TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كرسي الإعتراف

كرسي الإعتراف

نشر في: 20 أكتوبر, 2013: 10:01 م

في معظم الدول التي ترسخت فيها مفاهيم الديموقراطية، تتساهل المحافل الرقابية بشأن الأحاديث والخطب التي يلقيها العامة، ولو كانت أوزانها بالكيلو والرطل،وتتشدد في رقابة خطب المسؤولين الكبار - رئيساً ووزراء وبرلمانيين- حد وزنها بالمثقال والقيراط!في معظم تلك الدول، ثمة مكتب صحفي ملحق برئاسة الوزارة،مهمته إعداد الخطب، سيما المصيرية منها،وتنتدب للمهمة خيرة أقلام الصحفيين والكتاب،ثم تعرض على رئيس المكتب الذي له الصلاحية أن يضيف ويحذف، يبدل ويعدل،عبر مسامات غربال دقيق لتنقية الخطاب من كل الشوائب التي تعرض الرئيس لموقف محرج ’ او تلزمه لزوم ما لا يلزم.
يخطئ من يظن ان المسؤول في تلك الدول، يلقي خطاباته المصيرية (ارتجالاً) كما يبدو للمشاهد العادي، -حتى ملكة بريطانيا لا يمكنها الاسترسال في خطبها كما يحلو لها-، لابد للمسؤول من قراءة الخطاب مراراً وتكراراً، واستظهاره حفظاً قبل التوجه لمنصة الخطاب. وما كشف النقاب عنه مؤخرا عن فترة حكم مرغريت تاتشر (رئيسة وزراء بريطانيا) وهي المحامية القديرة المفوهة , وكيف أن خطبها الساخنة وشديدة السخونة كان يجري إعدادها والتدريب على قراءتها قبل الظهور على الملأ وأمام العدسات وأجهزة المايكروفون...
في الأمور العويصة التي يراد الإعلان عنها او الترويج لها، والتي لا يراد للرئيس او المسؤول الكبير ان يورط بتبعاتها حزبه او دولته، او بلدا من بلدان الجوار، يجري الإيعاز لوزير ظل او وزير دولة القيام بالمهمة، والأسباب عقلانية ومنطقية لأبعد الحدود.... فالتصريحات تلك لا تلزم المسؤول الكبير بموقف، ولا تقيده بوعد او بعهد إذا ما تم الإخلال بذلك الوعد او العهد،بل وتعفيه من أخلاقية الالتزام.. وتجنبه مشقة الوقوف في قفص الاتهام للرد او دفع التهمة وتمكنه من الإفلات والتسلل من الفضيحة -- إذا كانت ثمة فضيحة--كما تستل الشعرة من عجين خاثر..مناسبة هذي المقدمة ما تفاعل ويتفاعل من نتائج -وخيمة - عبر ظهور السيد رئيس وزراء العراق في مقابلة تلفزيونية، اعترف فيها بعجز القوات الأمنية من جيش وشرطة وأجهزة دفاع مدني وكوادر حزب عريق وخشيتها وجبنها من التصدي لظاهرة فساد يعرف اسم عرابها ويتابع مسالكها الملتوية، في حين تصدى لها ولده , واجترح في إنجازها الأعاجيب.
الكثيرون من غرماء المالكي ومواليه،، أشفقوا عليه بدل التشفي به. تمنوا لو لم يعرض هيبته لموقف أساء إليه بدل ا ن يعزز مركزه.. موقف نال فيه من سمعة قوات الأمن، وأجهزة الدولة التابعة له، والحزب الذي أوصله لسدة الحكم،وهو سوء تقدير لمواهب الابن وقدراته الخارقة.
لو كان السيد رئيس الوزراء قد استشار من يحبه ويثق فيه قبل الظهور على الهواء،لو كان له مستشارون يمحضونه النصيحة , لو أنه عهد لواحد من أتباعه المخلصين التحدث بما تحدث به، لو إنه.... لو إنه....لو إنه.. لكان للورطة ألف مخرج،، أما والسيد قد ذهب بنفسه إلى (الصيد) ليصطاد مغنماً، فوقع في براثن الفخ،فهذا ما لا يمكن معالجته بإنكاره او نفيه أو التنصل من تبعاته.
زلات القدم يمكن جبرها ,, أما عثرات اللسان فجبرها مستحيل، مستحيل، مستحيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram