اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > الافتتاحية:وماخفي كان أعظم

الافتتاحية:وماخفي كان أعظم

نشر في: 10 نوفمبر, 2009: 08:17 م

فخري كريم

يتفهم الكثيرون دوافع التوتر والانفعال الذي يواجه به عادةً بعض أعضاء مجلس النواب انفعال وغضب وسائل إعلامية وإعلاميين عراقيين مختلفين..لكن هذا البعض من الأعضاء

لا يريد أن يتفهم دوافع الغضب الإعلامي، لا يريد حتى أن يميز بين غضب يدفع إليه الحرص على المصالح الوطنية العليا والتمسك بثوابت

 ومستلزمات بناء مجتمع ديمقراطي ودولة ديمقراطية حديثة بكل ما تعنيه وتحتاج إليه حداثة وديمقراطية الدولة والمجتمع..وبين تغاضب آخر دوافعه إعاقة البناء وتشويه الصورة وتضليل الرأي العام، وبالتالي الوقوف ضد مشروع الحداثة والديمقراطية، باستخدام كل الوسائل المتاحة، وبضمنها وسائل الديمقراطية والحداثة نفسها وما توفره من تسهيلات وفرص للحريات والتعبير. وحين يلجأ نواب وسياسيون وسواهم إلى خلط الأوراق وتعمد تنميط كل نقد وغضب يصادفونه تحت يافطة واحدة هي (البعث والصدامية)، فإنهم يرتكبون جملة أخطاء في خطأ واحد يتعارض تماماً مع أبسط التزامات المسؤولية القانونية والأخلاقية للمجتمع السياسي الديمقراطي الحديث. وسيكون من بين هذه الأخطاء هو رمي التهم جزافاً أولاً والتحريض على المتهم ثانياً والتغطية على أعداء التجربة من خلال تضبيب الصورة وخلط الأوراق ثالثاً وتضليل الرأي العام والسلطات رابعا وتضييق الحريات خامساً..وسادساً وعاشراً من الأخطاء التي من الممكن أن يؤشرها أي مراقب في كل حالة من الحالات التي ينفعل فيها النائب والسياسي وهو يواجه نقد الإعلام وغضبه. الكثير من السادة النواب لا يريدون من الإعلام سوى الإطراء، وتتضاعف مشكلتهم حين يريدون إطراء ما لا يمكن إطراؤه، أو لا يجوز السكوت عليه. ومن المؤسف أن عمل البرلمان قدم خلال سنوات عمله الأربع الكثير مما يغري أو يوجب على الإعلام التأشير والنقد وفضح الخطأ للرأي العام..ما الذي يفعله الإعلام، وهو سلطة الشعب الرابعة ووسيلته للحصول على المعلومات والتعبير عن الرأي وعن الغضب، وهو يتلقى سيولاً من الأخطاء في العمل البرلماني ومن الممارسات التي تتعارض مع اشتراطات العمل النيابي..وندرك، وبالتأكيد يدرك هذا معنا، كثير من النواب المتفهمين لعملهم وعمل الإعلام، أن الكثير من هذه الأخطاء والممارسات شجع عليها المناخ العام التحاصصي، وبالتالي فهي نتاج غياب حدود المسؤوليات، وربما ما كان لكثير من النواب أن يقعوا في هذه الأخطاء لو كانوا أمام خيارات شخصية وليس أمام تيار عام اسمه البرلمان ومحاصصاته التي تغيب معها المسؤولية والحدود، برغم أن هذا لا يعفي أياً من السادة النواب من مسؤولية الوقوف أمام الخطأ وفضحه وعدم الإنسياق وراءه أو التمتع بما يوفره من امتيازات غير مشروعة.فما قيمة التعبير علنا عن امتعاض أو احتجاج من حالة والإستفادة صمتاً من منافعها؟ لم يغب عن بالنا أن نائباً أو نوابا فكروا مرة بامتيازات وصلاحيات رئيس وزراء..وحين عمدنا، هنا في (المدى) إلى فضح هذا التفكير الذي كُتِب على صيغة مشروع وقُدِّم للمجلس واجهنا عاصفة احتجاج برلماني، ووُصِف عملنا على أنه تحريض على المجلس الذي كنا نتوقع منه موقفا داعما، يردع بمقتضاه التفكير غير المسؤول والشراهة التي لا تشبع لبعض النواب..احتج نواب آخرون مرة أخرى حين قلنا أن في البرلمان قتلة مجرمين، لكن الوقائع المؤسفة التالية داخل البرلمان نفسه أنقذتنا من طائلة التشهير بنواب محترمين..والأمثلة أكثر من أن تحصى، إنها أمثلة أثارت غضب الشارع حتى قبل الإعلام، هل تتذكرون الحج شبه الجماعي للبرلمانيين وتعطيلهم عمل البرلمان؟ هل تتذكرون الغيابات المتكررة لنواب والتي ما يزال التستر عليها مستمرا؟ هل تنبغي الإشارة إلى المبالغ المخصصة لحمايات النواب والتي ابتلعها بعض النواب المؤمِّنين على حياتهم في المنطقة الخضراء؟ هل تنبغي الإشارة إلى المبالغ الطائلة التي أنفقت على نواب جرى الحجز لهم وإسكانهم في فندق الرشيد؟ من الممكن إلقاء تبعات هذه الحالات وسواها على أشخاص داخل البرلمان..لكن مَن بادر من السادة النواب إلى فضح ومنع هذه الانتهاكات والخروقات المالية التي ترقى إلى مستوى الفساد ما دامت مهمة أساسية للبرلماني هي المراقبة والمحاسبة؟ كيف نفهم تكرم رئيس المجلس السابق وموافقته على (الاستقالة) بكامل الامتيازات من دون أن نفكر بالحيلة (الشرعية) على القانون؟ الأمثلة أكثر من أن تحصى، وما خفي كان أعظم في ظل التعتيم الإعلامي وإخفاء المعلومات.. وحتى إذا ما تجاوزنا هذا الكثير ووقفنا على انفعال احدى النائبات إزاء ما نشر في (المدى) قبل يومين، سنجد أن النائبة وجدت في (المدى) مناسبة لتفريغ انفعال تضخم تحت وطأة الضغط الشعبي العارم واحتجاجه على امتيازات منحها النواب لأنفسهم قبل أيام..وفي ضوء أية قراءة منصفة فإن انفعال رأي الزميل الكاتب لم يكن يرقى إلى مستوى انفعال السيدة، ومعها، بعد ذلك المجلس الذي يفكر بمقاضاة الجريدة، وهو ما اعتبره كثير من المهتمين لا يتعدى كونه وسيلة لترهيب الإعلام ومنعه من القول والتعبير، وهو خطأ مزدوج يرتكبه المجلس المطالب بحفظ الحريات وصونها من جهة والمطالب أمام أعضائه بتمرير تشريع الإمتيازات بهدوء واستمرار تجاهل الرأي العام الذي اعتاد النسيان، ولو بعد حين. ان السادة النواب اعضاء في احزاب وكتل سياسية تتهيأ إلى انتخابات تشريعية مقبلة، وسيكون من غير المعقول أن تسكت أحزابهم على أخطاء يرتكبونها، خصوصا ضد الإعلام، وبما يضر بالعلاقة مع هذا الإعلام..ولعل ضعف خبرات الكثير من النائبين هي وراء تلك التصرفات التي قد يسعى إليها نوع معين من الإعلام الذي يفكر باستثمارها والعمل على تنميتها. في (المدى)، نحن غير معنيين بمثل هذه الإثارات، وما هو مهم بالنسبة لنا تقويم الأمور لصالح بناء تجربة الدولة الديمقراطية وأساسها الإعلام الحر الشجاع، وليس البناء على الأخطاء. نعرف تماما أن تجربة البناء تشوبها أخطاء من سياسيين ومن إعلاميين أيضاً، لكن المطلوب هو عدم الإنجرار وراء الخطأ والسعي إلى تقويمه.هكذا نشرنا على الملأ الكثير من الأخطاء وسنستمر بنهجنا هذا واثقين من نزاهة القضاء ومطمئنين إلى ثقة قرائنا بنا.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الستراتيجيّةُ العمياءُ وراءَ فاجعةِ الكرّادة..

في حُمّى "الهَلْوَسةِ السياسيّةِ" استرخى وزراءُ "الغَمْغَمَةِ" واللَّك..!

بينَ اليأسِ والإحباط مساحةٌ مضيئةٌ للصمت ..!

الموت حين يُصبح طقساً عابراً بلا مراسيم تشييع للفقراء .!

"بــيــروت مـــديـنـتــي".. وعـيـــنٌ عـلـــى بــغــداد ...

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram