كاظم الجماسي ليس من المبالغة والاعتداد الفارغ بالنفس او الغرور ان نقول: ليس من احد في مشارق الأرض أو مغاربها بإمكانه إنكار حقيقة ساطعة كسطوع شمس العراق، حقيقة طيبة وأريحية هذا الشعب إزاء الزائر الغريب أو القريب، وربما كانت هذه الخصلة من خصاله، واحدة من مصادر تكريس عذاباته واستمرارها حتى الساعة،
ومعروف ما تنطوي عليه نفوس أهلنا من بهجة وسرور حين يحل غريب او قريب ضيفا عليهم، فأهل الغربية من جغرافيا العراق، بما عرف عنهم من شجاعة الكرم، يستقتلون لأن يفوز الواحد منهم بضيافة الغريب، وأهل (الشرجية) يضاهونهم في التفنن والحرص في تقديم موجبات الضيافة. فيما أبناء كردستان لا يقبلون بغير الصدارة في تقديم تلك الواجبات، وهذا الكلام ليس تحليقا في الهواء مدفوعا بالعاطفة والانفعال، بل يمكن لك ان تسأل اي عربي او أجنبي قيض له زيارة ربوع عراقنا العزيز ليمنحك البرهان الدامغ على صحة وواقعية مثل هكذا قول.. ومجريات الماضي القريب تشهد للعراقيين حسن وفادتهم للفلسطيني والمصري والسوري والأردني وبعض من ابناء الخليج وغيرها من الدول. وفضلا عن الفلسطينيين الذين أقاموا في العراق زمنا امتد من قبل العام 1948 وحتى يومنا الراهن. ليس بعيدا عن ذاكرة الجميع زمن(القادسية الثانية) كما أطلق عليها المسعور بالاعتداء على الجيران، زمن ان قطن العراق اكثر من ستة ملايين مصري ومصرية، هم وعوائلهم، لفترة امتدت حتى لما بعد انعطافة التاريخ في9/4/2003، لمسوا فيها عبر التعايش اليومي حقيقة عطف وكرم العراقيين وجوهر أرواحهم النقية في كل مدن العراق وقصباته. ولقاء تلك الأريحية والطيبة المفرطتين لم يجن العراقيون سوى الذبح البشع في مسالخ الحروب او بأعواد المشانق المجرمة أو أحواض الإذابة (التيزابية) أو الدفن أحياء في المقابر الجماعية أو القتل بالغازات السامة. والقائمة تطول وتطول في تعداد أفانين العصابة الصدامية التي بزت وتفوقت بأشواط على قريناتها من نازية وفاشية وغيرها من منظمات الجريمة، لقاء طيبة وأريحية العراقيين، إضافة الى ذلك كله وغيره، إذاقتهم مرارة الذل والهوان عبر برنامج معد سلفا لمسخ الروح الوطنية بالتجويع المنظم أيام ما سمي حينها بـ(الحصار الجائر) ما دفع الملايين الى الهروب الجماعي نحو شتى أصقاع المنافي، تلتها أحداث العنف التي اتخذت صبغة طائفية ملفقة على طبيعة الشخصية العراقية. لتلك الظروف وغيرها صار العراقيون البسلاء أمام احد خيارين، اما الانطواء واتقاء عيون العسس من ذئاب السلطة، او الهروب من جحيمها الى المنافي، ومن غير استطراد، نريد ان نصل ، طالما مأساة العراقيين معروفة للقاصي والداني، الى ان بعض سلطات الدول العربية، مثل سلطات الحدود المصرية، باتت تعد العراقي الطالب تأشيرة الدخول الى مصر، العدو رقم واحد، والذي يجب عدم التهاون معه في منحه التأشيرة، على الرغم من استيفائه كل الشروط القانونية وغير القانونية للحصول عليها. ومن خلال رسائل العديد من المواطنين، نلمس جفاء غير مستساغ ولامعقول إزاءهم، ويصل الأمر الى تجاهل حتى الحالات الإنسانية والصحية البالغة الصعوبة.. ولا ندري هل سنرمي تقريعنا ولومنا على البعض من مفاصل حكوماتنا التي سفحت ماء جبين العراقيين بنحو رخيص، ام على هذا الزمن الأغبر الذي جعل ذوي الشأن من المصريين يديرون ظهر المجن لمحتضنيهم العراقيين أيام عسرهم؟ مجرد أسئلة تبحث عن إجابة.. kjm207@gmail.com
عزيز قوم ذُل
نشر في: 10 نوفمبر, 2009: 04:16 م