بعد أفلام (وسط حقول الذرة الغريبة 1991), (ناجي العلي فنان ذو رؤية )1999، (حاجز سردا2005 ) ،(حياة ما بعد السقوط 2008 ) والحاصل على الجائزة الأولى في مهرجان ميونخ الدولي للفيلم الوثائقي وجوائز أخرى في مهرجانات سينمائية كما عرض في محطات تلفزيونية
بعد أفلام (وسط حقول الذرة الغريبة 1991), (ناجي العلي فنان ذو رؤية )1999، (حاجز سردا2005 ) ،(حياة ما بعد السقوط 2008 ) والحاصل على الجائزة الأولى في مهرجان ميونخ الدولي للفيلم الوثائقي وجوائز أخرى في مهرجانات سينمائية كما عرض في محطات تلفزيونية في بريطانيا، اليابان وسويسرا. و(أجنحة الروح (وئائقي قصير) 2011 )، يستعد المخرج والمنتج السينمائي قاسم عبد عرض فيلمه الجديد (همس المدن) ضمن عروض المسابقة الدولية للأفلام الوثائقية في مهرجان أبو ظبي السينمائي الأسبوع المقبل الذي تنطلق فعالياته اليوم ..
عن فكرة الفيلم يقول المخرج قاسم عبد:
الفيلم يتكون من ثلاث قصص وثائقية منفصلة، ومتداخلة حسيا وبصريا ، صورت خلال العشر سنوات الماضية في ثلاث مدن في الشرق الأوسط : رام الله في الضفة الغربية أربيل في كردستان- العراق، ومدينة بغداد. وهذه القصص لا تحوي أي كلام أو حوار مباشر وإنما تعتمد على عناصر اللغة السينمائية كوسيلة لإيصال الأفكار والمشاعر والتعبير عن الوضع الإنساني بمستوياته المختلفة العاطفية ،الروحية،ا لسياسية والفكرية.
ويضيف: بدأ مشروع الفيلم في مدينة أربيل عام 2002 عندما كنت مدعوا لعمل ورشة لتدريس مبادئ الفيلم الوثائقي هناك،وخلال فترة أوقات الفراغ كنت أقف في شرفة غرفتي في الفندق، لمراقبة جريان الحياة في الشارع الواقع تحت الفندق وشعوري بالحنين لروح الشرق بعد وجودي لسنوات طويلة في لندن. لقد سحرني هدوء الفجر وضوء الشمس بعد سقوط المطر سحرتني أفواج العمال وهم يدفعون عربات البضائع لإيصالها إلى السوق وطلبة المدارس الذين يرتدون القمصان البيضاء ويملؤون الأرصفة في ذهابهم للمدرسة
وكيف يتجمعون حول الباعة الجوالة للكرزات والمرطبات والكعك عند انتهاء الدوام ..أحسست وكأنهم نفس الباعة الذين كانوا قرب المدرسة النظامية في بغداد قبل ثلاثين عاما عندما كنت طالب متوسطة، وفي لحظه شعرت وكأنني في عالم آخر ،عالم مدينة بغداد، مدينة النور في سنوات المراهقة ،مدينة التمرد وحب السينما ومشاكسة الصبايا والمعرفة ، وبشكل تلقائي بدأت أصور كل ما يقع أمام عيني في شيء أشبه بيوميات ترصد حياة الناس وتفاعلهم مع بعضهم، عبر تفاصيل المكان المحيط بهم وعن بعد.
وأشار عبد انه خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية ( 2000-2003 ) سافرت عدة مرات إلى الضفة الغربية لتدريس أساليب العمل المختلفة في الفيلم الوثائقي في جامعة بيرزيت،وكنت دائما الضيف الوحيد في فندق الرويال كورت في مدينة رام الله خلال هذه الفترة الحرجة ، خارج نافذة الفندق كان تقاطع متنزه البلدية الجميل وكما هو الحال في أربيل وقفت في الشرفة وصورت باعة الكعك وهم يدفعون عرباتهم مخترقين تقاطع المتنزه في ضوء الصباح الشفاف لمدينة رام الله، وطلبة وطالبات المدارس وهم ينتظرون سيارات الأجرة، صباغي أعمدة الكهرباء وبائع الجرائد والمارة.وفجأة تصل سيارات الجيش الإسرائيلي إلى تقاطع المتنزه مع الجنود ومكبرات الصوت بإعلان حالة منع التجوال وغلق كل المنافذ المؤدية إلى وسط المدينة. وفي العمق البعيد نرى شابا فلسطينيا مكبل اليدين والعينين ونصف عار دفع باتجاه الجيب العسكري الذي حمله إلى العالم المجهول. في الصباح القادم نرى من جديد شمس الصباح وبائعي الكعك واستمرار الحياة المليئة بروح التحدي والأمل.
ويقول : رام الله المدينة التي أحببتها بقوه وشعرت وكأنها وطني الثاني عندما كانت العودة إلى العراق بالنسبة لي شبه مستحيلة.وربما هذه القصة القصيرة هي شهاده للاعتراف بجميلها.
وأضاف: خلال فترة وجودي في المنفى لما يقارب الثلاثين عاما وبغداد لم تغادر عقلي وروحي يوميا، كانت تنام وتصحو معي كلما وضعت رأسي على الوسادة،وعندما عدت إليها عام 2003 وجدتها مدينة مختلفة، لا شيء يشبه ما كان يعيش معي كل يوم. مدينة تحت الاحتلال وقد دمرت بما فيها الكفاية:هويتها،أخلاقها، وقيم الناس الذين يعيشون فيها. في عام 2004 قمت بتأسيس مدرسة مستقلة للسينما في بغداد مع زميلتي ميسون باججي ، أجرنا مكانا صغيرا في مبنى مطل على ساحة الواثق ، وهنا أيضا تصبح الشرفة نافده للعالم المحيط بي، لرصد إيقاع الحياة العراقية التي كانت تتكشف أمامي كل يوم على مدى ثماني سنوات . صورت كل ما كان يحدث في الساحة والشوارع المحيطة بها.الدبابات الأمريكية ،سيارات الشرطة وهي تعوي لغلق الطرق لحماية المسؤولين ميليشيات الأحزاب الحاكمة، يطلقون الرصاص في الهواء لأجل فتح الطريق لهم. عمال البناء وهم يعملون في ظروف خطرة وبدون قوانين السلامة، الشحاذين والشحاذات والباعة المتجولون عند نقاط العبور الانفجارات التي تملأ الأفق بالنار والدخان وسيارات الإسعاف وصوت الرصاص وشرطة المرور الذين يقاتلون من اجل تنظيم مدينة ملأى بالفوضى. أمام هذا العالم الغريب هناك فلاح في الساحة يزرع شجره وآخر يسقي النخيل بالماء ومجموعة عمال يبنون نافورة ثم يعاد تفليشها بسبب تفطر البلاط ثم تبنى مرة أخرى ويتفطر مره أخرى البلاط.
واختتم المخرج قاسم عبد حديثه:
هذه الدراما اليومية تعكس الزمن الصعب الذي يعيشه العراقيون في هذه اللحظة التاريخية من حياتهم وهم يكافحون من اجل الاستمرار بالعيش واستيعاب الصدمات والتعامل مع القتل اليومي وكأنه القدر ،على أمل ان يكون هناك استقرار وسلام في يوما ما.
خلال تجربتي السينمائية الماضية قدمت فيلمين قصيرين في هذا الاتجاه (حاجز سردا 2005 وأجنحة الروح 2011) والفيلم الذي أنجزه الآن مستمر في هذا الطريق كمحاولة لتقديم الواقع بأشكال حديثة ومختلفة ، بعيدا عن النموذج التقليدي لأفلام الحوار والتعليق والمقابلات.
نبذة مختصرة عن المخرج قاسم عبد
قاسم عبد مخرج ومنتج ومدير تصوير، ولد في بغداد ودرس في معهد الفنون الجميلة
وأكمل دراسته في معهد السينما في موسكو(فكيك) يعيش ويعمل في لندن منذ عام 1982
أخرج وصور العديد من الأفلام الوثائقية للمحطات التلفزيونية البريطانية والأوروبية وشغل منصب رئيس قسم
البرامج الوثائقية في محطة أم بي سي ورئيس قسم التصوير في محطة أي ان ان في تسعينات القرن الماضي.
درس قاسم صناعة الفيلم الوثائقي والإخراج في جامعات ومعاهد دول عديده(بريطانيا- الأردن- فلسطين – السودان - العراق)
وأسس مع زملائه بعد الحرب الأخيرة على العراق كلية السينما والتلفزيون المستقلة في بغداد سنة 2004.
البريطانية سنة 2005 Excellence in art