أظن -وأتمنى أن أكون مخطئاً- أن الذين أخذتهم سورة الغضب من كبار المسؤولين في الدولة لقرار نقل "خليجي 22" من البصرة إلى جدة، إنما كانت دوافعهم شخصية أكثر منها وطنية. ففي ظني الذي يحتمل الخطأ أن الدوافع الوطنية كانت تقضي بأن نبادر بأنفسنا لطلب التأجيل قبل أن يكون ذلك قراراً من الآخرين، فنحفظ كرامتنا وكرامة وطننا.
قرار النقل كان لسبب أمني وآخر يتعلق بعدم جاهزية المدينة الرياضية التي كانت ستحتضن المباريات الخليجية. وعدم الجاهزية يرجع على نحو خاص الى الفساد المالي والاداري الذي تحدثنا عنه نحن العراقيين قبل غيرنا.
أما الجانب الأمني فهذه حقيقة لا ينبغي أن نهرب منها.. الأمن في البلاد اليوم أسوا مما كان قبل سنة، وقبل سنة كان أسوأ مما قبل ذلك بسنة.. أي ان أمننا يمضي من سيئ إلى أسوأ. وهذه الحقيقة دفعت وزراء النقل العرب منذ أيام إلى اتخاذ قرار بتأجيل عقد اجتماعهم المقرر في بغداد ونقله إلى عاصمة عربية، وقد جرى هذا بهدوء من دون أن يصرخ أحد منا بأن وراء القرار دافعاً سياسياً.
وضعنا الأمني لا يساعد على عقد اجتماعات إقليمية ودولية كبيرة على مستويات عليا، ولا على تنظيم مباريات رياضية دولية كـ"خليجي 22"، مثلما يحول دون مجيء السواح الى بلادنا ولو ببضعة آلاف مع ان لدينا مواقع أثرية تهفو إليها قلوب ونفوس ملايين الناس في مختلف أنحاء العالم.
لماذا لا نزعل لأن السواح لا يأتون إلينا؟
يجب أن نزعل من أنفسنا وعلى أنفسنا لأننا نفشل فشلاً ذريعاً في توفير الأمن والسلامة والاستقرار لأنفسنا قبل أن نوفرها للآخرين. نحن مسترخصون أرواحنا.. لماذا نريد للآخرين أن يفرطوا بأرواحهم معنا أو أن يعيشوا مع الرعب الذي لم نزل قاصرين عن دفعه عن أنفسنا؟
ما الذي سنجنيه من مقاطعتنا "خليجي 22" في جدة؟ .. لا شيء بالطبع فحالنا ستكون شبيهة بحال عصفور المثل الشعبي الذي يزعل على بيدر الدخن.
اذا كان ثمة قرار سياسي وراء نقل مباريات كرة القدم الخليجية من بصرتنا الى جدة السعودية، فلما لم نردّ عليه بقرار مهني يجعل من فريقنا الوطني مؤهلاً لعرض كامل مهاراته في جدة؟ .. انه قد يعود إلينا بكأس الخليج، وهذه نتيجة ربما كانت أكثر أهمية من عقد الدورة في البصرة.
أظن أن الذين كانوا الأكثر غضباً حيال القرار الخليجي هم الأكثر طمعاً في تحقيق مصالح شخصية وحزبية من وراء عقد "خليجي22" في البصرة بأي ثمن وفي أي حال.. إنني أعني بالذات الفاسدين الذين أعاقوا تأهيل مدينة البصرة الرياضية ويمنعون عودة الأمن والسلامة والاستقرار إلى البلاد.
بنقلهم "خليجي 22" من البصرة، وفّر علينا الخليجيون فضيحة كبرى، فليست البصرة اليوم سوى مزبلة كبيرة.. والذين تباكوا إنما لأنهم غير معنيين بحال البصرة.. حساباتهم كانت منصبّة على عدد الملايين من الدولارات التي كانوا سيكسبونها من الدورة.
زعل العصفور على بيدر الدخن!
[post-views]
نشر في: 11 أكتوبر, 2013: 10:01 م