ما تزال قضية اغتيال الرئيس الأمريكي جون كندي (22/تشرين الثاني/1963) محط اهتمام الباحثين وعشرات الكتب قد صدرت عنها، ومع ذلك ما تزال خيوط من الشك تغلفها، متجاوزة تحقيقات لجنة وارن. وكتاب فيليب شينون الجديد، عمل قاس ومفجع، يذكرنا بثلاثة أسئلة داهمت ال
ما تزال قضية اغتيال الرئيس الأمريكي جون كندي (22/تشرين الثاني/1963) محط اهتمام الباحثين وعشرات الكتب قد صدرت عنها، ومع ذلك ما تزال خيوط من الشك تغلفها، متجاوزة تحقيقات لجنة وارن. وكتاب فيليب شينون الجديد، عمل قاس ومفجع، يذكرنا بثلاثة أسئلة داهمت الشعب في الأعوام الـ50 الماضية: "هل قتل الرئيس من قبل قاتل واحد؟ هل كان لي هارفي اوزولد جزءاً من مؤامرة؟ هل كشفت لجنة وارن للتحقيق الحقيقة كاملة ما حدث في ذلك اليوم من عام 1963؟
والكاتب لا يجيب جازماً عن السؤالين الأولين، ولكنه يعترف ان الكلمة النهائية فيما ان كانت هناك مؤامرة من عدمها، ويقول عن لجنة وارن، "لم تكن على المستوى المطلوب منذ البداية، وعدم قدرتها على إصدار القرار.. ويكتب أيضاً، ان لجنة وارن كانت ضعيفة "منذ البداية" بسبب بيروقراطيتها، وتلاعبها، وتدمير الأدلة، وعدم صلاحية بعض أعضائها كفاءة، تتلاعب بها أجهزة الاستخبارات.
وبدلاً من ان يقدم شينون الحقيقة الكاملة لاغتيال كيندي، فانه يسرد بحثاً عميقاً عن هذا السؤال: "لماذا بعد مضي 50 عاماً على الاغتيال، ماتزال الحقيقة لغزاً، وندرك ان سؤالا عن الحقيقة ان طالب بها احد من اليسار، فانه سيواجه بنفس الأصوات التي تنطلق من اليمين قائلة: "وما هو دليلك؟ وبعد اغتيال كيندي، تم اغتيال شقيقه روبرت، لدعمه صفقة منح إسرائيل الطائرات وصفحات الكتاب التالية، تتضمن معلومات تثير الدهشة، تتضمن كيفية تدمير الأدلة، والمخلصين لقضية اغتيال كيندي "وهنا يأتي ذكر عميل FBI، جيمس هوستي، الذي كان جاثماً على مقعد الحمام وهو يسحب "سيفون الماء" وبيده ورقة بخط يد اوزولد".
وهناك أيضا أناس اقل معرفة ومنهم الدبلوماسي جارلس ويليام توماس، وتقديمه العون في ما يخص علاقات اوزولد بكوبا، "وقد انتحر توماس في عام 1971"، ويستفيد شينون من المواد الكثيرة جداً والتي اطلقت في خلال العقود المنصرمة، ومنها الأشرطة السرية الخاصة بالرئيس جونسون وما تتضمنه من جلسات محكمة وارن- للسلطة التنفيذية.
وأبطال قصة شينون هم المحامون –بدرجة وسط- والمحققون، والذين قد بذلوا كل جهدهم للوصول إلى قاع سر عملية الاغتيال، والذين أثاروا إعجابه، وكانوا أيضا مصدر المعلومات التي حصل عليها "دون ان يذكر أسماءهم".
أما الأشرار في كتاب شينون فهم الرجال الكبار سنّاَ لمؤسسة الاستخبارات، ومنهم مدير الـFBI، ج. إدغار هوفر، ورئيس الـCIA جيمس جيزوس انغلتون، وفي رأي شينون ان الأشخاص الثلاثة قد تحكموا بلجنة وارن لأسباب أنانية، ويضللون العقول، بحجبهم بعض المعلومات من اجل حماية أجهزة من النقد، وعلى الأخص جهاز الـFBI، المكوّنة من نخبة البيروقراطيين، بقيادة شخص قاسٍ صغير العقل.
ويقول المؤلف، ان المشكلة كانت في ان أعضاء اللجنة، قد تم اختيارهم من أولئك الذين لديهم تجربة قليلة، أو خبرة في التحقيقات الجنائية، كما ان اللجنة لم تكن تعرف إلى من تلجأ للحصول على المعلومات المطلوبة عن أشخاص في موضع الشك بوجود دور لهم في مقتل كندي، وكانت ان خبرتهم لم تكن موازية للمعلومات السرية التي يمتلكها جينس من عملاء FBI. وهذا الأمر يفسر لماذا لم تستطع اللجنة تقديم أي دليل من احتمال كون اوزولد يعمل لصالح الحكومة الثورية في كوبا ومناصرته لكاسترو.
وكان شينون مهتماً جداً برحلة اوزولد إلى مدينة مكسيكو في أيلول عام 1963، حيث حاول وفشل في الحصول على سمة دخول إلى الاتحاد السوفيتي وكوبا، وفي مكسيكو (كما يقول شينون) ارتبط اوزولد بعلاقة عابرة مع موظفة في القنصلية الكوبية: كما انه شوهد برفقة الدبلوماسية الكوبية في حفل موسيقي حضره دبلوماسيون كوبيون يحقدون على كيندي، وبعد شهرين من ذلك عاد إلى الأراضي الأمريكية قتل الرئيس وقتل أيضا. ويستطرد الباحث طويلاً للتأكيد على هذا الدليل الجديد حول رحلة اوزولد الى المكسيك، ومع ذلك فان الكتاب لا يذكر شيئاً عن وجود مؤامرة كوبية، مؤكداً على تقصير لجنة وارن وايضاً FBI والـCIA، في إجراء التحقيقات حول ذلك الدليل.
ويضيف المؤلف ان عائلة كندي طالبت بترشيح محدود، لجثة الرئيس الأمريكي، ليس خوفاً من بروز أدلة عن الجريمة، بل انهم كانوا يأملون تجنب الكشف عن مشاكل كندي الصحية ومنها (مرض أديسون)، كما ان المسؤولين في الـFBI لم يعرضوا التقارير الخاصة برحلة اوزولد إلى مدينة المؤامرة الكوبية، وأيضا رغبتهم في عدم الكشف عن عمليات التنصت والمراقبة، والأهم من تلك الأسباب كان الأهم بالنسبة لـ ليندون جونسون وإيرل وارن، جعل مجال التحقيق ضيقا، والانتهاء من الأمر وإزاحته بسرعة، قبل موعد انتخاب الرئيس القادم.
ويقول شينون في كتابه، انه وفي ظل الظروف السيئة في عام 1963، بدا ان توجيه الاتهام إلى السوفيت أو كوبا سيؤدي إلى أزمة في السياسة الخارجية، أو ربما إلى حرب ذرية، وهكذا وضمن ذلك النطاق –بدا ان تقليص عمل لجنة وارن، كما بدا، سياسة جيدة ولكنه كان أيضا مرحلة سيئة من تاريخ التحقيقات.
وكان ثمن ما جرى، أن عملية اغتيال كندي ما تزال مبهمة، وبعد مضي 50 عاماً، كتبت عنها مئات الألوف من الصفحات، تشرح وتفسر وتحلل عمل لجنة وارن، ويقول شينون، كلما أوغلنا في الكشف عن الأسرار، كانت معلوماتنا ماتزال قليلة، وهذا الكتاب سجل لما اكتشفت من أن كم الحقائق حول اغتيال كيندي لم يكشف عنها حتى اليوم.
عن واشنطن بوست