منذ تأسيسها قبل ستة عشر عاما، تقوم منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية بعملها في تصنيف و تدمير الترسانات الكيمياوية في أنحاء العالم . خلال الشهر الماضي برز ذكر المنظمة عندما تم تكليفها بمهمة إزالة مخزون سوريا من الأسلحة الكيمياوية في موعد أقصاه
منذ تأسيسها قبل ستة عشر عاما، تقوم منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية بعملها في تصنيف و تدمير الترسانات الكيمياوية في أنحاء العالم . خلال الشهر الماضي برز ذكر المنظمة عندما تم تكليفها بمهمة إزالة مخزون سوريا من الأسلحة الكيمياوية في موعد أقصاه تموز 2014 . مع اعلان فوز المنظمة بجائزة نوبل للسلام لعام 2013 ، يأمل الكثيرون ان يساعد ذلك في تحقيق الهدف الذي أجمع عليه العالم في اتفاقية الأسلحة الكيمياوية و هو استئصال مخزون الغاز السام في كل انحاء العالم .
قال ثورجورن جاغلاند رئيس لجنة جائزة نوبل للسلام خلال الإعلان عن منح الجائزة " حرّمت المنظمة و الاتفاقيات الدولية استخدام الأسلحة الكيمياوية وفق القانون الدولي. أظهر استخدام هذه الأسلحة خلال الأحداث الأخيرة في سوريا، الحاجة الى تعزيز الجهود للتخلص منها "، بينما قال رئيس المنظمة احمد اوزمكو " كنا نعلم ان عملنا بهدوء و ثقة يساهم في نشر السلام في العالم ، و قد برز عملنا الى الواجهة خلال الأسابيع القليلة الماضية، و اطلع المجتمع الدولي بأكمله على عملنا ".
عندما انضمت سوريا رسميا الى المعاهدة يوم الأثنين، اصبحت الدولة العضو التسعين بعد المئة، و بقيت الدول الست الأخرى اما لم تصادق على الاتفاقية ( اسرائيل و ميانمار ) أو لم تنضم اليها نهائيا ( انغولا ، مصر ، كوريا الشمالية جنوب السودان ) . قال ميشسيل لوهان الناطق باسم المنظمة في آخر مقابلة له مع كريستيان مونيتر "ان انضمام سوريا لاتفاقية الأسلحة الكيمياوية يعتبر تطورا كبيرا لأن أصعب مكان لاكتمال عالمية الاتفاقية يقع في الشرق الأوسط ". و أضاف " ان قرار الدول الإقليمية الأخرى في الانضمام الى الاتفاقية من عدمه مرتهن بالقضية النووية الإيرانية و الإسرائيلية و بقضايا اكبر تتعلق بالأمن الإقليمي . اليوم كسرت سوريا كل ذلك من خلال انضمامها، لذا نأمل ان يكون ذلك نموذجا لانضمام دولة اخرى على الأقل الى الاتفاقية ".
رغم ان المنظمة قامت بتدمير 81% من ترسانة الأسلحة الكيمياوية المعلن عنها في العالم، فلازالت جهودها غير معترف بها عموما . لحد الآن، خضعت سبع من الدول الموقعة على الاتفاقية - البالغ عددها 189 - الى برامج تدمير اسلحتها الكيمياوية تحت اشراف المنظمة، او انها في طريقها الى الخضوع، و هي البانيا، الهند، العراق، كوريا الجنوبية، روسيا، الولايات المتحدة، ليبيا . المطلوب من البلدان الكشف عن ترساناتها من الأسلحة الكيمياوية اذ لن تتمكن المنظمة من اجراء التحقيقات الكاملة اذا كانت هناك شكوك في ان الدول الأعضاء تخفي المزيد من اسلحتها الكيمياوية . بالنسبة لألبانيا و الهند وكوريا الجنوبية فقد تمت ازالة مخزوناتها الكيمياوية بالكامل . اما بالنسبة للولايات المتحدة و روسيا اللتين تمتلكان اكبر الترسانات في العالم، فقد تم تدمير 75.600 طن منها 90% من مخزون الولايات المتحدة و 69% من مخزون روسيا .
منذ وقت طويل و الأسلحة الكيمياوية السورية - البالغة الف طن - تشكل متاعب للولايات المتحدة و دول الغرب التي تخشى من وقوع عوامل الأعصاب القاتلة في أيدي المسلحين .
بدأت المنظمة الأسبوع الماضي بتدمير مكونات الترسانة الكيمياوية في سوريا، و قد تحققت من دقة الجرد السوري للترسانة و تدمير مرافق الأنتاج الأربعة فيها ، و من المقرر تدمير كامل المخزون بحلول الأول من تموز 2014 .
واصل مفتشو المنظمة عملهم في سوريا و قاموا بزيارة المزيد من المرافق . مما يؤكد المخاطر المحتملة، فقد قامت الطائرات السورية بقصف مناطق الثوار الجمعة في مدينة صافيرا الشمالية بالإضافة الى قاعدة عسكرية مترامية الأطراف من المعتقد ان تكون واحدة من مرافق انتاج الأسلحة الكيمياوية الأربعة . هذه القاعدة – التي تحوي أقبية تحت الأرض – مهددة منذ أشهر بالسقوط بأيدي الثوار . القصف الجوي السوري للمدينة هو محاولة من نظام الأسد لاستعادة السيطرة على المنطقة . مدينة صافيرا هي واحدة من المواقع التي على المنظمة زيارتها قبل نهاية الشهر . ما لم تتمكن القوات الحومية من دفع الثوار خارج المدينة فان أية محاولة من المفتشين لدخولها تعتبر مجازفة كبيرة . يقول رامي عبدالرحمن من المرصد السوري لحقوق الأنسان " لحد الآن من المستحيل دخول المفتشين بسبب المصادمات و الضربات الجوية خاصة بوجود الدولة الإسلامية و جبهة النصرة التي لا تؤمن بشيء أسمه المجتمع الدولي".
من جانب آخر، ذكرت صحيفة ديلي ستار ان جائزة نوبل للسلام تسلط الضوء على نزع الأسلحة السورية و على الحرب الأهلية المدمرة و نوع الأسلحة التي تروع العالم منذ الحرب العالمية الأولى . كانت ردود الفعل في سوريا مستقطبة، حيث اطلق مسؤول رفيع من الثوار على الجائزة بانها " خطوة غير ناضجة " تسببت في تحويل اهتمام العالم عن " السبب الحقيقي للحرب" ، و قال لؤي الصافي المسؤول في اكبر كتلة معارضة "اذا كانوا يعتقدون ان منح الجائزة للمنظمة سيساعد في رعاية السلام في سوريا و المنطقة فان ذلك فهم خاطئ. ان تدمير اسلحة النظام الكيمياوية لوحده لن يجلب السلام الى سوريا ، لأن المزيد من المواطنين يموتون على أيدي قوات الأسد باستخدام كل انواع الأسلحة التقليدية ". بينما صرّح النائب فايز الصايغ عن الحزب الحاكم في سوريا ان الجائزة هي بمثابة تبرئة لحكومة الرئيس بشار الأسد و تؤكد مصداقيتها ، قائلا " ان سوريا تقدّم نموذجا للبلدان التي تمتلك اسلحة كيمياوية و نووية ".
كانت منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية تعمل بعيدا عن الأضواء حتى العام الحالي عندما دعت الأمم المتحدة خبراءها للمساعدة في التحقيق بالهجمات الكيمياوية المزعومة في سوريا .
يقول رئيس المنظمة " ان مبلغ الجائزة ( 1.2 مليون دولار ) سيستخدم لتحقيق أهداف الاتفاقية في إزالة الأسلحة الكيمياوية ". من جانبها أثنت الأمم المتحدة و الولايات المتحدة على قرار منح الجائزة ، حيث قال وزير الخارجية جون كيري " منذ الهجوم المروع، قامت المنظمة بخطوات غير اعتيادية و عملت بسرعة غير مسبوقة لمواجهة هذا الانتهاك الصارخ للمعايير الدولية الذي هز ضمير العالم. اليوم تقر لجنة الجائزة بشجاعة المنظمة و عزمها على تنفيذ هذه المهمة وسط حرب مستمرة في سوريا ".
من خلال منح جائزة نوبل للسلام الى منظمة دولية، فان لجنة الجائزة تسلط الضوء على الحرب الأهلية التي دخلت عامها الثالث دون الانحياز الى أي طرف . من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة " مثل الأمم المتحدة ، فقد ولدت منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية نتيجة لاشمئزاز العالم من فظائع الحرب، و علينا معا ان نضمن عدم اختلاط الغاز السام بضباب الحرب ".
عن : كريستيان ساينس مونيتر