بل عن الحكيم وعبد المهدي والجلبي وممثلي التيار المدني أيضا، بوصف هؤلاء ومن جاء ذكرهم في عنوان المقال، الأطراف الأساسية في جبهة تدعو للإصلاح وتواجه حاليا مجموعة استحقاقات واختبارات كبيرة. ماذا في وسع هؤلاء ان يفعلوا حتى الاقتراع المقبل؟
ولست في وارد التحقق من نوايا هذه الأحزاب ونوع صدقيتها، كما يطالبني بعض القرَّاء الكرام، لكنني ازعم وانا مطمئن البال، ان هذه الأطراف ادركت بوضوح ان حماية النظام التعددي البرلماني اللامركزي، وصيانة استقلال السلطات، وكبح جماح الفساد، صيغة لا بديل عنها إذ تسمح للجميع بتحقيق المكاسب، وتوفر لهم مشروعية سياسية، وتسد الذريعة أمام جمهور غاضب ومحتج على امتداد الوطن. وتدرك هذه الأحزاب أيضا أن التردد في الخطوات الإصلاحية، سيعني عودة التناحر وتواصل الموت وتبديد المصالح الكبيرة من البصرة إلى أربيل.
وفي هذا الاطار، ليس على السيد مقتدى الصدر ان يشعر باليأس من التغيير، كما فهم الناس من ظهوره الصحفي الأخير، وفي الحقيقة فقد وجدته حين زرته في النجف مطلع الشهر، متفائلا مليئا بالعزيمة، لكنه مثل كل عراقي حساس مل من رؤية الموت والفشل والصمت، يشكو ويخشى المفاجآت، ويحزن لصمت معظم العراقيين، وأنا احسب ان حديثه عن حظوظ المالكي بولاية ثالثة، كان بمثابة رسالة إلى حلفائه تحثهم على ضرورة تجديد عهود الإصلاح والمراجعة.
لقد مرت الشهور الثلاثة الأخيرة، التي أعقبت عاصفة خسائر المالكي في اقتراع نيسان الماضي، باردة وخاضعة لمتطلبات التهدئة، بعد ان اشتعلت النيران في ثيابنا، وعاد الموت إلى شوارعنا. وظن البعض ان هذه التهدئة، تجري بروح"المساومة"، وجني المكاسب وخطب ود طهران أو حزب الدعوة، ما جعل من المنطقي ان يفكر الصدر وغيره، بضرورة تجديد العهود أمام الجمهور، كي لا يسود اعتقاد خاطئ بحصول تردد أو تراجع. وأيضا كي نقوم بخطوة اهم، فنعيد تعريف محورين مهمين، سيكونان على عاتق"جبهة الإصلاح"المذكورة.
الأول هو تشجيع الناس على الاقتراع لأجل لتغيير، عبر إعادة طرح خطة الإصلاح المبحوثة في أربيل ٢٠١٠، لتكون شاملة تتبناها الكتل المتحالفة في أربيل والنجف تحت مطامح المراجعة. وقد باتت صيغتها اليوم اكثر وضوحا، و أوسع في مراميها. والجمهور بحاجة إلى فهم ما يخطط له الزعماء في صفقة ٢٠١٤، من إصلاح لملف الأمن ووضع السجون والاعتقالات وأجهزة القضاء، ومكافحة الفساد...الخ. أي إحياء وتطوير اتفاقية أربيل التي خربها المالكي، وإعادة الاعتبار لتسويات التهدئة السياسية والأمنية، والتي خربها المالكي كذلك.
أما المحور الثاني الممكن والذي يقع على"جبهة الإصلاح"ان تعمل لأجله، فهو تشجيع الناس على الاقتراع لصالح التغيير، عبر إثبات ان الكتل عازمة على ترشيح شخصيات اكثر كفاءة، كي لا تتكرر بعض وجوه الفشل والحماقة التي سئم منها الجمهور، وعبر إعلان برنامج واضح لتشكيل حكومة تملأ العين والقلب ولا تخزينا، وتكون قادرة على استعراض كفاءات عراقية متاحة في الداخل والخارج، وإشراك الجمهور في ترشيحها أو اقتراحها.
ان لقاء جديدا بين زعامات"جبهة الإصلاح"سيجعلنا أمام كتل سياسية ذات برنامج موحد لأول مرة، وسيعيد بناء الأمل والثقة لدى جمهور واسع قام بمقاطعة الاقتراع الأخير، وسيقول لنا ان كاتب السطور وأمثاله، لا يحلمون ولا يسرحون في خيال بعيد حول إرادة التغيير.
كما ان لقاء بين زعماء هذه الجبهة، سيجبر ايران وأميركا على ان تعيدا النظر في تقديرهما للطبقة السياسية، وهذا امر يتطلب تقديم الحد الأدنى من التنازلات العاجلة بين"اطراف جبهة الإصلاح"من أربيل إلى البصرة، لضخ امل جديد، والإجابة على رسالة لم يطلقها الصدر وحده، بل تتردد على ألسن انصار المراجعة والتغيير. ان خمسين مقعدا إضافيا لن تنفع الأكراد ولا الصدر والحكيم، اذا تراخت الوشائج بين اطراف جبهة الإصلاح.
عن الصدر والكردستاني ومتحدون
[post-views]
نشر في: 23 أكتوبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
نعم استاذ سرمد عليك بهذا ان تحمل الاطراف جميعا المسؤلية وليس طرفا بعينه حتى يعرفوا انهم امام المسؤلية حالهم حال الذين خذلوا هذا الشعب مع تحياتي