اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > البادية الجنوبية.. مصائر مجهولة وثروات مهدورة

البادية الجنوبية.. مصائر مجهولة وثروات مهدورة

نشر في: 10 نوفمبر, 2009: 05:22 م

جاسم العايف يمتد الموقع الجغرافي للبادية الجنوبية العراقية شمالا من البصرة إلى محافظة المثنى، وجنوبا إلى الحدود الإقليمية للعراق ودولة الكويت وبمحاذاة الحدود مع المملكة العربية السعودية من جهة صحراء حفر الباطن. والبادية الجنوبية امتداد طبيعي للعراق من الجهة الغربية الجنوبية، وبوضعها هذا فإنها تحدد على طول مئات الكيلومترات دولتين مجاورتين، من دون حواجز طبيعية فاصلة،
فهي أراض منبسطة، دفع وضعها الجغرافي، بالترافق مع الظروف التي ميزت عقود حكم النظام المنهار والحروب المتواصلة والحصار والعنف الدكتاتوري، سكانها للهجرة إلى السعودية والكويت. وبسبب ما جرى بعد 9/4/3003، والأوضاع الراهنة، فإن اختراق الحدود العراقية بات سهلا ويسيرا، وغدت محطة لانتقال الإرهابيين القادمين إلى العراق حاملين معهم أحلاما وخططا ونوايا مشاريع جهنمية لموت العراقيين، كما أصبح انتقال الممنوعات وتهريب الثروة الحيوانية وكل ما هو غال ونفيس قائماً ليلاً ونهارا، وتشكلت لذلك عصابات ومافيات متخصصة مسلحة ومجهزة بأحدث وسائل النقل والاتصال إضافة الى خبراتها السابقة التي نمّاها جهاز المخابرات العراقي عندما عمد إلى احتكار تهريب المخدرات إلى دولتي السعودية والكويت، خلال التسعينيات، كشكل متعمد من أشكال تخريب البناء الاجتماعي فيهما. منذ أواخر السبعينيات والثمانينيات ارتحل مئات العراقيين عبرها هربا من بطش النظام أو حروبه، وقسم منهم تجاوز مفازاتها وبعضهم لم يعثر له على اثر وتبخر كأنه لم يوجد قط، وثمة أسرار عدة خلف ذلك منها ان بعض المهربين كان يتعاون مع أجهزة النظام الأمنية وقام بتسليمها الهاربين وهي التي اخفت آثارهم وستظل مجهولة مصائرهم وهوياتهم وأعدادهم إلى الأبد. وثمة من ضاع بين مفازات الصحراء الغربية طعاما سهلا شهيا لبعض الضواري التي تجوبها. بعد حرب السنوات الثماني العبثية التي أنتجتها النزعة الفردية المتجسدة بثقافة التخلف وقيمها الدونية، المستهينة بالحياة الإنسانية، والمتشحة بالنظرة العنصرية وبضيق الأفق السياسي، معتمدة القوة ومنطقها كحل وحيد لأزمات ومشاكل البلدان والشعوب المتجاورة ودفعت مئات الآلاف من الشباب إلى أن يتحولوا وقودا لحرب سحقتهم وسرقت آمالهم وعطّلت قدراتهم في البناء والأحلام، بعد تلك الحرب وخسائرها المرة..استقبلت البادية الجنوبية شباب العراق وقودا لحرب أخرى أحدثت خللا مضافا في ما تبقى من الحياة الاجتماعية وقيمها السلمية من خلال النزوع الفعلي المتجدد لتكريس قيم العسكرتاريا وعنف جنرالاتها الفاشلين المهزومين الذين لا يجيدون غير حوار البنادق والمدافع والراجمات والدبابات والصواريخ وهندسة الخراب والفناء واختفى، طمراً، في رمال البادية الجنوبية ما لا يمكن أن يعرف من الضحايا حتى الآن، وما يزال الغموض يخيم على العدد الحقيقي لضحايا حرب الكويت، التي كان مسرحها الفعلي البادية الجنوبية، وابتلعت رمالها شباب العراق الذين عافتهم،صدفة، سنوات الحرب الأولى، وأخفى النظام عددهم بصفتهم "مفقودين أو مجهولي المصير" محملاً الكويت وقوات حرب تحرير الكويت مسؤولية ما حصل لهم وما آلت إليه مصائرهم والتي تنصل عنها!! غير ان بعض المصادر الأجنبية المطلعة ترى ان عددا كبيرا منهم ما زالوا مطمورين هياكل عظمية في رمال البادية الجنوبية. بعد هزيمة النظام وإذلاله في (خيمة سفوان) واشتعال فتيل انتفاضة 2 / آذار/1991 المغدورة، وما حصل للمنتفضين بعدها،إذ تركوا عُزلاً يواجهون نظاما مهزوما، عمد للثأر من هزيمته وعاره وذله منهم، ومع قساوة وضراوة الحصار عمد النظام لتشجيع شراء الأسلحة التي بقيت مطمورة في رمال البادية الجنوبية معتمداً تجاراً ودلالين موالين له، وإزاء البطالة والحرمانات المتواصلة توجهت مجموعات من المجندين السابقين والذين خبروا عن كثب معايشة ما تضمه البادية من أسلحة ومعدات عسكرية، متسللين ليلاً، بعيداً عن فرق المراقبة الدولية، لغرض جمعها وبيعها لتجار الموت ومعتمديه، فمزقت الألغام أجسادهم وتناثرت بقاياهم في رمالها، أو عاد بعضهم خائبا وفاقدا جزءاً من أطرافه او عيونه. لقد طمس النظام المنهار هوية هذه المنطقة وسخرها لأغراضه وهواجسه المخابراتية الأمنية عبر زمر وعصابات إجرامية مرتبطة بأجهزته الاستخباراتية وساهمت المعارك الحربية التي حشد لها وجيوش التحالف آلاف المعدات العسكرية خلال حرب الكويت في تخريب وتلويث البيئة الطبيعية فيها. تضم البادية الجنوبية العراقية مناطق رعوية طبيعية شاسعة وقرى موزعة هنا وهناك على شكل مجمعات سكنية ليقطنها البدو من أصول عراقية، وبسبب سنوات الحروب وتوقف التطور العمراني، أهملت هذه المجمعات حتى تلاشت وتحولت الى خرائب وآثار ينعق فيها البوم شاهداً على توقف الحياة العراقية واندثارها، ومن هذه المجمعات: "الصليحة، اللجة، خضر الماء، فرانج، حزنج، العظمى، شكرة وهلبية". منذ مئات السنوات والبادية الجنوبية العراقية تستوطنها قبائل عراقية تجوب مناطقها بحثا عن الماء والكلأ تمتهن رعي الإبل والأغنام والماعز، وتتواجد حول الآبار الارتوازية، وبسبب الحروب وهواجس النظام الأمنية والمضايقات اضطر بعضها إلى ترك البادية وتوجه قسم منها الى المدن القريبة، منها، كـ"ذي قار والمثنى والبصرة"، كائنات غريبة مغتربة فيها، تحيا في منازل إسمنتية بدلا من الخ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram