زرت قبل ايام الكاتب والسياسي حسن العلوي في منزله بأربيل، بصحبة الاستاذ النائب شوان طه المولع بالفلسفة والادب، واستمعنا طوال ساعتين الى حزمة من الذكريات، كان العلوي يسردها مشيرا بإصبعه الى صور كثيرة معلقة على الجدار، تجمعه بكبار الادباء والساسة والثوريين من حقب مختلفة، ولكل صورة حكاية او اكثر.
وفي وسعي ووسعكم ان نسجل على "السياسي" حسن العلوي، قائمة طويلة من الاعتراضات او الملاحظات، لكنني كنت اعود مع "الكاتب" حسن العلوي، بالذاكرة الى اعمال الثمانينات والتسعينات، وخاصة كتابه "اسوار الطين" حول اجتياح الكويت، وهو الاكثر تميزا في صنعته وأسلوبه، فيضرب العلوي كفا بكف وهو يردد: "لم يعد سهلا انجاز كتاب مثله، فقد اعتزلت في منطقة نائية ٢٣ يوما، وعملت ساعات طويلة كل يوم، على ضوء المصباح الزيتي احيانا، حتى انجزته" وهو يبدو حتى هذه اللحظة فخورا بمنظومة اصطلاحية جديدة تبلورت لديه خلال التحليل والتأويل، ومراقبة القواعد والعقد التي تحكمت بقرار صدام حسين اجتياح الجار الجنوبي.
ان العلوي يشعر بأن في عنقه دينا للقارئ، يقول: حدثني الرئيس الاسبق احمد حسن البكر يوما انه "مطلوب لله" كثيرا، وان ما تبقى من عمره لن يوفي هذا الطلب. ويردد العلوي عطفا على هذا: ان ما تبقى من العمر لن يسدد ديوني للقارئ، فهناك الكثير مما يتوجب علي حكايته. "انا مطلوب للناس". ولذلك فهو يحضر "مفاجأة" للقراء ويعد بطرحها قريبا، ويقول انها ستكون مرورا مفيدا على تاريخ العراق والمنطقة.
اسأله عن مستقبل الموت المؤلم في هذه البلاد كما يراه ويقارنه بالحقب السالفة، فيطلعني على رسالة بعثها الى فريق السلطة جاء فيها، ان ما يحصل من ازمات اليوم يعود الى "حمقى" يحيطون بالسلطان، ويدفعون المرء الى ان يتذكر "باقل" الذي كانت العرب تضرب به المثل في العيّ والفهاهة والبلاهة.
في احد اركان المنزل وضع العلوي مجموعة صور له مع صدام حسين، لكل منها حكاية. سألناه: كيف تصف صدام الذي عرفت؟ يجيب مثيرا استغرابنا: "كان صدام خادما لاصدقائه، مهذبا، يجبر نفسه على الانصات بأدب حتى لاكثر البعثيين غباء، ويبقى صامتا ساعتين احيانا وهو يصغي إلينا!".
وهل هذا معقول يا استاذ؟ يضيف: انا شخصيا تفاجأت كيف تحول صدام حوالي عام ١٩٧٩، الى جزار استثنائي، ويبدو ان كرسي السلطة ايقظ داخله ذلك الصبي اليتيم المقموع في العوجة، فراح يثأر بلا منطق، من كل شيء. ان المنصب الكبير خطير جدا في بلدان بلا تقاليد سياسية راسخة، وحكايات الماضي تتناسل وتقض مضاجعنا في الحاضر.
يتذكر العلوي حوارات عديدة بينه وبين صدام، احدها يتعلق بالشيوعيين. يقول: اصدر صدام قرارا بطرد كل شيوعي يعمل في صحافة السلطة "البعثية" وكانوا انخرطوا فيها ايام التهدئة المعروفة، فقلت لصدام: من المنطقي ان تحاسب بعثيا يعمل مع الشيوعيين، لكن الا يفرض المنطق عليك ان تكافئ شيوعيا يعمل مع البعثيين، في ظل هذه التهدئة، بينما تفكر انت بطردهم؟ وكانت ملاحظة العلوي غير مجدية، فقد اضطر بعدها الى ابلاغ شقيقه المفكر الراحل هادي العلوي، وباقي مثقفي اليسار بضرورة مغادرة البلاد قبل تصفيتهم، حيث فروا بجلودهم اثر ذلك، نحو الشام وبيروت وباقي المنافي.
هذا ما تعلق بصدام حسين، اما المالكي فالمقصود به في عنوان المقال، القاضي عبدالوهاب بن نصر المالكي، اذ جاء ذكره حين سألت العلوي عن بغداد، فنادى ابنته وطلب منها ان تنشد من شعر هذا الفقيه الذي توفي قبل ألف عام:
سلام على بغداد في كل موطنٍ/ وحق لها مني السلام المضاعف
فوالله ما فارقتها عن قلىً لها/ وإني بشطي جانبيها لعارف
ولكنها ضاقت علي برحبها/ ولم تكن الأقدار فيها تساعف.
العلوي وصدام و"المالكي"
[post-views]
نشر في: 22 أكتوبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 5
احمد هاشم الحسيني
حسنا ولكن مصداقية العلوي في رواياته موضع شك يكفي أنه أقام كتابا عن عبد الكريم قاسم على دعوى أنه يعرفه شخصيا وأن جيرة قد جمعتهما . وفي كل حدث لابد للعلوي من قصة ولكن ليس لقصصه ما يؤكدها بل على العكس هناك شواهد كثيرة تدل على أن الرجل يدلس بمعنى أنه يستمع لق
سعد الدباغ
لا استاذ سرمد ... شجابك عليه ؟؟؟؟ هذا وجه من اوجه الفساد والا ماذا تفسر تركه لمقعده في مجلس النواب خاليا وهو يتنعم بالاموال والامتيازات هذه اموالي واموالك واموال العراقيين وهذا المقعد يجب ان يشغل من شخص يدافع عن مصالح الشعب , ان مثل هؤلاء ليسوا احسن من صد
عبدالرحمن الجبوري
لا ادري لماذا اقف محتارا عندما اسئل عن راي بالاستاذ حسن العلوي واجد نفسي احترم علمه وثقافته وكتاباته فهو علم من الاعلام التي ارخت لتاريخ العراق الحالي. ويجب ان اقف اجلالا للمعرفه في حسن العلوي. الموقف الثاني تقلب حسن العلوي السياسي من مساعد الى صدام الى ا
ابو سجاد
استاذ سرمد السلام عليكم يكفي ان السيد العلوي انفصل عن الطاغية في السبعينات وكنت من المتابعين لكل طروحات الرجل الفاضل وكان شخصا ياتي باغلب مايكتبه العلوي وكان الرجل منصفا بانتقاد النتضام البعثي وخصوصا الطاغية فماذا نريد اكثر من هذا اما اليوم اننا نستمع الى
ابن العراق
الاستاذ سرمدان رواتب اعضاء البرلمان غير قانونيه بشهاده الجميع ولكن النائب حسن العلوي لايوافق على الغائها اين الوطنيه من هذا الكلام والكل يعلم ان مجلس النواب يجتمع في العاصمه بغداد فلماذا النائب المحترم يتواجد في اربيل انه سياسي متقلب المثل يقول لكل زمان خ