الإنسان هو محور أعماله، امتازت لوحاته بالجرأة العراقية، يلجأ إلى صيغة الإعادة في الإنشاء التشكيلي للوحة، في رسوماته يرصد غربة الإنسان العراقي في وطنه، الهوية العراقية واضحة جدا في لوحاته، إنه الفنان التشكيلي المبدع مؤيد محسن الذي قدم محاضرة بعنوان (ا
الإنسان هو محور أعماله، امتازت لوحاته بالجرأة العراقية، يلجأ إلى صيغة الإعادة في الإنشاء التشكيلي للوحة، في رسوماته يرصد غربة الإنسان العراقي في وطنه، الهوية العراقية واضحة جدا في لوحاته، إنه الفنان التشكيلي المبدع مؤيد محسن الذي قدم محاضرة بعنوان (الهوية في الرسم العراقي المعاصر، قراءات في تجارب حاضرة ومهاجرة) في جلسة متميزة من جلسات ملتقى الحوار الثقافي الذي يقيمه مكتب المستشار الثقافي في وزارة الثقافة الشاعر حامد الراوي .
قاعة عشتار في دائرة الفنون كانت الحاضنة للفعالية بحضور المستشار الثقافي للوزارة الشاعر حامد الراوي وجمهور من الفنانين والمهتمين بالفن التشكيلي، قدم للجلسة الشاعر والناقد هادي الناصر في لمحات نقدية عن فن مؤيد محسن قائلا"فنان متمكن من مادته تفرد بأسلوبه الجمالي المتألق جمع بين الرؤية الأسطورية والتمثيل السريالي ،إنه يضعك في تساؤل كبير أمام لوحاته التي تكشف همجية الحروب والدمار الذي يلحق بالحضارة والتقدم والرقي .عندما تدقق في لوحاته ينتابك شعور أن اللوحات قد نفذت بالطين، إنها تمتاز بالدقة والتكنيك العالي ،وفي معظم لوحاته تجد معاناة وانكسارات وإحباطات كثيرة".
من جانبه طلب الفنان مؤيد محسن من الحاضرين قراءة سورة الفاتحة على أرواح العراقيين الذين سقطوا"
وبدأ محسن كلامه بالقول "العالم الغربي الآن أرستقراطي متكبر على معنى الإنسان الحقيقي يدعونا نحن الشرقيين بالذات إلى الانفلات عن عالمنا الحقيقي المتوارث إذ يريد ان يلغي تاريخا كبيرا من الوعي الثقافي والحضاري والإنساني ويحولها إلى أداة تلعب بها القوى الغربية، وفي ما في يخص الهوية فعند الفلاسفة العرب الهوية هي علاقة ارتباط الموضوع مع المحمول إذ من الممكن ان أحمل كيس طحين لكن موضوعي هو ليس الجوع فربما أريد ان أقدم هذا الكيس رشوة"
وبين أن "الهوية هي صفة وجود الإنسان وهنا هوية مكانية ترتبط بمعالم المكان وأخرى زمانية وهناك هوية فردية مثل لون بشرة الإنسان أو لون عينيه فضلا عن الهوية الجماعية التي تخص المجتمع"
وأكد محسن "في الفن هناك هوية يجب أن نتمسك بها ولو بشعرة و الرجوع إلى الهوية هو الرجوع إلى الماضي وحين يفهم الفنان معنى الهوية يدرك قيمته الثقافية والفكرية والعلمية ويعرف مكانه على الخريطة.
وذكر "الآن هناك خطاب عالمي متقن جدا في الرسم يأتي من حيث المساحة التي تمنح أكبر فسحة من التأمل والارتياح وكذلك من حيث الأموال التي تصرف على هذه اللوحات؛ لذلك لابد للرسام العراقي من الرجوع إلى التاريخ ليس فقط في الشكل وإنما في المعنى أيضا لكي يستطيع مجاراة هذا الخطاب"، مضيفا ان "على الرسام ان يدرس موروثه وان يقدمه للآخر بأسلوب جديد وبطريقة حداثية ما بعد المعاصرة".
وعبّر محسن عن أسفه لتمسك بعض الفنانين العراقيين بمدارس غربية انتهت عند الغربيين أنفسهم، مطالبا الفنانين بأن يقرأوا من جديد قائلا "لنقرأ ليحيى الواسطي أو رسالة ابن سينا ونستوحي منها الشكل لنحقق هوية في الرسم العراقي ولنخلق حواراً بناءً في اتجاهات الرسم المختلفة مع الخطابات العالمية".
ولفت إلى ان الفنان العراقي له خصوصية الزمان والمكان ،والعراقي الآن يتمتع أيضا بخصوصية سياسية لأنه يعيش في وضع مختلف تماما عن الدول الأخرى.
وبيّن محسن ان "البعض يرفض ان ينتمي لهويته الذاتية و يحب دائما أن يحلّق مع أفراد آخرين ،وكثير من الفنانين يتركون الهوية جانبا ويصر على ان تكون له هوية إنسانية ،وأنا أقول توجد هوية أفضل من أخرى ،ولكن الهوية هي كائن بين كائنات كثيرة ممكن ان تلاقحها بمفاهيم أخرى وتخرج بنتيجة إيجابية .وأفضل مثال هو المخرج الراحل مصطفى العقاد الذي عاش في أمريكا ولكنه أخرج فيلم الرسالة بروح عربية ولكن بتقنيات غربية"
وشدد محسن على ان الفن التشكيلي العراقي حاليا ينقصه التنوع عكس ماكان سابقا، وطالب الدولة بأن تعمل على مساعدة الفنان في خلق فن تشكيلي عراقي .
وقدم أحد الحاضرين مداخلة قائلا "أرى أن العالم الآن مفتوح لا يمكن أن نحصر قضية التأثير المحلي بالهوية في حدود ضيقة مع انه لا يمكن للهوية المحلية ان تلغي الجانب الإنساني كما ان هذا الجانب لا يمكن ان يلغي هذه الهوية الوطنية ،وهذا قائم على معادلة صعبة لا يمكن أن نحددها بضوابط ؛لأن العالم الآن تستبيحه الفضائيات ،لذلك يجب ان يكون موضوعنا مدى تأثير التشكيل العراقي ومدارسه الحالية واشتغالاته على الهوية الإنسانية ،بمعنى لماذا ننظر لبيكاسو على انه عالمي .وأعتقد ان سطلة المال هي التي فرضت هذا النموذج ولكن نحن رغم هذا حافظنا على هويتنا بين العالم ولدينا منحوتات في المتاحف العالمية يشار لها على أنها عراقية".
وكان ردّ محسن "الهوية الفردية ليس وجهاً سلبياً وهي لا تلغي الفنان كإنسان وإنما تحدد كينونة حركتك في الوسط الثقافي العالمي وحين يعرف الفنان مكانه على الخريطة العالمية سيفكر بطريقة أفضل من أن يأخذ هوية مستوردة وأن القيم والعادات هي بمثابة حصانة للفنان فضلا عن ان الهوية الرافدينية لها تأثير كبير حتى على بيكاسو وعلى ديلاتور استوحيا لوحات من الحضارة العراقية".