اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > (تاكسي ) مفخخة تبطش بالراكبين وباصات مرآب بعقوبة في المشتل!

(تاكسي ) مفخخة تبطش بالراكبين وباصات مرآب بعقوبة في المشتل!

نشر في: 27 أكتوبر, 2013: 10:01 م

استقليت سيارة الباص من منطقة المشتل باتجاه موقع عملي، وكنا بانتظار أن يكتمل عدد الركاب حتى يتفضل السائق بإيصالنا الى مبتغانا، وقبل ان يكتمل العدد شعرنا بان السيارة تحركت بنا من دوي انفجار قوي، فهرع السائق الى سيارته وهو شبه مجنون من هول الصدمة ليهرب

استقليت سيارة الباص من منطقة المشتل باتجاه موقع عملي، وكنا بانتظار أن يكتمل عدد الركاب حتى يتفضل السائق بإيصالنا الى مبتغانا، وقبل ان يكتمل العدد شعرنا بان السيارة تحركت بنا من دوي انفجار قوي، فهرع السائق الى سيارته وهو شبه مجنون من هول الصدمة ليهرب بنا باتجاه قناة الجيش تحسباً لحدوث انفجار آخر، احدى الراكبات امرأة متوسطة العمر صرخت ودموعها تسبق صياحها ( أخوي حسين .. قريب من الانفجار)،اتصلت به عن طريق الهاتف الخلوي لتطمئن فلم يرد على الهاتف لتنهار تماما وزاد صراخها وكذلك دمعها مع خشية السائق من التوقف ، بل زاد سرعة السيارة ليخرجنا من منطقة الانفجار وهو يردد بصوت عالٍ (هسه إطك الثانية) ويقصد ستنفجر سيارة اخرى، المرأة التي كانت بجانبي كانت تصيح (الله اكبر...راحت الناس..عساها ابخت الحكومة)، رن هاتف المذعورة على شقيقها فكان هو على الهاتف ليطمئنها على سلامته وبأنه لم يصب بأذى لكن محله انتهى.

التذمر حديث الباص

هنأها الجميع على سلامته وذكرت انه صاحب محل لبيع المعجنات يدعى كاهي المشايخي يقع في مدخل مرآب بعقوبة للنقل الواقع في منطقة المشتل، تذمر المواطنين اصبح حديث ركاب الباص،احد الركاب يقول ان الانفجارات سببها الحكومة وراكب آخر يعترض متسائلا: ما مصلحة الحكومة؟ اخي هذه اعمال تقوم بها جهات هي ضد الحكومة ،الحاجَّة التي بجانبي قالت موجهة كلامها للشاب (بعد امك انت مستفيد من الحكومة وهلتدافع عنها) وبينت للجميع ان ولدها محمد استشهد عام 2006،ولم تحصل على حقوقه إلا في هذا العام ،واخرجت هوية الشهيد المؤرخة في عام 2013 اي بعد سبع سنوات من استشهاده ،والتفتت الى الشاب لتقول له بما معناه: ان من استشهد اليوم سيحصل على حقوقه عام 2020،ثم هزت يدها وهي تقول (فوك المصايب السوتها ويانه وأكو مَن يدافع عن الحكومة)،وصلت موقع العمل وتركت حوار الباص بتذمره وشكوى المواطن التي لا تنتهي.
انتشار للشرطة وآخر
للزجاج المهشم
ما أن دخلت المؤسسة حتى عملت ورقة واجب وتوجهنا انا والزميلان محمود رؤوف واحمد عبد الرزاق الى منطقة الانفجار لنكون شهود عيان على ما حدث،كان الطريق باتجاه المشتل قد قطع ذهابا وايابا بوجه العجلات بجميع انواعها، ليصبح السير على القدم هو الوسيلة الوحيدة للمواطنين،ترجلنا من العجلة وتوجهنا باتجاه الانفجار الذي حدث داخل مرآب بعقوبة للنقل الذي يقع في بداية المشتل ،وفي داخل هذا المرآب ليس السيارات المتوجهة الى بعقوبة وانما هناك فرع منه خاص للباصات المتوجهة الى عموم مناطق بغداد كالعلاوي والباب الشرقي والكاظمية.
آثار الدمار من الزجاج المهشم استقبلنا قبل دخول المرآب،ومشهد كثرة عجلات الشرطة الاتحادية المنتشرة هناك، وكذلك الانتشار الكثيف لأفراد الشرطة يشير الى ان هناك مأساة حدثت في هذا الموقع،في اول وصولنا كانت مجموعة من رجال الشرطة يتصدرهم ضابط برتبة عقيد كانوا يهمون بمغادرة المكان، تبين من خلال حديثي مع المواطنين المتواجدين هناك انهم اي الشرطة قاموا بتدوين اضرار ما خلفه الانفجار الذي حدث بحدود التاسعة من صباح الامس.
أربعة شهداء وعشرين جريحاً
تسعة أيام هي الحد الفاصل بين انفجار المشتل الذي حدث في شارع المطبق ،وانفجار الامس في المرآب،الاول الذي حدث قرب محال تجارية بواسطة سيارة مفخخة بحسب مصادر في وزارة الداخلية كانت حصيلته(58) شهيداً وجريحاً، واشار المصدر الى ارتفاع عدد الشهداء في ذلك الانفجار الى (17) شهيدا و(41) جريحا بحسب قوله، اما انفجار اليوم شهود عيان اكدوا ان عدد الشهداء الذين رفعوا جثثهم بسيارات الاسعاف بلغ اربعة شهداء بينهم امرأة وكذلك صاحب محل لبيع دهون السيارات يدعى ابو رشا وهناك جرحى بعضهم بحالات خطرة بلغ عددهم (20) جريحا كما يقول احد موظفي استعلامات مستشفى قيصر الاهلي القريب من موقع الانفجار،الذي اكد لـ(المدى) بانهم قاموا بتحويل العديد من جرحى الحادث الى المستشفيات القريبة بعد ان تم معالجتهم وقتيا داخل المستشفى الاهلي بحسب قول موظف الاستعلامات،علما ان زجاج المستشفى القريب من الحادث ولقوة عصف الانفجار تهشّم تماما، بل ان بعضه تطاير على رؤوس الاطباء والموظفين وكذلك على أسرة الراقدين في المستشفى ليضيف اليهم رعباً آخر يُضاف الى رعب فقدان العافية.
المواطنة فاطمة مكطوف التي جاءت مع ابنتها الحامل لمستشفى الدكتور قيصر لغرض الولادة اصابتها شظية زجاج برأسها،وكانت حصة ابنتها الحامل شظية زجاجية في الساق لتنعم بألمين ألم الولادة وألم الأصابة، المشهد في موقع الجريمة يحيلك الى موضوع الإبادة التي يتعرض لها الشعب يوميا من دون وجود حل بعد أعوام وليس أيام وصرف مليارات من الدولارات على الاجهزة الامنية وأجهزة كشفها المزيفة!!
حارث حافظ صاحب سيارة كوستر كان رأسه مضمداً بلفاف طبي ما زالت آثار الدماء عليه،اقتربنا منه بكلمة (الحمد لله على سلامتك) كان حزينا على سيارته التي هي من نوع كيا زرقاء اكثر مما هو حزين على نفسه،وكيف لا وهو يقول: انها مصدر رزق عائلته الوحيد، واكد حافظ بان الشرطة قاموا قبل قليل بتسجيل اسمه مع بقية اسماء المتضررين،متمنيا ان تسارع الدولة بتعويضهم كي لا ينقطع رزق عائلته حسب وصفه.
المفخخة سيارة تكسي
صورة السيارات وهي محطمة بصورة كاملة يمنحك الحق بالقول انها كارثة الباصات، لكون المرآب لا تدخله غير سيارات الباص، والسؤال المطروح على طاولة الاستغراب: كيف دخلت سيارة الاجرة الصغيرة(تكسي صفراء من نوع كورلا) من مدخل المرآب واستقرت في نهايته من دون سؤال من السيطرة وهي عبارة عن عجلة شرطة كانت تبعد عن المدخل ثلاثة امتار فقط، فضلا عن وجود موظف تابع لهيئة النقل يقف في مدخل المرآب ليسجل ارقام سيارات الباص الداخلة ليعرف الباص الأسبق في الترتيب، فكيف دخلت التكسي؟ اغلب الموجودين اكدوا ان الذي كان يقود السيارة هو شاب لا يتجاوز العشرين من العمر ويجلس بجانبه شاب بمعدل عمر السائق، وقالا لموظف الهيئة الذي يقف بالباب بانهما لديهما حالة طارئة في مستشفى قيصر الاهلي فسمح لهما بالدخول من دون ان يطلب اوراق السيارة او هويتيهما،وحين وصلا الى مكان عمل موظفي الهيئة ركنا السيارة بقربها ،طالبين من احد موظفي الهيئة السماح لهما بالفطور من مطعم الاستراحة الموجود داخل المرآب والقريب من الشارع العام،ومن هناك لاذا بالفرار ثم قاما بتفجير السيارة عن بُعد كما أكد لي هذه الرواية جميع من التقيت بهم.
الشرطة تتهم هيئة النقــل
أحد ضباط الشرطة برتبة نقيب أوضح (للمدى) ان المسؤولة عن مدخل المرآب ليست الشرطة وانما موظفو هيئة النقل الذين يسجلون ارقام العجلات الداخلة ،وحمـَّل النقيب مسؤولية ما حدث لتلك الهيئة،مضيفا ان دائرتهم الان خالية لكونهم هربوا من المكان بعد الحادث لكونهم المسؤول الاول والاخير عن الضحايا واصحاب العجلات المدمرة، وبشأن الانفجار الذي حصل في منطقة البلديات وقد سبق انفجار المشتل بعشر دقائق الم يعطِ للسيطرة انذاراً بوجوب الحذر من دخول مفخخة للمرآب؟ 
أكد النقيب ان مسؤوليتنا تفيد بحماية المرآب من الخارج اما الداخل فهو مسؤولية هيئة النقل التي حمّلها كامل المسؤولية،لكونها سمحت لسيارة اجرة صغيرة بالدخول الى مرآب خاص بالباصات،وناشد ضابط الشرطة جميع المواطنين بضرورة الحذر والتبليغ عن اية سيارة يُشتبه بها، لان الأمن من غير تعاون المواطنين لا يُكتب له النجاح، وللأسف بعض المواطنين لا يتعاونون مع الاجهزة الامنية في هذا الامر المهم لحياة الجميع في البلاد.
الأمــن أمنية الأمنيات
مطعم مشويات الاستراحة اخذ حصته من تهشم زجاج واجهته بالكامل،وكذلك بالنسبة للمحال التي كانت بجانبه،الدور السكنية التي تقع ما بين المستشفى والمرآب بعضها سقط حتى سياج البيت،فضلا عن زجاج النوافذ،وكذلك بالنسبة للشقق التي تقع في عمارة مطعم الاستراحة لم يبق في نوافذها غير الهواء وذكرى زجاج كان قبل الساعة التاسعة موجود ، احد ابناء العوائل التي تسكن في تلك الشقق قال بألم ان والدي يعمل كعامل بناء ورزقه لا يوفر لنا سوى بدل الايجار ومصرف البيت فمن اين لنا مبلغ اعادة تصليح زجاج النوافذ خاصة ونحن دخلنا فصل الشتاء (ويا فرحة محال بيع ونصب الجام) بحسب قوله،متسائلا: هل ستقوم الحكومة بتعويضنا ام انها ستكتفي بتصريحات الشجب والاستنكار،اثناء حديثي معه التفت اليه شاب وقال له بحسرة وألم واضحة على ملامحه (انت مصدك اكو حكومة،لو اكو حكومة جان ماصار بينه هيج..الله يخليك)،وتعالت الاصوات من قبل العديد من المواطنين واغلبهم من عوائل اصحاب السيارات المتضررة والمحال التي طالها الانفجار،وجميعها تدعو بيأس واضح ان يحل السلام في البلد الذي اصبح الأمن فيه أمنية الأمنيات.
الصمت من تأثير الصدمة
أصحاب السيارات المتضررة وحتى اصحاب الدور كانوا يطلبون من الزميل محمود تصوير سياراتهم وهم واقفون بجانبها، لاعتقادهم بأننا جهات مسؤولة سنسهم بالإسراع بتعويضهم عن الخسائر المادية الجسيمة التي اصابتهم، بعض السائقين حاولنا الحديث معهم لكنهم اكتفوا بالصمت،فسر صمتهم رجل متوسط العمر بانه صمت لتأثير الصدمة ،والبعض منهم غير مصدق بأنه نجا من الحادث غير آبه لما جرى لسيارته، اما احد السائقين تمنى الموت مع دمار سيارته البيضاء لكونه لا يمتلك غيرها، الأغلب كان سؤاله الاول والاساس: متى يتم دفع التعويضات؟ ومن هي الجهة المعوضة؟
حسين صاحب محل كاهي المشايخي الذي تقف أمامه سيارة الشرطة ،قلت له ان شقيقتك كانت قلقة عليك وأجهشت بالبكاء في الباص الذي كنت استقله،قال انها اختي وهي موظفة في دائرة كاتب العدل والحمد لله انا سالم وكذلك العمال ،ولكن محلي وسيارتي الكيا دمرتا تماما والعوض من عند الله كما يقول حسين، تركنا أحاديث الشكوى والتذمر مما يحدث في البلاد لنسمع سلسلة انفجارات اخرى تهز العاصمة بغداد في اليوم نفسه لتلتحق قافلة اخرى باتجاه القوافل السابقة صوب المقابر، والأرامل والأيتام دموعهم وصراخاتهم تقول وهي تنظر الى السماء (هلبت كسرنه بخاطر الله).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. صادق جبر

    فرعون سألوة كلولة ليش سموك فرعون كال لان محد وكف بوجهي الان حالنا اذا مانشوف طريقة للخلاص الشعب ينتهي بغض النظر نرمي المسؤلية على الحكوموة او البرلمان او السياسين ولو جريمة نكول سياسين لان ذرة من الغيرة على شعبهم ماعدهم فيا شعب انتفض اظاهر لوضع حد لهذا ال

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram