سيُشكل انعقاد المؤتمر القومي الكردي الأول، واحدةً من ذُرى الحراك القومي لهذه الأمة، بفضل نجاح الرئيس مسعود برزاني في عقده، حيث يأمل المُراقبون أن يُوحد الفعاليات الكردستانية، ورُبما يقود إلى تشكيل مجلس وطني، يضم رموز وتيارات وأحزاب كردستان الكبرى، في خطوة رائدة في تاريخ العمل السياسي والحزبي الكردستاني، الذي لم يشهد سابقاً مثل هذا التلاقي على أهداف مشتركة، تتصدر جدول أعماله الهوية القومية، التي لم يعد الكرد يخفون تطلعهم إليها، وعملهم الدؤوب المستند إلى الثقة بالنفس، والقدرات على تحقيق حلمهم التاريخي، بإحياء كردستان الكبرى وتكريسها حقيقة واقعة.
يرى بعض القومجيين العرب، أن الأمور تبدو وكأنها أقرب إلى المغامرة، وعند هؤلاء، فإنه ليس هناك ما يوحي بأن الكرد قادرون على إحداث تغيير جوهري في موازين القوى، سواء كانت سياسيةً أو عسكريةً في هذه المنطقة المشتعلة، لكن هؤلاء يعترفون مُرغمين، أن الكرد يشكلون الرقم الأصعب في معادلات المنطقة، التي خرجوا منها حتى الآن كأكبر المستفيدين، وهنا يجب التنبيه بأن المعادلة المتحركة قد تنقلب إلى الضد، إن أخذنا بعين الاعتبار الدور التركي، وما يُقال عن صفقة أبرمها مع أنقرة، الزعيم الكردي السوري صالح مسلم محمد، المُقرب من أوجلان، بعد زيارته لتركيا بدعوة رسمية، وقد فهمها البعض تراجعاً من حكومة أردوغان، عن تهديداتها بعدم الوقوف متفرجةً، إذا أعلن كرد سوريا حكماً ذاتياً في مناطقهم.
تفصلنا أيام عن الموعد المقترح لانعقاد المؤتمر، إن لم يتأجل انعقاده مرةً أخرى لسبب من الأسباب، ومن بينها انتخابات المحافظات وتشكيل الحكومة الجديدة في إقليم كردستان العراق، وسيجتمع ممثلو الكرد في عرين مسعود برزاني بأربيل، ما يمنحه فرصة تجميع الأوراق، وأخذ دور الأب المؤسس لدولة كردستان الكبرى، حتى لو تأخر إنشاؤها، وفي حال بروز بعض السلبيات فيكفيه شرف المبادرة، إضافةً إلى أنه سيكون العنوان الكردي الأبرز، في حال أرادت جهات إقليمية أو دولية التعاطي مع الشأن الكردستاني، أما في حال النجاح بإشهار المجلس الوطني الكردستاني، فإن المشهد سيتغير، وربما يكون سبباً في اعتماد خريطة جديدة للمنطقة.
يسعى بعض المغرضين إلى الترويج عن رغبة كاك مسعود، بتحجيم حزب العمال الكردستاني، أو عبدالله أوجلان المعتقل عند الأتراك، ويتجاهلون متعمدين أن الرجل صاحب رسالة، وأنه وريث الملا مصطفى سياسياً وفكرياً، وأن المهم عنده اليوم، مع تأجيل أي صراع محتمل على الزعامة، هو انعقاد المؤتمر الذي يجمع ولا يفرق، ليكون الخطوة الأساس لتحقيق طموحات أبناء الأمة الكردية حيثما يكونون، وهي طموحات ليست سهلة التحقق مع وجود الكثيرين من رافضي صبغتها القومية سواء كان ذلك دولاً، أو تنظيمات ترفض الفكر القومي بكل أشكاله، وتفجيرات أربيل الأخيرة على يد إرهاب القاعدة دليل على ذلك.
مؤتمر أربيل، وهو الأول الجامع للكرد، سيكون المؤسس لأول مرجعية قومية كردية موحدة، على طريق كردستان الكبرى، فأبناء هذه الأمة الساعين لاستعادة وحدتهم، يمتلكون كل المقومات القادرة على استكمال تجربتهم، في الانتقال من مجرد تنظيمات عشائرية وعائلية، إلى قوى سياسية محترفة، قادرة على التعاطي الإيجابي مع محيطها، وفهم التطورات الدولية، مستفيدين من تجربتهم المُحبطة في بدايات القرن الماضي، وهنا يبرز السؤال، هل سينجحون في تحقيق حلمهم القومي، الذي يستلزم إيجاد ستراتيجية موحدة لقضيتهم، وتوحيد خطابهم السياسي، ووضع ستراتيجية للتعامل مع الدول التي يتواجدون فيها، ومد جسور التعايش السلمي مع شعوبها، وتأكيد سلمية نضالهم، في إطار البحث عن حلول نهائية للقضية الكردية.
الجواب سيكون مُدوّياً خلال أيام.
عشية انعقاد المؤتمر الكردي
[post-views]
نشر في: 13 أكتوبر, 2013: 10:01 م