلاق سراح عبدالستار ناصر، ولحسن الحظ لم يلب أحد منا دعوتها، خاصة وأن أغلب رواد المقهى منا، من المعارضين للنظام الديكتاوري، وهذا ما عرفته بثينة وإلا لما اختارت القدوم إلى مقهى البرلمان بالذات، المقهى الذي لم تطأه قدماها قبل ذلك اليوم. أقول لحسن الحظ، لأن القليلين من الذين جلسوا هناك، عرفوا أن بثينة الناصري، من أصل تكريتي، من عشيرة البوناصر كما يقول لقبها، وليست لأنها قادمة من مدينة الناصرية (كما ظن البعض من طيبيّ القلب الساذجين!)، وأن النظام البعثي الذي اعتمد على القبيلة هذه بالذات، كان من الممكن أن يسامح "المعارضة" بثينة، لكنه لن يرأف بواحد منا، أديب كردي أو أديب "شروﮔـي" قادم من الجنوب، الأكثر من ذلك، ليس من المبالغة القول، أن لا أحد يدري حقيقة حتى اليوم، إذا كانت بثينة جاءت في حينه مستغيثة برغبتها أم أن جهاز المخابرات ذاته، أرسلها لكي تورط الجالسين هناك بالتظاهر ضد النظام؟ لا أدري، كل ما أدريه، أن بثينة الناصري تحولت بعد فترة قصيرة، إلى بوق للنظام، خاصة في سنوات إقامتها اللاحقة في القاهرة. امرأة غير بثينة، جاءت تلقي خطبة نارية ضد النظام، بسبب شخص لم تكن حتى متزوجة منه، كانت انتهت إلى زنازين الإعدام، إذا لم تُرسل إلى أحد مواخير البعث في بغداد، خاصة إذا كانت المرأة هذه من أصل كردي أو شيعي أو سُني ولكن ليست قادمة من معاقل تكريت، إن ليس باسم السياسة، فباسم قانون العشيرة والتقاليد. البعث العراقي لم يكتف بالتدخل في حياة الأدباء، بل رسم لهم الحدود التي عليهم ألا يتعدوها أيضاً. وحتى هذه الحدود اختلفت باختلاف الطائفة أو المدينة أو القومية التي صُنف فيها الأديب. هناك من هو مسموح لهم بالتمرد، لكن بحدود. وهناك، مَن سيكون الويل له إذا تفوه بكلمة أو إشارة نقد واحدة!
 يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram