الحاشية المحيطة بالملك أو الرئيس وبأشخاصها المقربين جدا المقيمين دائما في البلاط والقصر الجمهوري ، تدعى في بعض الأحيان البطانة ، مهماتها كثيرة ، وفي مقدمتها حفظ الأمن الشخصي لصاحب الجلالة والفخامة ، وليست لها علاقة ببطانة السترة و"القلوجة " المستخدمة من قبل الخياطين ، وقد يكون احد هؤلاء من أفراد البطانة ويحظى بشرف خياطة البدلات الرسمية للمسؤول الأول في الدولة .
دول المنطقة العربية وعلى مدى فاصل زمني طويل ، حرصت على وجود البطانة حول الملك والرئيس لامتلاكها مواصفات الولاء والاستعداد للدفاع عن العرش وكرسي السلطة ، فضلا عن مواهبها في حفظ الأسرار ، ورفضها الحديث عن أي شيء يتعلق بالأمن الوطني والقومي ، ويشير التاريخ العربي إلى وجود شكل هرمي للبطانة يقودها الشخص الأقرب من الملك أو الرئيس وعادة يكون نجله أو صهره أو شقيقه ، وتضم هيكلية الهرم المسؤولين الأمنيين ثم المستشارين ، ومديري المكاتب و المكلفين برعاية الأسرة من الخدم والطباخين ، وهذه الفئة تخضع دائما إلى اختبارات للتأكد من ولائها والتزامها بشروط العمل ، وأية شبهة تسجل على احدهم يصدر قرار بطرده من البطانة ، وقد يتعرض للسجن أو التصفية الجسدية كخطوة استباقية لمنع إفشاء أسرار خطيرة عن الحياة الداخلية في القصر الجمهوري أو الملكي .
الانضمام إلى البطانة والدخول في الدائرة المحيطة بالمسؤول الأول يتطلب الكثير من الشروط ، وعادة ما تتوفر لدى الأقربين ، أمّا الآخرون من خارج درجة القرابة فيدخلون عبر بوابة الإطاحة بالخصوم ، وفي بعض الأحيان بالكشف المبكر عن المؤامرات ، والأشخاص المتورطين بتنفيذ انقلاب أو محاولة اغتيال عن طريق دس السم في الطعام ، أو زرع "عبوة ناسفة في سرج حصان الخليفة" ، و مثل هذه الاحتمالات واردة ، عندما يتمكن احدهم من التسلل إلى البطانة بطريقة ما ويقوم بتنفيذ عمليته لصالح جهة "معادية " ولذلك يكون الطباخ والسايس والسائق تحت مراقبة مشددة على مدار الساعة لتفادي حصول أي " قارش ووارش " تكون نتيجته الإطاحة بالنظام ، ويبدأ عصر جديد بتغيير الوجوه ، وإعادة ترتيب هرم البطانة .
الوثائق الأربع ، هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية وبطاقة السكن والحصة التموينية غير كافية لمنح امتياز الانضمام إلى البطانة ، فالأمر يتطلب الحصول على تزكية من جهة أمنيه ، وتأييد وتعهد من قياديين في الحزب الحاكم ، يضمنون ولاء صاحب الرغبة في أن يكون احد أفراد البطانة ليتولى رفع النفايات أو هز أراجيح الجهال أثناء نزهتهم اليومية في الحدائق الواقعة داخل المناطق المحصنة المحروسة بأعداد كبيرة من قوات الكوماندوز ، والمزودة بكاميرات المراقبة ، وأجهزة الكشف عن المتسللين ، وذوي التحركات المريبة .
على الرغم من جميع الإجراءات المشددة وحالات الحذر والتحوطات ، وعيون العسس، يحدثنا التاريخ عن انقلاب "بطانة الريس" واذا أسعفه الحظ فسيكون عضوا في منتدى المخلوعين ، ليتفرغ لكتابة مذكراته ، يقدم فيها نصائح لزملائه المحتفظين بالسلطة تتضمن الحذر من الانقلاب على البطانة والقلوجة.
بطانة الريس
[post-views]
نشر في: 22 أكتوبر, 2013: 10:01 م